الضغوط الجيوسياسية تهدد الأسواق العالمية في 2020

يبدو أن عام 2020 يحمل في طياته العديد من الأحداث السياسية والاقتصادية التي يتوقع أن تُلقي بظلالها على الأسواق العالمية بما قد يُشكل تهديداً للمكاسب القوية التي حققتها تلك الأسواق في العام الماضي.

وشهدت الأسواق المالية أداءً قوياً في نهاية عام 2019، حيث ارتفع مؤشر الأسهم الأمريكية ستاندرد أند بورز 3% على أساس شهري في ديسمبر الماضي، وتخطت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات مستوى 1.9%، وذلك بفضل تزايد التفاؤل بشأن مستقبل النمو العالمي وسط بيانات اقتصادية مشجعة، بالإضافة إلى التوصل إلى “المرحلة الأولى” من الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

ومع بداية أول أشهر عام 2020 لاحت في الأفق أزمة سياسية بين الولايات المتحدة وإيران سرعان ما تحولت إلى اشتباك عسكري بين الطرفين، واستمرار هذا الصراع يمثل تهديداً مباشراً للاقتصاد العالمي بشكل عام واقتصاد منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص بصفتها المنطقة الشاهدة على سخونة الأحداث والأكثر عُرضة لتبعات وويلات أي حرب تنشب بين هذه الأطراف.

في المقابل، فإن التهدئة الأخيرة من الجانب الإيراني تُشير إلى احتمال كبير في تراجع حدة الخلاف مع الولايات المتحدة، وخاصة بعد تهديد الأخيرة للجانب الإيراني بالمزيد من العقوبات التي تراها إيران إضراراً مباشراً لاقتصادها الذي يُعاني أساساً من صعوبات داخلية على كافة القطاعات، بالإضافة إلى احتدام الوضع السياسي وتأجيج الشارع الإيراني الذي يسير على سطح صفيح ساخن.

تصاعد حدة التوتر بين أمريكا وإيران يصعد بأسعار النفط:

بدأ العام الجديد مصحوباً بتصدر المخاطر الجيوسياسية للواجهة في أسواق النفط، حيث قفز سعر مزيج خام برنت أكثر من 3% ليصل إلى 69 دولاراً للبرميل بعد تنفيذ هجمة جوية بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار استهدفت مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني أثناء تواجده في العراق.

وفي ظل تصاعد التوترات الإقليمية واتخاذ إيران خطوة انتقامية لاحقاً تمثلت في شن هجوم على قاعدة عسكرية أمريكية في العراق، يبدو أن أسعار النفط استفادت على الفور (ولكن لفترة وجيزة) من تصعيد المخاطر الجيوسياسية، فضلاً عن ديناميكيات العرض والطلب التي بدأت في الظهور بنهاية العام 2019.

وساهم ذلك الأخير في دفع مزيج خام برنت للارتفاع لينهي تداولات العام بمكاسب سنوية بلغت 23% فيما يعد أفضل أداء له منذ العام 2016.

وشملت تلك العوامل التوصل إلى الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة والصين وقرار الأوبك وحلفائها بخفض إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياً عن المستويات الحالية (لتصل بذلك كمية الخفض الإجمالية إلى 2.1 مليون برميل يومياً) حتى مارس على الأقل.

وتتوقع الأسواق أن يساهم قرار أوبك في الحد من تراكم الامدادات وسحب تخمة المخزون.

اقتصاديون: الفرصة سانحة لعودة الهدوء العالمي في الأيام القليلة المُقبلة

ويرى خبراء اقتصاديون أن الفرصة سانحة لعودة الهدوء العالمي في الأيام القليلة المُقبلة نظراً لتراجع حالة التشاؤم المتعلقة بمناخ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي في ظل صدور بيانات اقتصادية جيدة لاسيما على صعيد الوظائف والإسكان ونشاط قطاع الخدمات.

كما يرى الخبراء أن تزايد التفاؤل للأيام القادم يأتي على خلفية التوصل إلى اتفاق تجاري جزئي للتجارة بين الولايات المتحدة والصين بما يخفف من حدة الضغط على الولايات المتحدة التي ما زالت تواجه ضعفاً في أداء قطاع الصناعات التحويلية.

وفي ظل الوضع الاقتصادي القوي إلى حد ما وقوة سوق الأوراق المالية واحتواء معدلات التضخم وتراجع المخاطر المتعلقة بالتجارة الخارجية، تشير كل تلك العوامل إلى غياب الحاجة لدفع الاحتياطي الفيدرالي لتغيير أسعار الفائدة عن المستويات الحالية.

وتأكيداً لذلك، عزز محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الذي عقد في ديسمبر الماضي تلك التوجهات في ظل تزايد إجماع المسؤولين للإبقاء على السياسة النقدية دون تغيير خلال العام 2020.

