هل فقدت أسعار النفط زخم المكاسب سريعاً؟

يبدو أن أسعار النفط أمامها طريقاً طويلاً للعودة لمستويات قبل جائحة كورونا، فبعد أن توسم المستثمرون خيراً في التعافي السريع الذي حدث في الفترة الأخيرة، عادت مخاوف توازن العرض والطلب لتطل برأسها من جديد في سوق الخام.

لم تستفد أسعار الذهب الأسود كثيراً من اتفاق تحالف “أوبك+” على تمديد الصفقة التاريخية لخفض الإمدادات والبالغة 9.7 مليون برميل يومياً لتكون من 1 مايو الماضي وحتى نهاية يوليو المقبل، ربما لأن ذلك قد تم تسعيره بالفعل في سوق النفط.

وسجلت أسعار النفط خسائر بنحو 8.3% خلال الأسبوع الماضي، وهي الأولى بعد ستة أسابيع من المكاسب التي رفعت الأسعار عن أدنى مستوياتها على الإطلاق في أبريل المنصرم.

*(تعافي غير مستقر لأسعار النفط، المصدر وكالة بلومبرج)

 فما السر وراء هذا التراجع وهل فقد الخام زخم الصعود سريعاً؟ تحديداً هناك سببين رئيسيين لهبوط الأسعار، الأول ينبع من مخاوف عودة قفزة المعروض من النفط مع تراخي كبار المنتجين في كبح جماح الإمدادات، والثاني يبرز من القلق جراء اندلاع موجة ثانية لوباء كورونا.

بالنسبة للعامل الأول، صدمت السعودية الأسواق في بداية الأسبوع الماضي عندما قالت على لسان وزير الطاقة السعودي إن الرياض والكويت والإمارات لن يواصلوا التخفيضات الطوعية الإضافية التي تبلغ 1.18 مليون برميل يومياً في الشهر المقبل، لتكتفي هذه الدول بالتخفيض المتفق عليه ضمن اتفاقية “أوبك+”.

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إن هذا القرار جاء وسط علامات على انتعاش الطلب، حيث ترفع الدول في جميع أنحاء العالم إجراءات الإغلاق الصارمة.

لكن يرى “جيم ريتربوش” رئيس شركة “لدى “ريتربوش آند أسوسيتس”: “في حين أنه لا يزال من الممكن تقديم حجة صعودية حيث يستمر الإنتاج في الانخفاض مع استمرار تحسن الطلب، فإننا نتطلع إلى الاتجاه الهبوطي في الإنتاج ليبدأ في التباطؤ بشكل ملحوظ بينما يمكن تقليص انتعاش الطلب إذا استمرت إصابات الفيروس في الارتفاع”. 

وتهدف السعودية وروسيا القيام بموازنة دفع أسعار النفط إلى الارتفاع لتلبية احتياجات ميزانيتها بينما لا تدفعها فوق 50 دولارًا للبرميل لتجنب تشجيع عودة إنتاج النفط الصخري المنافس للولايات المتحدة.

كما يجب على كبار المنتجين أيضًا أن يوازنوا التعافي النسبي في الطلب العالمي مقابل احتمال عودة المعروض من ليبيا بعد أشهر من الحصار الذي أغلق معظم إنتاجها من الخام بالإضافة إلى ضعف الامتثال للتخفيضات الموعودة من المنتجين مثل العراق ونيجيريا.

لكن في الظروف الحالية وعدم اليقين الذي يفرضه الوباء، تبدو الموازنة بين العرض الطلب معادلة صعبة، حيث يجب أن يمتص السوق ملايين البراميل من النفط التي سيتم إطلاقها من التخزين قبل التفكير في التخلي عن خفض الإنتاج، لذا يقول وزير الطاقة الروسي “ألكسندر نوفاك” إنه من السابق لأوانه توقع الوضع في أغسطس، مضيفًا أن الشرط المسبق الرئيسي لأي تمديد إضافي للصفقة سيكون سرعة انتعاش الطلب ومستوى المخزونات.

ويقول “جوليان لي” في تحليل لموقع “بلومبرج أوبينيون” إن المنتجين بحاجة إلى توخي الحذر، حيث إن مسألة البدء في زيادة الإنتاج أمر مغرٍ للغاية، لكن لا ينبغي التعامل مع التعافي الأخير في أسعار النفط على أنه بمثابة حجة لزيادة الإمدادات النفطية.

