تلعب المُدن دورًا مهمًا للغاية في العالم اليوم. باعتبارها مُحركات قوية للنمو تُمثل حوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، توفر المدن الشبكات والتفاعلات التي تجعلنا أكثر إبداعًا وإنتاجية كمجتمع، مما يعني أنها ضرورية للتنمية الاقتصادية وخلق الثروة.
واليوم، يسكن حوالي 55% من سكان العالم في المدن، ولكن ذلك لم يكن هو الحال دائمًا. فخلال العقود القليلة الماضية، ارتفعت نسبة سكان العالم الذين يعيشون في المدن ارتفاعًا كبيرًا، ومن المُتوقع أن يستمر ذلك الاتجاه في التسارع. وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، يمكن أن يضيف التحضر 2.5 مليار شخص آخر إلى مدن العالم على مدار الثلاثين عامًا القادمة، مما يعني أنه بحلول عام 2050، قد يعيش ما يصل إلى 70% من سكان العالم في المُدن.
بطبيعة الحال، يخلق هذا الاتجاه الحضري الكثير من التحديات. فمع تزايد عدد السكان بشكل مطرد، تُعاني العديد من المدن في جميع أنحاء العالم من عدة قضايا مثل الازدحام المروري والاستهلاك الكبير للطاقة وبرامج التخلص من النفايات غير الفعالة. وبالنظر إلى المستقبل، سيتعيّن على المدن إيجاد حلول أكثر ذكاءً لتحسين بنيتها التحتية وتوفير حياة أفضل لسكانها.
وهنا تحديدًا تلعب التكنولوجيا دورًا رئيسيًا، واليوم نشهد ظهور “مدن ذكية” تستخدم التكنولوجيا لتحسين الكفاءة وتعزيز الاستدامة وتعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية. بمساعدة التقنيات المتقدمة مثل إنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي (AI)، تقوم المدن بتحويل كل شيء من إدارة المرور إلى إنارة الشوارع، لجعل نفسها أكثر قدرة على التكيف مما كانت عليه في الماضي.
يُعد سوق تكنولوجيا المدن الذكية في جميع أنحاء العالم ضخمًا للغاية، حيث إنه من المتوقع أن يصل الإنفاق السنوي إلى 158 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2022. لهذا السبب، نعتقد أن المدن الذكية هي موضوع استثماري ينبغي الاهتمام به. فهناك فرصة نمو هائلة للشركات المُبتكرة التي تساعد في تطوير مدن الغد، وهذا بدوره يخلق عددًا من الفرص المثيرة للمستثمرين.
أدناه، نُلقي نظرة فاحصة على فكرة الاستثمار في المدن الذكية ونوضح كيف يمكن للمستثمرين المشاركة في هذه الفرصة الآخذة في النمو على المدى البعيد.
استثمر في محافظ Smart Portfolios
66% من حسابات المُستثمرين بالتجزئة تخسر أموالاً عند التداول على عقود الفروقات مع مُقدم الخدمة هذا. عليك تحديد ما إن كان بإمكانك تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
ما هي المدينة الذكية؟
لنبدأ بالأساسيات. ما هي المُدن الذكية تحديدًا؟
ببساطة، المدينة الذكية هي مدينة قادرة على جمع وتحليل كميات كبيرة من البيانات من مجموعة واسعة من الصناعات – تتراوح بين التخطيط الحضري إلى التخلص من النفايات – واستخدام هذه البيانات لتصبح أكثر كفاءة.
باستخدام شبكة من أجهزة الاستشعار والأجهزة والبرامج المترابطة، يمكن للمدينة الذكية الاستفادة من قوة التكنولوجيا لتحسين حياة سكانها وزوارها من خلال جعل المدينة أكثر اتصالًا وأكثر إنتاجية وأكثر استدامة.
