بينما كانت واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في الصين تتأهب لإقامة حفلة أكبر اكتتاب عام في التاريخ، جاء قرار الجهات التنظيمية في اللحظة الأخيرة ليحبط آمال “آنت جروب” ومؤسسها الملياردير “جاك ما” بعد تعليق الطرح الأولي في بورصتي “هونج كونج” و”شنغهاي” لحين إشعار آخر.
وبدلاً من أن ترسل الصين رسالة إلى العالم حول القوة الاقتصادية للبلاد خلال الوباء، بعثت إنذاراً بأنه لا يمكن لأي شركة خاصة أن تتعملق إلا إذا كانت الحكومة الصينية متعاونة معها.
وطرحت قصة شركة التكنولوجيا المالية “آنت جروب” العديد من التساؤلات سوف نتناولها فيما يلي:-
في البداية، ما هي “آنت جروب”؟ عندما يرتبط اسمك بشيء كبير، فهى فرصة أن تختصر الطريق لتكون كبيراً يوماً ما، وهذا ينطبع على “آنت جروب” التي نشأت في أحضان شركة التجارة الإلكترونية العملاقة “على بابا” في عام 2004، ولكن على هيئة منصة للمدفوعات الرقمية تُدعى “على باي”.
ومع اكتساب تطبيق الدفع الرقمي هذا ملايين المستخدمين في وقت قصير للغاية وأصبح لديه الآن أكثر من مليار مستخدم منهم 730 مليون نشطاء شهرياً، قام “جاك ما” بفصل التطبيق عن “على بابا” ووضعه تحت إدارة شركة تسمى “آنت فاينانشال”، قبل أن تتم إعادة تسميتها لاحقًا باسم “آنت جروب”.
وتوسعت “آنت” وأصبحت تدير شركات تابعة تشارك في الإقراض التجاري والاستثمار الشخصي، كما تمتلك الشركة العديد من الشراكات مع البنوك والمؤسسات المالية الكبرى.
أضف Ant Group إلى قائمة المشاهدة الخاصة بك
وفي عام 2019، حققت “آنت جروب” أرباحًا تجاوزت 2.6 مليار دولار، وإيرادات بلغت 17.5 مليار دولار، قبل أن تتجاوز الأرباح في النصف الأول من عام 2020 فقط، الإجمالي في 2019 لتصل إلى 3.2 مليار دولار، وهذا النجاح الكبير دفع الشركة للتفكير في طرح أسهمها للاكتتاب العام في بورصتي شنغهاي وهونج كونج.
كل هذا يبدو طبيعياً، إلى أن أصبحت الشركة الصينية حديث العالم بعدما أعلنت أنها بصدد أكبر اكتتاب عام في التاريخ، فكيف ذلك؟
قامت شركة التكنولوجيا التي تقف وراء أكبر منصة مدفوعات عبر الإنترنت في الصين بتسعير إدراجها المزدوج في بورصتي هونج كونج وشنغهاي عند 80 دولار هونج كونج (10.32 دولار)، و68.8 يوان (10.26 دولار) للسهم على التوالي.
وكان من المفترض أن يكون الاكتتاب العام للشركة الصينية هو الأكبر في التاريخ بعدما خططت لجمع 34.5 مليار دولار مما يُقيم “آنت” بأكثر من 310 مليارات دولار، متجاوزةً بذلك الطرح العام لشركة أرامكو السعودية البالغ 25.6 مليار دولار عند إدراجها لأول مرة في ديسمبر الماضي.
*أكبر 5 اكتتابات عامة في التاريخ
وكانت “آنت”، والتي تخطط لطرح 11% من إجمالي أسهمها، ستواجه القليل من المتاعب في تجاوز هذا الاكتتاب، حيث وصل طلب المستثمرين الأفراد على أسهمها في الاكتتاب الأولي إلى ما يقرب من 3 تريليونات دولار، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن.
لماذا توقف الحلم سريعاً؟ كان من المقرر أن نرى أسهم “آنت جروب” يتم تداولها في بورصتي شنغهاي وهونج كونج يوم 5 نوفمبر الماضي، لكن في خطوة مفاجئة، أطاحت الجهات التنظيمية في الصين بهذا الحلم بعدما علّقت عملية الإدراج في البورصة.
جاء القرار الصادم، بعد اجتماع بين الملياردير “جاك ما” المؤسس المشارك لشركة التكنولوجيا المالية والمنظمين في الصين، لتعلن بورصة شنغهاي في بيان رسمي الأسبوع الماضي أنها أرجأت إدراج “آنت جروب”، بسبب قضايا كبيرة قد تتسبب في عدم استيفاء شروط الإدراج ومتطلبات الإفصاح.
