وسط تألق أسهم التكنولوجيا كالعادة وقفزة قطاع الطاقة، حققت أسواق الأسهم أداءً أفضل من المتوقع خلال النصف الأول من العام الجاري؛ إذ تجاوزت العديد من المستويات القياسية، مع تفاؤل المستثمرين بإعادة فتح الاقتصاد، بفضل لقاحات كوفيد-19، ورغم انتشار عدة سلالات من الفيروس وآخرها “دلتا”.
في الواقع، كان للاحتياطي الفيدرالي دورًا كبيرًا في مكاسب الأسهم هذا العام؛ فقد تعرضت الأسهم لهزات قوية في وقت سابق من العام، مع مخاوف التضخم وارتفاع عوائد السندات الحكومية، لكن مع تأكيد البنك المركزي أن هذه الضغوط التضخمية مؤقتة، ولن تُجبره على إنهاء السياسة النقدية التيسيرية على المدى القريب، تمكنت الأسهم من تجاوز هذه العقبات واستمرت في اتجاهها الصعودي.
مكاسب قوية
في النصف الأول من 2021، كان مؤشر ستاندرد آند بورز على موعد مع أرقام مثيرة للإعجاب، حيث سجل 33 إغلاقًا قياسيًا، كما حقق ثاني أفضل أداء نصفي منذ عام 1998، ووصل بالفعل إلى الهدف الذي حدده بعض المحللين للعام بأكمله؛ إذ ارتفع المؤشر الأوسع نطاقًا للأسهم الأمريكية بأكثر من 14% منذ بداية العام، متجاوزًا علامة 4300 نقطة، هو هدف حدده بنك جولدمان ساكس لنهاية العام.
*أداء ستاندرد آند بورز 500 في 2021
وارتفع مؤشرا داو جونز وناسداك أيضًا بنحو 13% و12.7% على التوالي، في النصف الأول من 2021، ودفعت ارتفاعات المؤشرات الثلاثة وول ستريت، إلى تحقيق أفضل أداء نصفي منذ عام 2019، وكذلك مكاسب للربع الخامس على التوالي في أطول موجة صعود فصلية منذ عام 2017، لمؤشر ستاندرد آند بورز، وداو جونز، والأطول منذ عام 2018، لمؤشر ناسداك.
وبالنسبة للأسهم الأوروبية، فقد ارتفع مؤشر ستوكس 600 بنحو 13.5% في النصف الأول من العام الحالي، مسجلُا أعلى مستوياته على الإطلاق، كما حقق مكاسب للفصل الخامس على التوالي، مع بدء رفع قيود الإغلاق المرتبطة بالوباء في عدة دول أوروبية، ما ساهم في ارتفاع مؤشر مديري المشتريات في منطقة اليورو لأعلى مستوى على الإطلاق الشهر الماضي.
وأدت علامات تعافي الاقتصاد الأوروبي إلى زيادة تدفقات الصناديق المشتركة إلى الأسهم الأوروبية حتى الآن لأقوى مستوياتها منذ ست سنوات، وفقًا لتحليل أجراه بنك جولد مان ساكس.
عوامل داعمة
مثلما كان ارتفاع عوائد السندات الأمريكية أعلى 1.7% سببًا في الضغط على سوق الأسهم لبعض الفترات هذا العام، بسبب تسارع التضخم، فإن هبوط العائد أدنى 1.5% مؤخرًا -حيث تمكن الاحتياطي الفيدرالي من تخفيف مخاوف ارتفاع الأسعار- كان من العوامل الداعمة لصعود الأصول الخطرة.
التفاؤل الكبير من قبل المستثمرين بشأن انتعاش النمو الاقتصادي هذا العام بعد صدمة الوباء، من أسباب مكاسب الأسهم أيضًا، بعد زخم البيانات الاقتصادية الإيجابية خاصة في الولايات المتحدة؛ إذ ينمو النشاط الصناعي إلى مستويات قياسية ويتعافى القطاع الخدمي مع تخفيف قيود الإغلاق، فضلًا عن الانتعاشة الهائلة لقطاع التوظيف في الفترة الأخيرة، والذي أصبح محورًا رئيسيًا للأسواق حيث يحاول المستثمرون تحديد كيفية تأثير التحسينات في سوق العمل على خطط سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وفي الأسابيع الأخيرة، نرى تراجع عدد الذين يتقدمون للحصول على إعانة بطالة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى منذ بداية جائحة كورونا، حيث يستمر تعافي الاقتصاد في إضافة وظائف لسوق العمل؛ آخرها شهر يونيو؛ إذ أضاف القطاع غير الزراعي الأمريكي 850 ألف وظيفة، في أكبر وتيرة خلال 10 أشهر، متفوقًا بشكل كبير على تقديرات المحللين.