ما هي التكنولوجيا التي تشغل المدن الذكية؟
يتم دعم المدن الذكية من خلال عدد من التقنيات المختلفة التي تعمل معًا لجمع كميات كبيرة من البيانات ومعالجتها. ويشمل ذلك:
- تكنولوجيا إنترنت الأشياء – يشير ذلك إلى شبكة الأجهزة الفعلية المتصلة التي يُمكنها تلقي وتحليل ونقل البيانات إلى الأجهزة الأخرى.
- تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) – تشمل تلك تقنية مثل الشبكات اللاسلكية التي تنقل المعلومات. شبكات الجيل الخامس هي الجيل التالي من شبكات الهواتف المحمولة وستلعب هذه الشبكات دورًا رئيسيًا في المدن الذكية نظرًا لسرعتها وقدراتها على النطاق الترددي وموثوقيتها.
- التكنولوجيا السحابية – تُوفر التكنولوجيا السحابية وجهة تخزين وقدرة معالجة للكميات الهائلة من البيانات التي تنشئها المدن.
- البيانات الضخمة – تُساعد هذه التكنولوجيا المدن على معالجة كميات كبيرة من البيانات.
- الذكاء الاصطناعي – تُستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتفسير البيانات واتخاذ القرارات دون الحاجة إلى تدخل بشري.
- نُظم المعلومات الجغرافية (GIS) – صُممت هذه التكنولوجيا لالتقاط وتحليل البيانات الجغرافية وهي مفيدة لأغراض تخطيط المدن ورسم الخرائط.
بالطبع، هذه ليست سوى بعض التقنيات الرئيسية التي تلعب دورًا مُهمًا في تطوير المدن الذكية. فهناك الكثير غيرها. وعلى الرغم من ذلك، فإن القاسم المُشترك عندما تفكر في كل هذه التقنيات يكون هو البيانات. من خلال جمع البيانات ومعالجتها بشكل فعال، يمكن استخدامها لتحسين البنية التحتية في المدينة بشكل ملحوظ. باستخدام التكنولوجيا مثل أجهزة الاستشعار والشبكات اللاسلكية والتعرف على الصور والذكاء الاصطناعي، يمكن للمدن أن تستجيب للبيانات الواردة في الوقت الحقيقي، التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على حياة السكان.
تكنولوجيا المدن الذكية: القطاعات الفرعية الرئيسية
هناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكن بها للمدن استخدام التكنولوجيا لتحسين طريقة عملها. فيما يلي نظرة على بعض الأقسام الفرعية الرئيسية لموضوع المدن الذكية.
- كفاءة استخدام الطاقة: يتمثل أحد محاور التركيز الرئيسية لموضوع المدن الذكية في تحسين كفاءة الطاقة من أجل تقليل التكاليف وتعزيز الاستدامة. اليوم، أصبحت إنارة الشوارع الذكية، التي يمكن أن تقلل من استهلاك الطاقة عن طريق إيقاف تشغيلها عندما لا يوجد أحد، تحظى بشعبية متزايدة. على سبيل المثال، أطلقت شيكاغو مؤخرًا برنامجًا لاستبدال ما يقرب من 300000 مصباح من مصابيح الشوارع بعناصر تحكم ذكية بحلول عام 2021، مما قد يوفر للمدينة حوالي 10 ملايين دولار أمريكي في السنة من تكاليف الطاقة. كما قامت مدن أخرى بتطبيق شبكات الطاقة الشمسية المُصغرة على الأسطح التي تمكن المستخدمين من بيع الطاقة لبعضهم البعض.
- المياه: من المُمكن أن تلعب التكنولوجيا أيضًا دورًا أساسيًا في تحسين مصادر المياه ومعالجتها وتوصيلها. في الوقت الحالي، يُمكن لنظم المياه الذكية قياس هطول الأمطار وتوفير تحليل للفيضانات في الوقت الفعلي وكشف التسريبات وكذلك تتبع أنماط الاستهلاك، التي يُمكن أن تساعد في تحسين استخدام المياه وتقليل هدرها.
