هل ستقود الصين قطار تعافي الاقتصاد العالمي؟

يبدو أن العملاق الآسيوي، الذي سقط قبل أشهر فقط في أزمة الوباء، قد حقق تحولًا ملحوظًا تجعله على استعداد لدفع دورة اقتصادية أخرى، مع اضطراب الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا، فإن الصين في وضع فريد لقيادة التعافي اللاحق.

مثل الدول الأخرى التي تعرضت لـ”كوفيد-19″، عانى الاقتصاد الصيني بشدة خلال فترة تفشي المرض، وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.8% على أساس سنوي لأول مرة منذ عام 1992 خلال الفترة من يناير إلى مارس الماضي، بما في ذلك انخفاض هائل بنسبة 39.2% في مقاطعة هوبي، مركز تفشي المرض.

ومع ذلك، أصبح الوباء تحت السيطرة إلى حد كبير في الصين، وأعيد فتح الاقتصاد  في الوقت الذي يواجه فيه عدد من دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة أسوأ أيام الفيروس، بينما تعكف العديد من الحكومات على إدارة الأزمة الحالية، تتطلع الحكومة الصينية الآن نحو إعادة الاقتصاد إلى المسار الصحيح لبقية عام 2020 وما بعده.

بالطبع، لا يزال ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعيدًا عن التعافي الكامل، لكن يقول الاقتصاديون إن سلسلة من العلامات الأخيرة لزيادة الزخم الاقتصادي تشير إلى أن الصين قد تحقق نموًا إيجابيًا في الربع الثاني من العام الجاري، وهذا ساهم في مكاسب قوية للأسهم والعملة الصينية خلال الأسبوع الماضي، فهل تقود الصين تعافي الاقتصاد العالمي بعدما كانت المركز الرئيسي لتفشي الوباء الذي دمر العالم؟

ماذا تقول المؤشرات الاقتصادية؟

أظهرت بيانات رسمية أن الاقتصاد الصيني انتعش في يونيو حيث استفادت الصادرات والخدمات من سياسات الدعم الحكومية وإعادة فتح بعض الأسواق الخارجية.

وأكد النشاط الصناعي في الصين نموه خلال الشهر الماضي بعدما توسع للمرة الثانية على التوالي، مسجلاً أكبر وتيرة ارتفاع منذ ديسمبر عام 2019 عند مستوى 51.2 نقطة، بحسب بيانات صادرة عن مؤسستي “ماركت” و”كاسين”، كما يوضح الرسم البياني التالي.

وفي السياق نفسه، ارتفعت أرباح الشركات الصناعية في الصين خلال الشهر الماضي للمرة الأولى في 6 أشهر، بنسبة 6% لتصل إلى 582.3 مليار يوان (82 مليار دولار) خلال مايو الماضي، مقارنة مع انخفاض نسبته 4.3% في أبريل السابق له، بحسب بيانات المكتب الوطني للإحصاء في الصين.

كما ارتفع المحرك الآخر للاقتصاد المتمثل في النشاط الخدمي بعكس التوقعات خلال الشهر الماضي، إلى 58.4 نقطة، مسجلاً أكبر وتيرة التوسع لمؤشر مديري المشتريات الخدمي في الصين منذ أبريل عام 2010.

وفي علامة أخرى على استمرار تعافي الطلب، ارتفعت مبيعات السيارات في الصين بنحو 11% خلال يونيو للمرة الثالثة على التوالي لتسجل 2.28 مليون مركبة، في إشارة على أن التعافي الاقتصادي آخذ في التزايد مع التلاشي التدريجي لوباء كورونا.

واستمرت مبيعات السيارات في الصين في الاتجاه الصعودي للشهر الثالث على التوالي، بعد ارتفاع بلغ 14% و4% في شهري مايو وأبريل على الترتيب.

بالطبع، كان لهذا الزخم في البيانات الاقتصادية تأثيرا على رؤية الاقتصاديين حيث قاموا بزيادة توقعاتهم للنمو الاقتصادي في الصين في هذا الربع الثاني ولعام 2020، مما يشير إلى مزيد من التفاؤل بأن البلاد في طريقها نحو الانتعاش التدريجي.

وفقًا لمتوسط تقديرات الاقتصاديين في استطلاع لوكالة “بلومبرج” سيتوسع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5% في الربع الثاني من 2020 على أساس سنوي، مقارنة مع تقديرات سابقة بنمو 1.2%، كما رفع كما الاقتصاديون توقعات النمو للعام بأكمله إلى 1.8% من 1.7%.

