رحلة صعودية للنحاس والفضة والذهب.. “أهلا بكم في عصر المعادن”

لا صوت يعلو فوق صحوة المعادن من أزمة الوباء في الوقت الحالي، ووسط مكاسب قوية للنحاس والذهب والفضة عند أعلى مستوى في عدة سنوات، فلن تكون مبالغة إذا أن كورونا مهد الطريق لـ”عصر المعادن” أو أننا بدأناه بالفعل.

من الصعب جدًا في الوقت الحالي أن نرى حجة تقف أمام صعود المعادن ولو لتأخذ قسطاً من الراحة فهناك مخاوف اقتصادية من كارثة “كوفيد-19”، وهناك مخاوف جيوسياسية، لدينا انتخابات الولايات المتحدة في نوفمبر، وأيضا معضلة المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي والتي ربما تنتهي بالخروج بلا صفقة في نهاية هذا العام، هذا بالإضافة إلى مناوشات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع الصين بسبب هونج كونج.

جميع العوامل على الساحة تدعم مسيرة المعادن وعلى رأسها النحاس والذهب والفضة نحو المزيد من المكاسب، وهذا سنتناوله فيما يلي.

الذهب يغازل أعلى قمة في تاريخه

تعامل المستثمرين مع الذهب خلال العام الجاري كاستراتيجية تحوط في المحافظ الاستثمارية، لكن من المرجح أن تكون الجائحة لها تداعيات دائمة على مخصصات الأصول، كما يقول مجلس الذهب العالمي الذي يرى في أحد تقاريره أنه بغض النظر عن نوع التعافي الاقتصادي، سوف يستمر الوباء في تعزيز دور المعدن الأصفر كأصل استراتيجي.

تمكن الذهب من تحقيق أداءً قوياً في النصف الأول من عام 2020، بارتفاع نسبته 16.8%، ليتفوق على كافة فئات الأصول الرئيسية الأخرى، ليس هذا فحسب بل واصل مسيرة ارتفاعه ليتجاوز 1800 دولار للأوقية مؤخراً بالقرب من بأعلى مستوى في 11 عاماً، مما جعل ثيران المعدن الأصفر يتوقعون ارتفاعه لمستوى قياسي جديد في وقت قريب.

ويميل المعدن الأصفر إلى الاستفادة من معدلات الفائدة المنخفضة وتدابير التحفيز واسعة النطاق من البنوك المركزية لأنه يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه تحوط ضد التضخم وتراجع قيمة العملة.

مثلما استفاد الذهب من الدعم المالي والنقدي الضخم منذ بداية جائحة كورونا، فإن استمرار الزيادة في حالات “كوفيد-19” وعدم اليقين بشأن التعافي الاقتصادي يهدد بخفض إنفاق المستهلكين ومكاسب الوظائف، وبالتالي الحاجة إلى تقديم المزيد من الدعم من قبل البنوك المركزية والحكومات، وهذه الأسباب المنبثقة من عامل رئيسي هو عدم اليقين بشأن الوباء، كانت كفيلة لتجعل العديد من البنوك الاستثمارية ترفع توقعاتها لأسعار الذهب بشكل حاد بل تتوقع الصعود إلى مستوى قياسي مرتفع.

ويقول “ساكسو بنك” إن أسباب دعم ارتفاع الذهب في النصف الثاني من العام تضمنت “الحاجة السياسية” إلى ارتفاع التضخم لدعم مستويات الديون ووفرة المدخرات العالمية وزيادة التوترات الجيوسياسية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل.

فيما يتوقع مدير صندوق للتحوط “دييجو باريلا” خلال تعليقات لوكالة “بلومبرج” الأمريكية أن يصل سعر الذهب إلى 5000 دولار للأوقية في غضون الثلاث إلى الخمس سنوات المقبلة، وسط مخاوف تضخمية من طباعة البنوك

المركزية للأموال، مشيراً إلى أن العقد القادم سوف يشهد تضخماً في أسعار المستهلكين قد تكون البنوك المركزية عاجزة عن السيطرة عليه.