- إدارة النفايات: بمساعدة التكنولوجيا المتقدمة، يُمكن للمدن أيضًا جعل خدمات إزالة النفايات أكثر فاعلية. على سبيل المثال، يُمكن للمدن استخدام أجهزة استشعار إنترنت الأشياء لقياس مستوى ملء الصناديق، بحيث عندما يكون الصندوق ممتلئًا، يمكنه إرسال هذه المعلومات على الفور إلى تطبيق قائم على السحابة يُمكنه تحسين مسار شاحنات جمع النفايات. في الآونة الأخيرة، طبقت مدينة سانتاندير الإسبانية هذا النوع من نظام التخلص من النفايات، ونشرت 6000 جهاز يستخدم تكنولوجيا إنترنت الأشياء في جميع أنحاء المدينة لمراقبة صناديقها.
- إدارة حركة المرور والنقل العام والتنقل المُعزز: من خلال الاستفادة من قوة التكنولوجيا، يمكن لمخططي المدن اكتساب رؤى حول أنماط تدفق حركة المرور وأعمال الطرق وازدحامها وظروف الطريق، واستخدام هذه الأفكار لتحسين تدفق حركة المرور. ومن بين الأمثلة على المُدن التي تستخدم بالفعل نظام ذكي لإدارة حركة المرور هي مدينة أمستردام. من خلال مراقبة حركة المرور في الوقت الفعلي، يمكن للمدينة بث معلومات عن أوقات السفر الحالية، مما يساعد سائقي السيارات على اتخاذ قرار بشأن أفضل طريق في أي وقت معين. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن استخدام التكنولوجيا لتحسين شبكات النقل العام، مما ينتج عنه قطارات وحافلات أسرع وأكثر أمانًا، كما يمكن للمدن أيضًا تعزيز التنقل من خلال تقديم الدراجات والدراجات البخارية الذكية للرحلات القصيرة. على سبيل المثال، في برشلونة، تعتبر الدراجات جزءًا رئيسيًا من نظام النقل العام.
- حماية البيئة: في الوقت الذي تُنتج فيه المدن نسبة كبيرة من إجمالي الناتج المحلي في العالم، فإنها تنتج أيضًا حوالي 70% من التلوث العالمي، وتعتقد منظمة الصحة العالمية أن ما يزيد عن 90% من سكان العالم يعيشون مع التلوث فوق الحدود الموصى بها. وهنا، يُمكن أن يكون للتكنولوجيا تأثير كبير من خلال المساعدة في تقليل مستويات تلوث الهواء في المناطق المكتظة بالسكان. على سبيل المثال، من خلال استخدام شبكات الاستشعار اللاسلكية، يُمكن للمدينة جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالعوامل البيئية مثل جودة الهواء. وبوجه عام، قد تلعب تكنولوجيا المدن الذكية دورًا رئيسيًا في مساعدة المدن على تعزيز الاستدامة.