وتشير التوقعات إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيكون قادرًا على الهروب من الركود الفني الذي تصوره بعض الاقتصاديين بعد التراجع التاريخي بنسبة 6.8% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وفي الوقت نفسه، بينما عادت الصناعة إلى النمو، لا تزال الأسر حذرة ولا يزال الاستهلاك في انكماش.

ويوضح “إيدان ياو” كبير الاقتصاديين في “أكسا إس إيه” في هونج كونج: “استمر الاقتصاد الصيني في استعادة زخم النمو، مع عودة الإنتاج الصناعي والخدمات إلى استئناف النمو، نتوقع الآن نموًا إيجابيًا في نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني”.

كما يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 1% خلال العام الجاري، على أن ينمو بنسبة 8.2% في العام المقبل، ليقود جميع الاقتصادات الكبرى.

الأسواق تنتعش بدعم التفاؤل الاقتصادي

اقتحمت الأسهم الصينية السوق الصاعدة مؤكدة أن الاقتصاد يتعافى من وباء كورونا وأن البلاد تتجه لفترة من الازدهار، لينهى مؤشر شنغهاي المركب أفضل أسبوع له منذ خمس سنوات في ختام جلسات الجمعة بعدما حقق مكاسب بنحو 7.3%.

وتوقع بنك “جولدمان ساكس” هذا الأسبوع أن مؤشر “سي.إس.اي 300” – وهو مؤشر لأسهم الشركات الكبرى في شنغهاي وشنتشن – سيرتفع بنسبة 15% أخرى خلال الأشهر القليلة المقبلة، والتي نسبها المحللون إلى “إعادة فتح اقتصادي قوي” و “خطاب حكومي إيجابي تجاه الأسهم” من بين عوامل أخرى.

وكتبت “ايكونوميك ديلي” المملوكة للدولة في مقال تقول: ” إن ارتفاع سوق الأسهم سيخفف من صعوبات الشركات في جمع الأموال ويعزز الاقتصاد الحقيقي ويسرع استئناف العمل، لكن السوق الصاعدة لا تعني أننا يجب أن ندع السوق تخرج عن السيطرة”.

على الرغم من ذلك، كتب “جوليان إيفانز بريتشارد”، كبير الاقتصاديين الصينيين في “كابيتال إيكونوميكس” أن استخدام سوق الأسهم كأداة لدعم الاقتصاد هو استراتيجية محفوفة بالمخاطر.

كما حققت العملة الصينية مكاسب قوية أمام الدولار الأمريكي مؤخراً حيث وصلت إلى أعلى مستوى في 4 أشهر مع التفاؤل بشأن الانتعاش الاقتصادي في الصين، بعدما ارتفع اليوان بنحو 2.3% من أدنى مستوى في 7 أشهر والمسجل أمام الورقة الخضراء في 27 مايو الماضي.

بحسب “بنك أوف أمريكا” ضخ المستثمرين سيولة في صناديق الاستثمار الصينية بأكبر وتيرة منذ يوليو عام 2015، بلغت نحو 6.1 مليار دولار في الأسبوع الماضي.

مع البيانات الاقتصادية الإيجابية وسوق الأسهم المتفائلة، تتجه الصين نحو قيادة التعافي العالمي من جائحة أضرت به كثيراً، ومع أن الأسواق الآسيوية الناشئة كانت المساهم الرئيسي في النمو الاقتصادي العالمي قبل الوباء، ستكون أيضاً ضرورية في دفع الانتعاش مع توقعات أيضاً بنمو إيجابي لاقتصاد الهند في 2020.

مع ذلك، وعلى الرغم من أن التعافي الاقتصادي العالمي سيعتمد على قدرة الحكومات في جميع أنحاء العالم على احتواء كورونا، وبالتالي منع تفشي المرض في المستقبل والسماح للبلدان بإعادة فتح أبواب الأعمال.

وفي ظل السيطرة على الفيروس إلى حد كبير في الصين والحكومة مجهزة بالموارد اللازمة لتحفيز الاقتصاد، من المقرر أن تكون الصين بشكل خاص رائدة في التعافي العالمي، مع قدرة إنتاجية لا مثيل لها وسوق استهلاكية هائلة.

منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.

شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.

شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.

شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.