ابدأ تداول السلع اليوم مع eToro

قفزة الفضة

سجلت العقود الآجلة لأسعار الفضة في الأسبوع الماضي أعلى تسوية لها منذ ما يقرب من أربع سنوات عند 19.788 دولارًا للأوقية، بعد ارتفاعها بنحو 67% من أدنى مستوى في 11 عاماً والمسجل في منتصف مارس الماضي، مدعومة بارتفاع حاد في الطلب على الاستثمار حيث يواصل المعدن اللحاق بالمكاسب التي حققها المعدن الشقيق “الذهب” نتيجة لسعي المستثمرين نحو الملاذات الآمنة وسط عدم اليقين الاقتصادي الناجم عن الوباء.

*أداء الفضة منذ بداية العام

وقال “بيتر سبينا”، الرئيس التنفيذي في “جولد سيك”، إن هناك ارتفاعًا تاريخيًا في شراء الفضة عبر الصناديق المتداولة في البورصة في الأشهر القليلة الماضية وحدها، موضحاً: “لم نشهد في تاريخ الفضة مطلقا مثل هذا الطلب في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة”.

حتى نهاية يونيو الماضي، وصلت الحيازة العالمية من الفضة في صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة إلى أعلى مستوى على الإطلاق يصل إلى 925 مليون أوقية، وهو ما يقرب من 14 شهرًا من إمدادات المناجم بعدما ارتفع بنحو 196 مليون أوقية ليتجاوز بشكل مريح أعلى تدفق سنوي قدره 149 مليون أوقية تم تعيينه في عام 2009، وفقًا لآخر تقرير من معهد الفضة.

من بين أسباب الزيادة في الاهتمام بالفضة، أشار “سبينا” إلى أن المعدن تم رفضه وتجاهله في الغالب خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تحول العديد من مشتري الفضة السابقين إلى العملات المشفرة والأسواق الأكثر إثارة، مضيفاً: “قيمة الفضة يصعب تجاهلها”.

ويتوقع “سبينا” أنه مع توجه الذهب الآن نحو 2000 دولار وما بعده، فإن الفضة تستعد للارتفاع أيضًا، مشيراً إلى أن أسعار الفضة قد تصل تتراوح بين 25 إلى 30 دولارًا في الأرباع القليلة القادمة.

ابدأ تداول السلع اليوم مع eToro

طفرة النحاس

لمعدن النحاس أهمية خاصة بين السلع الأولية، حيث ينظر إليه كمرآة لنمو الاقتصاد العالمي، كونه يدخل في العديد من الصناعات التي تسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

بالنسبة لمعدن مرتبط جوهريًا بحالة الاقتصاد الذي يعاني فترة عصيبة في ظل الوباء، شهد النحاس بضعة أشهر مذهلة، حيث ارتفع بنحو 50% من أدنى مستوى في مارس الماضي ليتجاوز تعويض خسائره في بداية الوباء، على الرغم من التوقعات العالمية للاقتصاد غير المؤكدة مع انتشار الفيروس، فإن الأسعار لا تزال ثابتة قرب أعلى مستوى في عامين.

لمست أسعار النحاس في بورصة لندن للمعادن أدنى مستوى في أربع سنوات في مارس عند 4760 دولارًا للطن حيث أدى انتشار جائحة “كوفيد-19” إلى سحق الطلب على المعادن الصناعية، لكن من ذلك الحين، مر النحاس بمسيرة صعودية لا هوادة فيها حتى وصل المعدن الأحمر إلى معلم آخر في الأسبوع الماضي، عند 6633 دولارا للطن وهو أعلى مستوى في عامين.

*أداء المعدن الأحمر في آخر عامين والقفزة التي حدثت من مارس

ويقف عاملان أساسيان وراء المسيرة الصاعدة للمعدن الأحمر، أحدهما قصير الأجل يتمثل في مخاوف نقص المعروض، والثاني على المدى الطويل يتضمن حزم التحفيز الضخمة التي تشمل الاستثمارات الخضراء والرقمية.