أمثلة على المدن الذكية
المدينة | السنة | تكنولوجيا المدن الذكية |
برشلونة | 2007 | قامت بتنفيذ برنامج مبتكر لتقاسم الدراجات للحد من الازدحام المروري |
لندن | 2011 | طرحت السيارات بدون سائق في مطار هيثرو لنقل العملاء إلى المحطات |
نيويورك | 2011 | نشرت نظام آلي لقراءة العدادات على نطاق واسع لتحديد استهلاك المياه |
سنغافورة | 2014 | نشرت مجموعة كبيرة من أجهزة الاستشعار في جميع أنحاء المدينة لتتبع كل شيء من حركة المرور إلى النظافة |
أوسلو | 2014 | قامت بتثبيت شبكة استشعار للمساعدة في رعاية المسنين |
سانتاندر | 2014 | قامت بتركيب 6000 جهاز قائم على تكنولوجيا إنترنت الأشياء لتعزيز التخلص من النفايات |
أمستردام | 2015 | قامت بتنفيذ نظام لإدارة حركة المرور الذكية في الوقت الحقيقي |
شيكاغو | 2018 | قامت باستبدال 300000 مصباح من مصابيح الشوارع بالضوابط الذكية |
شنغهاي | 2019 | اعتمدت تكنولوجيا سلاسل الكُتل لمراقبة مجموعة واسعة من بيانات المدينة |
عند التفكير في جميع القطاعات الفرعية المختلفة، يُصبح من الواضح أن تكنولوجيا المدن الذكية هي سوق ضخم. ويبدو أنه من المُتوقع أن تنمو هذه السوق بمعدل كبير في السنوات المقبلة، في ظل تأثرها بالتحضر السريع والبنية التحتية المتقادمة واعتماد التقنيات الجديدة. مع إجمالي حجم سوق المدن الذكية العالمية المتوقع أن يصل إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2025، يبدو أن هناك إمكانات استثمارية كبيرة للغاية. ولكن ما هي أفضل طريقة للاستثمار في المدن الذكية؟
كيف تستثمر في المدن الذكية
هناك عدة طرق يُمكن للمستثمرين من خلالها الاستفادة من موضوع المدن الذكية.
من بينها الاستثمار في الشركات الفردية التي تقوم بتطوير تكنولوجيا المدن الذكية. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا النهج ليس واضحًا دائمًا حيث يوجد حرفيًا الآلاف من الشركات في جميع أنحاء العالم التي تعمل جميعها على تطوير تقنية فريدة خاصة بها. تتراوح تلك بين شركات التكنولوجيا الكُبرى المعروفة مثلGoogle رابط: – التي أنشأت قسمًا خاصًا وهو “Sidewalk Labs” لتناول قضية التوسع الحضري – إلى الشركات الناشئة المتناهية الصغر التي تخضع تمامًا لمراقبة مُعظم المستثمرين. من أين تبدأ؟ لن تتحول جميع أسهم المدن الذكية إلى استثمارات جيدة، لذلك يمكن أن يكون هذا النهج بمثابة التحدي.
من خلال هذا النوع من إمكانات النمو على المدى البعيد، غالبًا ما تكون أكثر الطرق فعالية للاستثمار هي من خلال استراتيجية استثمار بحسب الموضوع مصممة للاستفادة من نمو هذا القطاع، بالإضافة إلى توفيرها قدرًا هائلاً من التنويع أيضًا. لهذا السبب، فنحن هنا لدى eToro، نعمل حاليًا على تطوير محفظة Smart Cities Smart Portfolio – وهي محفظة للاستثمار بحسب الموضوع مخصصة بالكامل ومصممة لتحقيق نمو على المدى البعيد لرأس المال من خلال الاستثمار في مجموعة واسعة من الشركات التي تساعد على تطوير مدن أكثر اتصالًا وأكثر كفاءة في المستقبل. ستُمكن هذه الاستراتيجية الاستثمارية المستثمرين على المدى البعيد من الاستفادة من موضوع المدن الذكية دون التعرض لمخاطر الأسهم المحددة.
تابع محفظة SmartCities Portfolio رابط
رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
المدن الذكية ليست فكرة مستقبلية قد لا تحدث أبدًا. ففي جميع أنحاء العالم اليوم، تقوم المدن بالفعل بتنفيذ التكنولوجيا، وبفضل التطورات في مجال الذكاء الاصطناعى والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء في السنوات الأخيرة، أصبحت المدن الذكية حقيقة واقعة. وعلى الرغم من ذلك، فإن إمكانات النمو هنا لا تزال تبدو في بداياتها. وبالنسبة للمستثمرين المُحترفين على المدى البعيد، يبدو أن موضوع المدن الذكية يوفر إمكانات استثمارية كبيرة.