وستجلب الهدنة الأمريكية-الصينية فعلياً استقراراً مؤقتاً للنزاع الذي استمر على مدى 18 شهراً، ومن المقرر أن تدخل الاتفاقية بين البلدين حيز التنفيذ اعتباراً من 15 يناير الجاري.

وبمقتضى شروط تلك الصفقة، تلتزم الصين بشراء سلع زراعية أمريكية بقيمة 40 مليار دولار سنوياً، وتتخذ خطوات لإنهاء نقل التكنولوجيا القسري وتجنب خفض قيمة العملة للحصول على ميزة تنافسية.

وفي المقابل ستقوم الولايات المتحدة بخفض الرسوم الجمركية التي فرضتها على الواردات الصينية في سبتمبر بمعدل النصف لتصل إلى 15%، كما قررت تعليق قرار زيادة الرسوم الجمركية المزمع تطبيقه في ديسمبر الماضي.

وعلى الرغم من اعتبار تلك الاتفاقية بمثابة خطوة أولى نحو التخفيف من حدة الخلاف الذي أثر سلباً على مستويات الثقة والتجارة والصناعة في كافة أنحاء العالم والذي من شأنه أن يضمن أيضاً عدم تطبيق أي زيادة مستقبلية في الرسوم الجمركية، إلا أنه بمقتضى هذا الاتفاق تلتزم الصين بتسديد رسوم جمركية على واردات أمريكية بقيمة 250 مليار دولار من الصين والتي تم فرضها قبل سبتمبر، كما يخلف ورائه بعض القضايا الشائكة مثل الدعوم التي تقدمها الحكومة الصينية والاختراقات الإلكترونية دون ايجاد حلول لها.

العوامل السياسية تهدد “المرحلة الثانية” من اتفاقية التجارة

هذا وقد تتأثر إمكانية التوصل إلى “المرحلة الثانية” من الاتفاق بالعوامل السياسية قبل موعد اجراء الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، وكذلك الحد الذي لا يشجع فيه الاتفاق الاحتياطي الفيدرالي من مواصلة مساعيه تجاه مزيد من السياسة النقدية التيسيرية، وهو الأمر الذي قد ينتج عنه دفع الاقتصاد الأمريكي لتسجيل نمو إيجابياً وإن كان بمعدلات متواضعة.

أما الاقتصاد الصيني فسوف يتنفس الصعداء مع دخول “المرحلة الأولى” من الاتفاقية التجارية مع الولايات المتحدة حيز التنفيذ، وهو الأمر الذي من شأنه إعطاء دفعه قوية للقطاع الخارجي الذي هو في أشد الحاجة إليها بعد انخفاض الصادرات (-1.2% على أساس سنوي) للشهر الرابع على التوالي في نوفمبر.

وفي ذات الوقت، من المتوقع تطبيق المزيد من التدابير التيسيرية على الصعيدين النقدي والمالي سعياً لتعزيز الدعم الاقتصادي في الصين، حيث أعلن البنك المركزي خفض نسبة متطلبات الاحتياطي للمؤسسات المالية بمقدار 50 نقطة أساس (بداية من 6 يناير) بما سيساهم في ضخ 800 مليار يوان (115 مليار دولار) من السيولة في النظام المصرفي ويسمح للبنوك بتقليل تكاليف الإقراض المقدم للقطاع الخاص.

ويبدو أن سلسلة التدابير المؤيدة للنمو ما زالت تؤدي وظائفها حتى الآن، حيث تشير أحدث بيانات مؤشر مديري المشتريات التصنيعي إلى توافر علامات دالة على الاستقرار الاقتصادي. وعلى إثر ذلك، ارتفعت قيمة اليوان للشهر الرابع على التوالي في ديسمبر، في حين ارتفع سعر الصرف المركزي بنسبة 0.8% ليصل إلى 6.98 يوان / الدولار الأمريكي.

النمو الإجمالي في منطقة اليورو “ما يزال ضعيفاً”

على صعيد منطقة اليورو، ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب بنهاية شهر ديسمبر إلى 50.9 مقابل 50.6 في نوفمبر 2019، إلا أن هذا الارتفاع يُشير إلى أن معدل النمو الإجمالي ما يزال ضعيفاً.

واستناداً إلى الاتجاهات السابقة، قد يكون هذا الوضع متسقاً مع نمو الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 0.1% فقط على أساس ربع سنوي في الربع الرابع من العام 2019، فيما يعد أقل بكثير من الاتجاه السائد، كما أنه أقل من معدل النمو 0.2% المسجل في الربعين الثاني والثالث.

وبحسب تقارير، تُشير استطلاعات الرأي الأخرى إلى أن أسوأ تباطؤ في النشاط الاقتصادي قد يكون قد انتهى، إلا أن الانتعاش سيكون تدريجياً نظراً لاستمرار هشاشة الأوضاع الخارجية وتوافر إشارات تدل على تباطؤ سوق العمل، هذا بالإضافة إلى استمرار تردد الحكومة الألمانية في توفير حوافز مالية كبيرة.

