هل انتهى شهر العسل بين الدولار الأمريكي وكورونا؟

مع تفاقم أزمة كورونا، كان يُنظر إلى الدولار الأمريكي على أنه عملة الملاذ الأخير وسط الانهيارات التي شهدتها كافة الأصول مع اتباع المستثمرين نهج “بيع كل شيء” مقابل الاحتفاظ بالسيولة، لكن في الوقت الحالي يبدو أن شهر العسل بين العملة الأمريكية والوباء قد انتهى.

ووصلت الورقة الخضراء في (20 مارس) الماضي لأعلى مستوى في عامين عند (102.817) في الوقت الذي كان ينتشر فيه الذعر بين المستثمرين مع تفشي فيروس كورونا سريعاً حول العالم، لكن مع الحزم التحفيزية غير المسبوقة بمليارات الدولارات التي ضختها الحكومات والبنوك المركزية، تخلى الدولار عن هذا المستوى ليتأرجح بين الصعود والهبوط.

ومنذ أواخر الشهر الماضي تحديداً (27 مايو)، سلك مؤشر الدولار الأمريكي الذي يبتع أداء العملة أمام 6 عملات رئيسية طريق الخسائر فقط ليسجل أدنى مستوى منذ (12 مارس) الماضي ويحوم حول (97.300) لتصل خسائره منذ أعلى مستوى مسجل في العام الحالي لنحو 5.2%.

ويستمر الدولار الأمريكي بذلك الهبوط في موجة من الخسائر دخلت يومها السادس على التوالي بنهاية تعاملات الأربعاء، حيث إن المكاسب شبه المتواصلة لأكثر من عامين قد تكون وصلت إلى النهاية في مارس الماضي.

والسؤال هنا لماذا يتراجع الدولار الأمريكي عالمياً في الوقت الحالي بعد أن كان الحصان الرابح مع تفشي فيروس كورونا؟ هناك ثلاثة أسباب رئيسية سوف نتناولها فيما يلي:

إعادة فتح الاقتصاد

اتجهت العديد من الدول حول العالم مؤخراً إلى التخلي عن قيود الإغلاق التي تم اتخاذها لمكافحة تفشي كورونا وإعادة فتح كافة الأنشطة الاقتصادية تدريجياً مما يعزز آمال التعافي السريع للاقتصاد بعد الانكماش الحاد وهما يجعل المستثمرين يتخلون عن العملة الأمريكية باعتبارها ملاذاً آمناً مقابل الاتجاه للأصول الخطرة.

ويراهن المحللون في بنك “جولدمان ساكس” على هبوط الدولار مع تراجع معدلات الإصابة بفيروس كورونا، وإعادة فتح الاقتصاديات التي ستدفع المستثمرين للتخلي عن عملة الملاذ الآمن، قائلين: “أن الوضع الآن قد تغير مقارنة برؤيتهم السابقة والتي كانت لا تفضل الرهان على هبوط الدولار في المحافظ الاستثمارية خلال الأشهر القليلة الماضية”.

وأضاف المحللون الاقتصادات الكبرى بما في ذلك الصين بدأت في إعادة الفتح وسط انخفاض معدلات الإصابة بالفيروس، مع الإشارة إلى أنه من المناسب الآن بالنسبة للمستثمرين اتخاذ مراكز هبوطية للدولار في محافظهم الاستثمارية.

ويقول “يوكيو إشيزوكي” خبير الصرف الأجنبي في “دايوا سكيورتيز”: “الدولار الأمريكي ضعيف بشكل عام، والتعافي الاقتصادي هو العامل الرئيسي في ذلك”، وهو ما يتماشى مع رؤية محللي “جي.بي.مورجان” وهى أن المشاعر الأكثر إشراقا بشأن النمو العالمي، مع تخفيف عمليات الإغلاق، أصبحت محركاً رئيسياً لعمليات بيع الدولار.

لكن ذهب “كالفن تسي” الاستراتيجي في “سيتي جروب” بعيداً عن ذلك يرى أن الدولار قد يواجه الآن ضعفًا طويلاً، موضحاً: “إذا كان الاقتصاد العالمي في الحقيقة ينتعش ويعود إلى الارتفاع مرة أخرى، وأسعار الفائدة الأمريكية عند مستوى الصفر، فيمكننا أن نرى الدولار يدخل في سوق هابطة قد تستمر لمدة خمس إلى عشر سنوات”.

وتفاءل المستثمرون بأن الأسوأ بالنسبة للاقتصاد العالمي قد انتهى، خاصة مع إظهار أحدث البيانات الاقتصادية علامات على التعافي، حيث ارتفع النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة لأعلى مستوى في شهرين.