أجبر ذلك “آنت جروب” على تعليق الاكتتاب في بورصة هونج كونج، مضيفةً أنها تعتذر بصدق عن أي إزعاج ناتج عن هذا التطور بالنسبة للمستثمرين مع الإشارة إلى إمكانية استعادة أموالهم.
ورغم أن السلطات الصينية لم تفصح عن الكثير حول تعليق هذا الاكتتاب، إلا أنه بالنظر إلى الصورة الكاملة قد تتجلى بعض الأمور مع حقيقة أن الصين شديدة التدقيق والتنظيم فيما يتعلق بالإقراض، حيث تشعر الحكومة والجهات التنظيمية بعدم الارتياح الشديد لفكرة تطبيقات الطرف الثالث التي تعتمد على التكنولوجيا مثل “على باي” والتي تغامر في أعمال إقراض المستهلك.
ويرى “جاستن تانج” رئيس قسم الأبحاث الآسيوية في “يونايتد فيرست بارتنرز” أنه من الواضح أن حجم الاكتتاب للشركة الصينية بالإضافة إلى سطوة “علي بابا” أصبحا مصدر قلق للمنظمين الصينيين.
وفي الشهر الماضي، عندما كان أغنى رجل في الصين منشغلاً بمحاولة إطلاق أكبر اكتتاب عام في العالم، انتقد “جاك ما” في منتدى مالي رفيع المستوى في شنغهاي الأنظمة المالية في الصين “التي عفا عليها الزمن” وتخنق الابتكار في هذا القطاع، بحسب قوله، ليلقي بنفسه في عين العاصفة حيث تزايدت الأقاويل بأن هذه التعليقات أثارت غضب كبار قادة الحزب الشيوعي، الذين أعربوا عن مخاوفهم بشأن كيفية ارتباط البنوك بالمقرضين الصغار مثل “على باي”.
أضف Ant Group إلى قائمة المشاهدة الخاصة بك
وصرح “زياومينج لو” كبير محللي التكنولوجيا في مجموعة “يوراسيا جروب”: “تعليقات جاك ما العدوانية في نهاية الأسبوع الماضي أدت إلى تفاقم الصراع المتنامي بين شركات التكنولوجيا الصينية الكبيرة والمنظمين الأقوياء، ومن المحتمل أن تقوم آنت بتعديل تقييم الاكتتاب العام نتيجة لهذا التدخل وتأخير موعد إطلاقه”.
ومن الممكن أن تكون القوانين الجديدة التي أقرتها الصين في بداية هذا الشهر بشأن المتطلبات الجديدة الخاصة برأس المال هو رد الحزب الحاكم على تصريحات “جاك ما” ليكون أول من يكتوى بنارها لأنها كلفته أكثر من 34 مليار دولار التي كانت ستجمعها شركته.
ويقول “دنكان كلارك” رئيس شركة “بي دي إيه تشينا” إن عدم الوضوح بشأن سبب تعليق الاكتتاب العام لـ”آنت جروب”، يقودنا إلى القول بأنها محاولة من الحكومة الصينية للتأكيد على أنها صاحبة القرار.
ما هي تداعيات تعليق الاكتتاب؟ أثار قرار الجهات التنظيمية في الصين تساؤلات كثيرة بشأن مستقبل “آنت جروب” وكيف سيكون تقييم الشركة إذا خططت للطرح مجدداً ومتى سيحدث ذلك؟
كما كان هناك رد فعل سلبي من قبل المستثمرين، حيث قالت “فيكتوريا سكولار” المحللة في “آي جي” إنه كان هناك الكثير من الحماس حول هذا الاكتتاب العام، لكن أصبح هناك خيبة أمل عميقة من جانب الأسواق بشأن هذا التحول غير المتوقع في عملية الطرح.
لكن تتمثل التداعيات الملموسة أكثر لهذا القرار في تراجع سهم “على بابا” التي تملك 33% من أسهم “آنت جروب” بأكثر من 8% بعد تعليق الاكتتاب في الشركة التابعة في أكبر هبوط يومي منذ مارس الماضي، مما جعل “جاك ما” يفقد حوالي 3 مليارات دولار من ثروته.
*أداء سهم على بابا منذ بداية العام الحالي
في النهاية، لا تزال الغيوم تكسو مستقبل “آنت جروب” حتى الآن، فهل تكبح الحكومة الصينية جماح هذا الاكتتاب الضخم، أم يواصل “جاك ما” جهوده نحو تحقيق خطوة غير مسبوقة ويؤكد على أبرز مقولاته: “إياك أن تستسلم، اليوم يبدو صعباً وغداً سيكون أصعب، لكن اليوم الذي يليه سيكون مشرقاً”.
أضف Ant Group إلى قائمة المشاهدة الخاصة بك
منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139