وبعد قيام البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة إلى (-0.5%) في سبتمبر وإعادة تبني برنامج التيسير الكمي في نوفمبر فقد تتمثل خطوته القادمة في توسعه نطاق السياسة النقدية التيسيرية خلال الأشهر القليلة المقبلة نظراً لبلوغ معدل التضخم الأساسي 1.3% على أساس سنوي في ديسمبر فيما يعد أدنى بكثير من الحد المستهدف للبنك المركزي الأوروبي “دون نسبة 2% ولكن قريباً منها”.

إلا أن النطاق قد يكون محدوداً على خلفية المخاوف المتعلقة بمدى تأثير معدلات الفائدة السلبية على الاستقرار المالي، وانتهاء عهد ماريو دراجي الذي اتسم باتباع سياسة نقدية تيسيريه وان تميز بمكانة ونفوذ قوي كرئيس للبنك المركزي الأوروبي، هذا إلى جانب قيام البنك بتقييم عواقب الافراط في اتباع التدابير التيسيرية كجزء من مراجعته الاستراتيجية الأوسع نطاقاً للسياسة النقدية خلال العام الحالي.

المملكة المتحدة تمضي قدماً في انفصالها عن الاتحاد الأوروبي

وفي المملكة المتحدة، حقق حزب المحافظين فوزاً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 12 ديسمبر والتي اسفرت عن حصول رئيس الوزراء بوريس جونسون على أغلبية مريحة في البرلمان على مدار الأعوام الخمسة المقبلة.

وفي الأسبوع التالي، تمكن البرلمان البريطاني من تمرير صفقة انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي بسهولة وفقاً للنص الذي أعاد جونسون التفاوض عليه بما يمهد الطريق أمام المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي بنهاية يناير 2020.

وستدخل المملكة المتحدة فترة انتقالية مدتها 11 شهراً تبدأ في فبراير يتطلع خلالها الجانبان إلى التفاوض للتوصل إلى اتفاق يحكم العلاقة التجارية بين الطرفين في المستقبل، مع إمكانية أن يصر الاتحاد الأوروبي على توسيع نطاق التوافق التنظيمي من جهة المملكة المتحدة مقابل فتح المجال أمامها للوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي.

ويفضل جونسون التوصل إلى تدابير أكثر مرونةً واستبعد تمديد الفترة الانتقالية إلى ما بعد العام 2020 بما قد يؤدي إلى عودة المملكة المتحدة إلى تنظيم معاملاتها التجارية وفقاً لشروط منظمة التجارة العالمية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول ذلك الوقت.

وأدت المخاوف من “عدم التوصل إلى اتفاقية ” إلى تخلي الجنيه الإسترليني عن مكاسبه التي حققها فور الانتهاء من مرحلة الانتخابات، وإن كان تراجع حالة عدم اليقين السياسي إلى حد ما وتزايد إمكانية التوصل إلى ميزانية توسعية في مارس من شأنه أن يساهم في تعزيز معدل النمو الاقتصادي فوق مستوى 1% في العام 2020 والإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.

مكاسب قوية بالعملات المشفرة.. والبيتكوين تقفز 5%

حققت العملات الرقمية مكاسب قوية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، مع ارتفاع البيتكوين لأعلى مستوى في شهرين.

وتواصل أكبر العملات الرقمية من حيث القيمة السوقية مكاسبها بعد أن حققت الأسبوع الماضي ارتفاعاً تجاوز 11% ليكون أكبر زيادة أسبوعية منذ أكتوبر الماضي.

وتتمتع العملات الإلكترونية بالمزيد من التفاؤل منذ بداية العام الجديد مع تزايد الطلب على شرائها باعتبارها أداة للتحوط مع عدم اليقين الجيوسياسي.

وبحلول الساعة 9:50 صباحاً بتوقيت جرينتش، ارتفعت البيتكوين بنحو 5% لتصل إلى مستوى لم تشهد منذ نوفمبر الماضي عند 8537.3 دولار.

كما زادت الإيثريوم بنحو 4% عند مستوى 149.5 دولار، في الوقت الذي ارتفعت فيه الريبل بنسبة 2.04% لتصل إلى مستوى 0.217 دولار.

فيما صعدت البيتكوين كاش بنحو 7.26% لتكون الأفضل أداء في قائمة الخمسة الكبار في العملات الرقمية لتصل إلى مستوى 284.08 دولار.

فين حين كانت عملة “تيثير” في النطاق الأحمر حيث تراجعت بنحو 0.26% إلى مستوى 1 دولاراً.

منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. 75% من حسابات المُستثمر بالتجزئة تخسر أموالاً عند التداول على عقود الفروقات مع هذا المُزود. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.

شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.

شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.

شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.