بعد البوادر الإيجابية.. هل تجاوز الاقتصاد العالمي الأسوأ؟

لا تزال الغيوم تطغى على التوقعات الاقتصادية العالمية، لكن هناك إشارات خافتة خلال الفترة القليلة الماضية على هدوء الاتجاه الهابط وتحسن يعطي آمالاً بأن الأسوأ بالنسبة للاقتصاد العالمي قد يكون انتهى.

بعد صدمة مفاجئة على إثر تفشي فيروس كورونا والذي يقود الاقتصاد العالمي نحو الركود، بل وقعت بعض الدول تحت براثنه بالفعل، ظهرت مؤخراً بوادر إيجابية متناثرة في العديد من البيانات الاقتصادية عن شهر مايو الماضي، مع البدء في رفع قيود الإغلاق الناجمة عن الوباء بشكل تدريجي، جنباً إلى جنب مع مليارات الدولارات التي يضخها العالم لدفع عجلة الاقتصاد.

وبحسب مؤشر “بلومبرج إيكونوميكس” الذي يتتبع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإن الأسوأ بالنسبة للاقتصاد العالمي ربما يكون انتهى، مشيراً إلى أنه على الرغم من انكماش الاقتصاد بوتيرة سنوية 2.3% خلال الشهر الماضي، فإن وتيرة الهبوط جاءت أقل من نصف وتيرة انكماشه في أبريل المنقضي والبالغة 4.8 بالمائة، وفقاً للرسم البياني التالي.

وبعد أن كان حديث المحللين عن احتمالية أن نرى كساد كبير آخر، فاجأت بيانات الشهر الماضي الجميع بأن الركود العالمي ربما قد يكون استمر لشهرين فقط، لذا سنتناول في النقاط التالية كيف كانت البيانات الاقتصادية العالمية، وخاصة في الاقتصاديات الكبرى والتي قد تساهم بشكل كبير في تغيير وجهة التوقعات.

وفي أكبر اقتصاد حول العالم، يمكنك الحديث عن إيجابية البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة في الشهر الماضي مقارنة بالسوء الذي شهدته في أبريل المنصرم.

ومع إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية، كشف معهد الإمدادات الأمريكي عن ارتفاع نشاط الخدمات بأكثر من التوقعات رغم أنه لا يزال داخل نطاق الانكماش، كما تحسن أداء النشاط الصناعي أيضاً مع ارتفاع الطلبيات الجديدة وتشغيل العمالة ليهجر أدنى مستوى في 11 عاماً والمسجل في أبريل.

ويقول “تيموثي فيوري” رئيس المسح الصادر عن معهد الإمدادات إنه يبدو أن مايو شهر انتقالي مع عودة العمل تدريجياً، ومع ذلك، لا يزال الطلب غير مؤكد.

كما يوضح “دانييل سيلفر” المدير التنفيذي في بنك “جي.بي.مورجان” في مذكرة للعملاء: “بيانات مايو لا تزال ضعيفة للغاية، لكن التحسن النسبي خلال الشهر يأتي بشكل عام مع فكرة أن تخفيف القيود في العديد من المجالات ساعد النشاط إلى حد ما”.

المفاجأة، التي وصفها البنك الاستثماري الهولندي “أي.إن.جي” بأنها الأكبر في التاريخ، جاءت في بيانات الوظائف الأمريكية عن الشهر الماضي حيث أضاف سوق العمل الأمريكي 2.5 مليون وظيفة بأكبر وتيرة على الإطلاق، مقارنة مع توقعات المحللين بفقدان 7.7 مليون وظيفة، ومقابل خسارة 20.7 مليون وظيفة في الشهر الماضي.

وتراجع معدل البطالة إلى 13.3% خلال الشهر الماضي، وحتى إذا أخذنا في الاعتبار ما أشارت إليه وزارة العمل الأمريكية إلى استمرار مشكلة التصنيف الخاطئ من قبل المستجيبين للشهر الثاني، ولولا هذا الخطأ لكان معدل البطالة حوالي 16%، فإن هذا لن يفعل الكثير وستظل القراءة أفضل مقارنة بالتوقعات التي كانت ترى أن البطالة سوف تصل إلى 19.7%.

هذا بالإضافة إلى أن شراء المساكن ومبيعات السيارات هما إشارتان قويتان أظهرتا تحسنًا كبيرًا في البيانات مؤخراً.

وفي أوروبا لم يختلف التحسن النسبي كثيراً، حيث أظهرت أحدث بيانات مؤسسة “ماركت” للأبحاث، ارتفاع النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو لأعلى مستوى في 3 أشهر بدعم أداء القطاع الخدمي.