ومن المبكر للغاية حقاً بالنسبة للمنتجين للشعور بالراحة، فمن ناحية لا تزال المخزونات العالمية تتراكم وعلى رأسها مخزونات الخام الأمريكية التي ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 538.1 مليون برميل في الأسبوع الماضي. 

ومن ناحية أخرى، أن الطلب على النفط في الولايات المتحدة أو أوروبا أو في الغالبية العظمى من آسيا بعيداً عن الصين، لم ينتعش بعد، بل عادت مخاوف الطلب من جديد مع القلق من موجة ثانية للجائحة وهو ما نناقشه فيما يلي.

أما عن العامل الثاني، أدت المخاوف من أن جائحة كورونا لم تنته بعد إلى توقف مسيرة تعافي النفط، حيث أبلغت حوالي ست ولايات أمريكية عن طفرات في الإصابات الجديدة، كما أعلنت الصين ظهور إصابات جديدة بالفيروس في بكين مما قد يعطل التعافي النسبي للطلب من قبل أكبر مستهلك للخام في العالم.

ويقول “بيورنار تونهاوجين” رئيس أسواق النفط في شركة “ريستاد إنيرجي”: “بدأ الخوف في الظهور مرة أخرى، إن المخاوف من أننا قد نشهد بداية موجة ثانية من الوباء تسيطر على التداول”، فيما يرى “وارن باترسون” رئيس قسم السلع في “أي.إن.جي”  أن التعافي في الطلب على النفط  سيكون بالفعل ليكون عملية طويلة، وأن موجة جديدة من الحالات ستثير بالتأكيد مخاوف من أن التعافي في الطلب قد يستغرق وقتًا أطول مما كان يعتقد في البداية”.

كما يوضح “بوب ياوجر” مدير العقود الآجلة للطاقة في “ميزوهو”: “لدينا بالتأكيد حالات إصابات في مناطق لم تتأثر بالفعل من قبل، وهذا يؤدي في النهاية إلى عدد أقل من الأشخاص الذين يقودون سياراتهم، ويقل الطلب على البنزين”.

علاوة على ذلك، حذرت شركة النفط “بي.بي” من أن جائحة “كوفيد-19” سيكون له تأثيراً اقتصادياً دائماً، مما يضر بالطلب على النفط ويثقل كاهل أسعار الطاقة، مما دفع الشركة البريطانية لخفض توقعاتها لأسعار النفط حتى عام 2050، حيث تقدر أن يبلغ متوسط ​سعر ​العقود الآجلة لخام برنت القياسي حوالي 55 دولارًا للبرميل من 2021 حتى 2050.

كما أن النظرات المستقبلية السلبية من بنوك الاستثمار العالمية ضغطت على أسعار الخام هي الأخرى، إذ قال بنك “مورجان ستانلي” في مذكرة بحثية إن الارتفاع السريع لأسعار النفط قد يعقبه موجة هبوط على نفس القدر من السرعة مع تلاشي آثار تخفيضات الانتاج والتركيز على أساسيات السوق.

فيما حذر بنك الاستثمار العالمي “جولدمان ساكس” هو الأخر من أن أسعار النفط قد تتعرض لحركة تصحيحية تصل إلى 20% مع فقدان زخم الصعود خلال الفترة المقبلة متوقعاً أن تصل أسعار للخام على المدى القصير حول مستويات 35 دولار للبرميل.

لكن على العكس من ذلك، رفع بنك “باركليز” تقديراته لأسعار الخام خلال العام الجاري، متوقعاً أن يبلغ متوسط ​سعر خام ​برنت القياسي 41 دولاراً وخام نايمكس الأمريكي 37 دولاراً خلال العام الجاري.

خلاصة القول، لا يزال الضباب يكسو الصورة المستقبلية لأسعار النفط التي تتأرجح بشكل عام بين الهبوط والصعود مع محاولات موازنة العرض والطلب، حيث يختلف المحللون فيما بينهم بشأن تقديرات الأسعار، لكن الأمر المتفق عليه هو أن زوال غمة كورونا من شأنها أن تعود بأسعار النفط إلى الاستقرار على الأقل.

منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.

شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.

شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.

شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.