كما صعد النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو لأعلى مستوى في 3 أشهر خلال الشهر الماضي ليسجل 31.9 نقطة، بدعم أداء القطاع الخدمي، مع حقيقة أن إيطاليا كانت الأفضل أداءً يليها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا على الترتيب.

فيما شهدت الصين- مركز تفشي الوباء- تعافياً ملحوظاً في النشاط الصناعي والخدمي خلال الشهر الماضي بتجاوز التوقعات.

انتعاش اليورو والإسترليني

يمثل اليورو والإسترليني حوالي 60% من قيمة مؤشر الدولار، وبالتالي أي مكاسب لهذين العملتين يقابلها خسائر للعملة الأمريكية، وفي الوقت الحالي يشهد اليورو والإسترليني مكاسب قوية.

ارتفعت العملة الأوروبية الموحدة لأعلى مستوى في 11 أسبوعاً أمام نظيرتها الأمريكية حيث تجاوز مستوى 1.12 دولار، لتواصل طريق المكاسب لليوم السابع على التوالي- أطول موجة مكاسب منذ ديسمبر 2013- التي بدأته منذ أن أعلنت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي خطتها لإنقاذ اقتصاد منطقة اليورو من أسوأ أزمة تواجهها منذ فترة الثلاثينيات.

*(أداء اليورو أمام الدولار منذ بداية الشهر الماضي، بحسب وكالة “بلومبرج”)

وبعد العديد من الخلافات، كشفت المفوضية الأوروبية النقاب عن خطتها التمويلية لإنعاش اقتصاد منطقة اليورو بقيمة 750 مليار يورو (826.5 مليار دولار)، ورغم أن الخطة ستخضع لمناقشة قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الـ27 عبر مكالمة فيديو يوم 18 يونيو الجاري إلا أن المستثمرين اعتبروها خطوة إيجابية لإنقاذ الاقتصاد.

وتقوم الخطة على اقتراض المبلغ من الأسواق مع خطط سداد في غضون ثلاثة عقود من 2028 وحتى 2058 وذلك عبر ميزانية الاتحاد الأوروبي، وسيتم استخدامه من خلال منح بقيمة 500 مليار يورو و250 مليار يورو في شكل قروض للدول الأعضاء.

كما يلقى اليورو الدعم مع توقعات بأن البنك المركزي الأوروبي سيزيد برنامج شراء السندات الذي تبلغ تكلفته 750 مليار يورو (839.25 مليار دولار) بواقع 500 مليار يورو في اجتماعه هذا الأسبوع، وكذلك التقارير التي تُشير إلى فرض الحكومة الألمانية حزمة تحفيزات أخرى.

وبالنسبة للإسترليني، فإنه يحوم حالياً حول أعلى مستوى في شهر أمام الدولار مع التفاؤل بشأن مرونة المملكة المتحدة في المحادثات مع الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع بشأن العلاقة التجارية بين الطرفين بعد انتهاء الفترة الانتقالية للبريكست نهاية العام الجاري.

الاضطرابات في الولايات المتحدة

تعرض الدولار للضغط مع الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت في الولايات المتحدة منذ الأسبوع الماضي، اعتراضاً على وفاة مواطن من أصول أفريقية يدعى “جورج فلويد” على يد الشرطة، مما دفع بعض الولايات لفرض حظر التجوال.

ومن جانبه، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشر الجيش إذا فشلت الولايات والمدن في قمع المظاهرات الدامية.

ويرى “مايكل هيوسون ” كبير المحللين في “سي.ام.سي ماركتس”: “الاحتجاجات جزء من أسباب عمليات بيع الدولار على مدى الأيام الأربعة أو الخمسة الماضية، عندما تكون هناك أعمال شغب في الشوارع ويقول الرئيس أنه سيتم استدعاء الجيش، فإنه يضيف بعض الغموض على المدى القريب”.

ويقول “إلوين دي جروت” المحلل في “رابوبانك”: “بطريقة ما، من المثير للاهتمام أن السوق لا تزال في هذه الحالة الإيجابية، حتى مع هذه الاحتجاجات المتزايدة في الولايات المتحدة والوضع بشأن هونج كونج في الوقت الحالي، فإن السوق يضغط ويرى مجالاً للتفاؤل”.

خلاصة القول، أن العلاقة الجيدة بين تفشي الوباء والدولار يبدو أنها قد انتهت بدافع من رفع الإجراءات المرتبطة بفيروس كورونا نفسه، أوعوامل أخرى كارتفاع اليورو وآمال التعافي الاقتصاد، فهل يواصل الدولار هبوطه ويفقد مكانته تدريجياً أم يعاود الصعود مجدداً؟

منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.

شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.

شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.

شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.