ويرى “كريس ويليامسون” كبير الخبراء الاقتصاديين في “ماركت” أنه رغم استمرار الانكماش في النشاط الاقتصادي فإن من الأمور المشجعة، تراجع وتيرة الهبوط بشكل ملحوظ في جميع الدول التي شملها الاستطلاع، كما عاد التفاؤل بشأن التوقعات في إيطاليا، وبدرجة أقل في فرنسا، في حين كان التشاؤم معتدلًا بشكل ملحوظ في جميع البلدان الأخرى.

*(أداء النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو والتحسن الملحوظ في قراءة مايو)

وفي المؤتمر الصحفي عقب قرار المركزي الأوروبي بتعزيز برنامج شراء السندات الخاص بفيروس كورونا بنحو 600 مليار يورو إضافية، أشارت “كريستين لاجارد” إلى أن اقتصاد منطقة اليورو ارتفع من القاع خلال مايو لكنها ذكرت أن التحسن الأخير في النشاط لا يزال خافتاً.

الصورة الإيجابية برزت أيضاً في المملكة المتحدة، حيث ارتفع النشاط الاقتصادي في بريطانيا إلى مستوى 30 نقطة خلال مايو، مقارنة مع 13.8 نقطة في الشهر السابق له والذي كان أدنى مستوى في التاريخ، ليتحسن بفعل إعادة فتح الاقتصادات تدريجياً خاصةً في قطاع البناء الذي صعد من أدنى مستوى في تاريخه.

ويوضح “كلاوس فيستسن” كبير الاقتصاديين في منطقة اليورو لدى “بانثيون ماكرو إيكونوميكس” أن البيانات الأوروبية تشير إلى أن الانتعاش بدأ في منتصف مايو مع الحزمة التحفيزية التي تعهده بها ألمانيا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي.

لكن الاقتصاديين يحذرون من أن الانتعاش سيكون تدريجياً في جميع أنحاء المنطقة، لا سيما في البلدان والقطاعات حيث كانت عمليات الإغلاق أكثر صرامة أو أعاقتها بعض القيود المستمرة، فضلاً عن انخفاض ثقة المستهلكين والشركات.

وفي هذا الصدد، يقول “بيرت كوليجن” كبير الاقتصاديين في “أي.إن.جي” إن الكثير من القيود ستبقى معنا لبعض الوقت مما يعني أن النشاط الاقتصادي سيستغرق وقتًا أطول للتعافي إلى المستوى الذي كان عليه قبل الأزمة.

أما الصين والتي بدأت الحياة تعود فيها لطبيعتها رويداً رويداً، شهدت نمواً مفاجئاً للنشاط الصناعي خلال مايو حيث تجاوز مستوى 50 نقطة وهو الحد الفاصل بين النمو والانكماش في النشاط، بحسب بيانات مؤسسة “كاسين” التي أشارت إلى أن الإنتاج تعافى بأسرع وتيرة منذ يناير من عام 2011. 

وفي تعليق على البيانات، قال “ريتشارد مارتن” المدير الإداري في “أي.أم.ايه.آسيا” إن الصين تشهد انتعاشًا اقتصاديًا قويًا بعد الركود الذي حفزه الإغلاق للحد من انتشار الفيروس، ولكن لا تعتمد على ذلك في حالة الاقتصادات الكبرى الأخرى حول العالم.

وأوضح “مارتن” أنه بعد تجاوز مؤشر مديري المشتريات الصناعي مستوى 50 نقطة في مايو، فإن هذا يعد تعافياً على شكل حرف “V” الذي يعني انكماشاً حاداً في النشاط الاقتصادي يتبعه تعافياً قوياً.

ومن بين الأسواق الأخرى في آسيا، قال “مارتن” إن فيتنام وتايوان يمكنهما تحقيق انتعاش اقتصادي مماثل للصين.

في حين، يرى اقتصادي “دويتشه بنك” أن الاقتصاد الصيني يتحسن ويمكنه تسجيل نمو “مثير للإعجاب للغاية”، لكن الولايات المتحدة هي أكبر خطر يمكن أن يعطل هذا الانتعاش.

في النهاية، لا يخفى على حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد العالمي جراء فيروس كورونا، لكن الإشارات الإيجابية التي تجلت في البيانات الأخيرة تبعث في النفوس آمالاً قوية بأن الاقتصاد يبذل جهوداً للارتداد وتعزز ثقة المستثمرين والمستهلكين بشأن احتمالية تعافي قوي وسريع بعكس المتوقع في بداية أزمة الوباء.

منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.

شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.

شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.

شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.