 وبالنسبة للعامل الأول، أدت الاختلالات في مناجم أمريكا الجنوبية العملاقة التي تكافح في ظل الوباء مما أدى اختناق الإنتاج وتسبب في مخاوف بشأن الإمدادات، وقد اقترن ذلك بعمليات شراء مكثفة في الصين حيث خرج أكبر مستهلك للسلع في العالم من عمليات الإغلاق، مع بيانات جديدة تظهر أن واردات النحاس الصينية وصلت إلى رقم قياسي الشهر الماضي.

ومع ذلك، يجادل ثيران النحاس بأن المعدن لا يعتمد فقط على الدعم المؤقت، هناك أيضًا تركيز متزايد على العواقب طويلة المدى للسوق حيث تطلق الحكومات في جميع أنحاء العالم حزم دعم غير مسبوقة لحماية اقتصاداتها من تداعيات الوباء.

وقال “هينينج جلويستين” مدير الطاقة والمناخ والموارد في مجموعة “أوراسيا جروب” في مذكرة بحثية إنه يتوقع أن الطلب على النحاس يمكن أن ينخفض بنسبة تصل إلى 5% في عام 2020 بسبب الركود الناتج عن الوباء، لكنه أشار إلى أن تدابير التحفيز المالي واسعة النطاق ستساعد في دفع الطلب على المعدن إلى مستويات ما قبل الأزمة العام المقبل، مع توقع التجار وعمال المناجم أن يرتد الاستهلاك بنسبة 4% في عام 2021.

كما يتوقع المحللون في بنك “مورجان ستانلي” أن يرتد القطاع بسرعة مرة أخرى إلى مستويات ما قبل الوباء، مع تدابير التحفيز العالمية، ومن المتوقع أن يؤدي الإنفاق على البنية التحتية في الصين واضطرابات العرض إلى تعزيز الطلب.

من المقرر أن يمهد الوباء الطريق لـ”عصر النحاس” حيث تضاعف الحكومات الاستثمارات التي ستزيد الطلب على المعدن الأحمر، وفي هذا الصدد، ذكر “جلوستين” أنه من المتوقع أن يسرع الوباء الاتجاهات في الاستثمارات البيئية والرقمية المدعومة من الحكومة، والتي تبشر بازدهار قادم في الطلب على النحاس.

وقال “جلويستين” إن برامج التحفيز الخضراء والرقمية الضخمة، خاصة في آسيا وأوروبا، ستهيئ الظروف لطفرة في الطلب على النحاس – السيارات الكهربية وشبكات الجيل الخامس وتوليد الطاقة المتجددة كلها تتطلب كميات كبيرة من المعدن الأحمر.

وبحسب مذكرة “أوراسيا جروب”، من المتوقع أن تعطي الطاقة النظيفة وبرامج الرقمنة دفعة لمتوسط النمو السنوي في الطلب على النحاس تصل إلى 2.5% خلال هذا العقد، والتي من المرجح أن تدفع الاستهلاك نحو 30 مليون طن بحلول عام 2023.

ووفقًا للمحللين في “جولدمان ساكس”، فإن الكثير من النحاس سيصل إلى الصين، فالدولة مسؤولة عن 50% من الطلب العالمي، ويمكن للحكومة أن تثري اقتصادها بسهولة من خلال الإنفاق على البنية التحتية كثيفة النحاس، مشيرين: “إذا تأخر الاقتصاد الأمريكي في النمو وضعف الدولار، فإن المشترين في الصين سيكون لديهم ميزة إضافية في استيراد السلع مثل النحاس المسعر بالعملة الأمريكية”.

*ضعف الدولار يدعم ارتفاع أسعار النحاس، المصدر وكالة بلومبرج

وإذا كان النحاس سيكون مدخلا رئيسيا تقريبا لجميع الصناعات التي يتم الترويج لها الآن فنستطيع أن نقول: “أهلا بك في عصر النحاس”.

ابدأ تداول السلع اليوم مع eToro

منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.

شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.

شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.

شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139