*عدد الوظائف المضافة منذ يونيو 2019
أسهم القياديات تتألق
في النصف السنوي الأول، كان شركتا مايكروسوفت وفيسبوك على موعد مع التاريخ؛ بعد تجاوز القيمة السوقية نحو 2 تريليون دولار وتريليون دولار على التوالي؛ للمرة الأولى على الإطلاق، وحقق سهم مايكروسوفت ارتفاعًا بأكثر من 22% خلال النصف الأول؛ إذ استفادت من توسعها الكبير في أعمال الحوسبة السحابية، وابتعادها عن تحقيقات مكافحة الاحتكار التي طالت شركات التكنولوجيا الأخرى.
بينما صعد سهم فيسبوك بأكثر من 27%، بعد صدور حكم قانوني برفض شكوى ضد الاحتكار قدمتها لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية، لتصل الشركة لعلامة التريليون دولار في 17 عامًا، لتصبح أسرع شركة أمريكية تصل لهذا المستوى؛ حيث تلقت الدعم من نمو سوق الإعلانات بعد الوباء.
*أداء سهم فيسبوك منذ بداية العام
فيما كان سهم شركة جوجل أكبر الرابحين بين شركات التكنولوجيا الكبرى خلال النصف الأول من 2021؛ إذ حقق مكاسب تقارب 40%، مع الطفرة الذي عززها الوباء في إعلانات يوتيوب وخدمات السحابة، في حين كان سهم آبل أقل الراحين بين عملاقة التكنولوجيا رغم أنها لا تزال الأكبر عالميًا من حيث القيمة السوقية أعلى 2.3 تريليون دولار؛ إذ ارتفع السهم بنحو 3% في الـ 6 أشهر الأولى من العام الجاري.
*أداء سهم جوجل في 2021
أسهم السيارات كانت جديرة بالملاحظة أيضًا خلال النصف الأول؛ فعلى عكس العادة، تألق صناع السيارات التقليديين مثل فورد موتور وجنرال موتورز، حيث ارتفع أسهمها بنحو 70% و40% على التوالي، بينما فشل أداء شركات السيارات الكهربائية في تلبية الطموحات، حيث لا يزال سهم تسلا متراجعًا بحوالي 3% منذ بداية العام رغم المكاسب في الأسابيع الأخيرة، فيما ارتفع سهم نيو بنسبة 3% فقط في 6 أشهر.
وفضلًا عن مكاسب أسهم التكنولوجيا وأداء أسهم السيارات، لا ننسى أيضًا، أن قطاع الطاقة كان من أفضل الداعمين لدفع سوق الأسهم إلى أعلى في النصف الأول من 2021؛ إذ ساهم تعافي أسعار النفط من صدمة الوباء، وارتفاعها لأعلى مستوياتها منذ أكتوبر عام 2018، في تحقيق مكاسب لهذا القطاع بأكثر من 44% منذ بداية العام، مع تألق واضح لسهم شركة مارثون أويل، الذي قفز بأكثر من 100%.
انتشار سلالات كورونا
السؤال الآن، هو لماذا تحقق الأسهم مستويات قياسية غير آبهة بمخاوف سلالات الوباء وآخرها “دلتا”؟
في الحقيقة، يتسبب متحور “دلتا” الأكثر عدوى، الذي تم اكتشافه في الهند، في زيادة إصابات المملكة المتحدة بالفيروس، ويشعر خبراء الصحة بقلق متزايد بشأن انتشاره في أوروبا والولايات المتحدة، لكن المستثمرين تجاهلوا المخاطر إلى حد كبير، واثقين من أن حملات التطعيم ستمنع الحاجة إلى عمليات إغلاق جديدة.
وتزايد إيمان المستثمرين باللقاحات، مع إعلان شركة موديرنا أن التجارب المعملية أثبت أن لقاحها لفيروس كورونا، فعّال ضد السلالات الجديدة بما في ذلك “دلتا”، كما وجدت دراسة أجرتها وكالة الصحة العامة في إنجلترا هذا الشهر أيضًا أن لقاحي فايزر وأسترازينكا قادرين على الحماية من متحور “دلتا” بعد أخذ جرعتين، كل هذه الأخبار يمكن أن تقلل قلق المستثمرين من الحاجة إلى إغلاق جديد يعرقل الانتعاش الاقتصادي الحالي.
ومع تجاهل مخاوف “دلتا”، فإن المستثمرون يتطلعون إلى مستقبل السياسة النقدية بعد أن توقع الاحتياطي الفيدرالي رفع الفائدة مرتين عام 2023 في وقت أقرب من المتوقع، فضلًا عن ترقب موسم الأرباح المقبل، وإمكانية تأثير ذلك على مكاسب الأسهم في المدى القريب.
في النهاية، المستويات القياسية لأسواق الأسهم تبرز حقيقة أن المستهلكين والشركات في الاقتصادات الكبرى يعتقدون أن العالم يطوي الآن صفحة أزمة كورونا، وسط إيمان قوي باللقاحات، فهل تستمر هذه النظرة الإيجابية، أم يكون للاحتياطي الفيدرالي وسلالة “دلتا” رأي آخر؟
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.