بمزيج من الإعجاب والخوف، شهد عالم الاستثمار ظاهرة تقنية غير مسبوقة في الأيام الماضية حيث دفع اتفاق لمستثمرين أفراد عبر منتدى “ريديت” أسهم شركات كانت تحتضر إلى ارتفاعات جنونية؛ في هوس غريب أصاب “وول ستريت” وتصدره سهم “جيم ستوب”.
إذا حكى أحد لك عن قيام مجموعة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أو المتداولين الهواة الذين يتبادلون الرؤى الاستثمارية عبر منتديات الدردشة بقلب الأسواق المالية وهز عرش “وول ستريت”، فإنك قد تستبعد ذلك، وتظن أنها نكتة سمجة، لكن واقعياً هذا ما شاهدناه في الأسبوع الماضي.
ماذا حدث؟
ببساطة، تتجلى هذه القصة في أن مجموعة من مستثمري التجزئة العاديين سخّروا قوة الإنترنت لتحدي مستثمري صناديق التحوط الذين راهنوا عمداً وبشكل هائل على هبوط أسهم “جيم ستوب” وأنها في طريقها لإعلان الإفلاس، وعلى ما يبدو أن المستثمرين الهواة تغلبوا على حيتان “وول ستريت”.
بدأت القصة عندما ضرب الوباء الشركة العاملة في البيع بالتجزئة للألعاب والمنتجات الترفيهية مع قلة التسوق في أكثر من 5 آلاف فرع تمتلكه “جيم ستوب” عالمياً، حتى وصل السهم إلى 6 دولارات في منتصف 2020، مقارنة مع 18 دولاراً هو سهم الطرح العام الذي تم في 2002، قبل أن يتعافى إلى 20 دولاراً في بداية العام الجديد.
وفي نتائج الأعمال للربع المالي الثالث- أحدث ما أعلنت الشركة- بلغت خسائر “جيم ستوب” 19 مليون دولار، كما تراجعت المبيعات بأكثر من 30% لتصل إلى مليار دولار مع استمرار تداعيات الوباء، ودفع الأداء المالي الضعيف صناديق الاستثمار للمراهنة على خسائر سهم “جيم ستوب” من خلال ما يسمى “الشورت سيلنج” أو البيع على المكشوف حيث يهدف المستثمرون لتحقيق أرباح عن طريق المراهنة على انخفاض السهم من خلال اقتراضه وبيعه على الفور ثم إعادة شرائه ورده لاحقاً.
لكن على عكس المتوقع، كان لمجتمع رهانات وول ستريت عبر منتدى “ريديت” وجهة نظر مختلفة على اعتقاد أن سهم “جيم ستوب” مُقدر بأقل من قيمته الحقيقية واتفق هؤلاء المستثمرون الأفراد على شراء أسهم هذه الشركة بناءً على نصائح متبادلة، في المقابل، كانت هناك صعوبة في تخارج صناديق التحوط من عمليات البيع على المكشوف واضطرت إلى شراء الأسهم، التي سبق واقترضتها، بسعر أعلى بكثير، مما شكل طلباً إضافياً على الأسهم، ومن هنا بدأت الهالة على سهم “جيم ستوب”.
ردة فعل صاخبة
ومنذ 11 يناير الماضي، بدأ سهم “جيم ستوب” سلسلة من الارتفاعات الصاروخية قادها المستثمرون الأفراد الذين دفعوا أيضاً أسهم شركات أخرى مثل “بلاكبيري” و”أيه إم سي” لقفزات هائلة، لكن سهم شركة الألعاب تصدر المشهد بعد أن قفز سعره إلى 500 دولاراً لفترة وجيزة يوم الخميس الماضي ثم تراجع بنهاية الجلسة إلى 193 دولاراً، بعد أن قامت منصات مثل “روبن هود” بتقييد عمليات شراء أسهم إضافية وسط هذه التقلبات الحادة.
ومع استمرار المستثمرين الأفراد في الشراء، عاود سهم “جيم ستوب” الارتفاع إلى 325 دولاراً بنهاية الأسبوع، ليرفع مكاسبه خلال يناير إلى 1630%، في المقابل وصلت خسائر صناديق التحوط التي كانت تراهن على هبوط السهم إلى حوالي 20 مليار دولار حتى الجمعة الماضية بحسب بيانات شركاء ” S3″.
*أداء سهم جيم ستوب خلال الشهر الماضي
وفي الحقيقة، يبدو أن الملياردير الأمريكي “إيلون ماسك” كان له دوراً في هذه الضجة التي حدثت في “وول ستريت”، فبعد أن غرّد عبر “تويتر” في الفترة الأخيرة عن البيتكوين وشركة “سيجنال” ودفعهما لمكاسب كبيرة، كانت تغريدته “Gamestonk!!” مصحوبة برابط لمنتدى “رهانات وول ستريت” كافية للتحليق بسهم “GameStop” للسماء، ليتضح لنا أن تحركات “ماسك” بشأن بعض الأسهم والعملات يعتبرها البعض أنها دعوة لقرارات استثمارية بشكل غير مباشر.
مخاوف تنظيمية
لم تمر قصة “جيم ستوب” مرور الكرام على المراقبين والجهات التنظيمية، حيث قالت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية إنها تراجع التقلبات الأخيرة والصعود الحاد لأسهم عدة شركات، متعهدًة بحماية الأفراد ومستثمري التجزئة، كما وعدت أيضاً بمراجعة الإجراءات الصارمة التي تتخذها شركات الوساطة والتي قد تضر بالمستثمرين أو تمنع قدرتهم على تداول أوراق مالية معينة.
ليس هذا فحسب، بل ذكر البيت الأبيض أن الفريق الاقتصادي في إدارة جو بايدن يراقب التحركات الكبيرة لسهم “جيم ستوب” وشركات أخرى، كما أشارت رئيسة مجلس النواب ناسي بيلوسي أن الكونجرس سيكون جزءاً من عملية التدقيق المتعلقة بـ”جيم ستوب”.
الأمر الذي يخشاه المنظمون أن يكون ما حدث لسهم “جيم ستوب” مثالاً على قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على زعزعة المؤسسات القائمة، وسواءً كان مستثمرو التجزئة فعلوا ذلك لتحقيق أرباح لأنفسهم أو حتى لمُزحة عبر الإنترنت، فإنه قد يتم استخدامه كسلاح في المرة القادمة لرفع أو تدمير الشركات الأخرى التي قد تكون أكثر تأثيرًا على الاقتصاد.
أخيراً، دعونا نرى هل سيكون هناك رد فعل للمنظمين والسياسيين يكتب نهاية قصة “جيم ستوب” والمتمثلة في المعركة بين مستثمري التجزئة وصناديق التحوط والتي اندلعت على ما يبدو من العدم في الأسبوع الماضي، أم أنها ستكون بداية لتمكين مستثمري التجزئة؟ خاصة وأنه هذا الهوس بدأ ينتقل إلى أسواق آسيوية وأوروبية أيضاً.
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.