لم تكتف أسعار النفط بالارتفاع بأكثر من النصف في 2021، واستمرت في مسار صعودي حتى الآن في العام الجديد، ليتجاوز خام برنت حاجز الـ 90 دولارًا للبرميل، للمرة الأولى منذ 7 سنوات، مع إضافة التوترات الجيوسياسية إلى العوامل الداعمة للأسعار، لتصبح رؤية خام برنت بسعر من 3 خانات أقرب من أي وقت مضى، فهل تسمح منظمة أوبك بذلك؟
في البداية، هناك عدة أسباب وراء توقعات البنوك الاستثمارية لوصول أسعار النفط إلى مستويات 100 دولار للبرميل على المدى القريب، وفضلًا عن مستويات المخزونات المنخفضة حول العالم وتجاوز الطلب على الوقود عقبة متحور أوميكرون ومكافحة أعضاء أوبك+ لزيادة الإنتاج، جاءت المخاوف الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا لتُضيف علاوة أخرى إلى الأسعار.
مكاسب أسعار النفط
لم يغلق خام برنت القياسي فوق 100 دولار للبرميل منذ سبتمبر 2014، في حين لم يتم تداول خام غرب تكساس الوسيط بأسعار مكونة من ثلاثة أرقام منذ يوليو 2014، لكن يبدو أنها تتجه إلى مثل هذه المستويات على المدى القصير.
بنهاية جلسة الجمعة الماضية، أغلق خام برنت أعلى من 90 دولارًا للبرميل، لأول مرة منذ أكتوبر عام 2014، بعد أن صعد خلال تعاملات الأسبوع الماضي إلى مستوى 91.70 دولارًا للبرميل، ليرفع الخام مكاسبه منذ بداية العام الجاري إلى أكثر من 16%.
وبالمثل عانق خام غرب تكساس الأمريكي أعلى مستوياتها منذ 7 سنوات بعدما ارتفع فوق مستويات 88 دولارًا للبرميل خلال تعاملات الأسبوع، قبل أن يغلق جلسة الجمعة الماضية بالقرب من 87 دولارًا، ما أدى إلى صعوده بأكثر من منذ بداية 2022، لتحقق أسعار النفط الصعود الأسبوعي السادس على التوالي في أطول موجة مكاسب أسبوعية منذ أكتوبر 2021.
*أسعار الخام الأمريكي منذ بداية 2022
ومع هذه المكاسب، يتوقع بنك جولدمان ساكس ارتفاع خام برنت إلى 100 دولار للبرميل بحلول الربع الثالث من العام الجاري، فيما يتوقع بنك أوف أمريكا أن يصل سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى 117 دولارًا، وأن يصل سعر خام برنت إلى 120 دولارًا للبرميل بحلول يوليو المقبل.
التوترات الجيوسياسية
رغم أنها مستمرة منذ سنوات، تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا في أوائل العام الحالي، بعد أن نشرت موسكو عشرات الآلاف من الجنود على الحدود مع أوكرانيا، ما أثار مخاوف عالمية من غزو روسي محتمل، رغم أن الرئيس فلاديمير بوتين ينفي ذلك، مؤكدًا أنها ليست سوى مناورات عسكرية.
ومع هذه التطورات، تحبس أسواق النفط أنفاسها، وسط مخاوف من فرض عقوبات من قبل الولايات المتحدة وأوروبا على روسيا حال غزو روسيا إلى أوكرانيا، وبالتأكيد ستؤثر مثل هذه العقوبات المحتملة على الصادرات الروسية من النفط والغاز الطبيعي، مما سيحدث بكل تأكيد هزة قوية في أسواق الطاقة عامةً.
ويأتي ذلك مع حقيقة أن روسيا ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، بعد الولايات المتحدة، مع إنتاج أكثر من 10.5 مليون برميل يوميًا بنهاية العام الماضي، كما أنها ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي عالميًا بأكثر من 760 مليار متر مكعب في 2021، فضلًا عن ذلك فإن الطرف الثاني في الأزمة وهي أوكرانيا تعتبر مركزًا رئيسيًا لنقل الطاقة خاصة إلى أوروبا، ما يؤكد تأثير أي تطور سلبي بين موسكو وكييف.
فضلًا عن أزمة روسيا وأوكرانيا، تظل إمدادات النفط عرضة للتوترات المتصاعدة بين السعودية وإيران في الشرق الأوسط في أعقاب هجوم بطائرة مسيرة شنته جماعة الحوثي اليمنية على الإمارات، كما أن سوء الوضع السياسي والأمني في منتجي النفط الرئيسيين مثل كازاخستان وليبيا يفرض ضغوطًا إضافية على المعروض.
نقص المعروض
تأتي الانقطاعات غير المخطط لها في إمدادات ليبيا وكازاخستان، في وقت يعاني فيه الوضع العام للمعروض من نقص ملحوظ، فعلى الرغم من قيام منظمة أوبك والحلفاء من خارجها في التحالف المعروف باسم أوبك+ بزيادة الإنتاج الشهري بنحو 400 ألف برميل يوميًا، إلا أن الزيادة الفعلية في الإنتاج أقل من ذلك، إذ تكافح بعض الأعضاء مثل روسيا ونيجيريا والعراق إلى الوفاء بالحصة الإنتاجية، وسط نقص الاستثمارات والمشكلات التشغيلية.
في الشهر الماضي، ارتفع إنتاج مجموعة أوبك+ بمقدار 250 ألف برميل يوميًا، وهو ما يعادل 60%، مقارنة مع تعهدات التحالف، وبشكل عام، تضخ المجموعة 790 ألف برميل يوميًا أقل من أهدافها المعلنة، وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
وبالنسبة إلى إنتاج أوبك فقط، فقد ارتفع بنحو 166 ألف برميل يوميًا خلال ديسمبر 2021، ليصل إجمالي الإمدادات إلى 27.882 مليون برميل يوميًا، مواصلًا الصعود للشهر العاشر على التوالي، مع تنفيذ اتفاق تحالف أوبك+ بشأن الزيادة التدريجية للإنتاج في أعقاب التخفيضات القياسية المتبعة في 2020 جراء تداعيات كورونا، لكن الإنتاج لم يصل بعد إلى مستويات ما قبل الوباء عام 2019 والبالغة 29.365 مليون برميل يوميًا.
في المقابل، لا يزال منتجي النفط الأمريكيين يكافحون لزيادة الإنتاج، إذ ارتفعت حفارات النفط في الولايات المتحدة إلى 495 حفارة الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2020، بعد أن تضررت الإمدادات من تداعيات الوباء وكذلك العواصف التي ضربت منطقتين مهمتين لإنتاج الخام الأمريكي، وهما تكساس خلال فبراير وخليج المكسيك في أواخر أغسطس من العام الماضي.
ونتيجة لذلك، خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو المعروض النفطي من خارج دول أوبك هذا العام بنحو 100 ألف برميل يوميًا، ليصل الإجمالي إلى 66.5 مليون برميل يوميًا، كما قلصت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تقديرات نمو الإمدادات من خارج المنظمة إلى 2.84 مليون برميل يوميًا في 2022، ما يعني أن إجمالي الإمدادات قد يبلغ 66.77 مليون برميل يوميًا.
أوبك والطلب على النفط
فضًلا عن اضطرابات الإمدادات، فإن تحركات أوبك والطلب على النفط يؤثران أيضًا في مسار أسعار الخام، إذ تركز السوق على اجتماع تحالف أوبك+ هذا الأسبوع (2 فبراير)، وعلى الرغم أنه من المرجح أن تتمسك أوبك+ بالزيادة المقررة في إنتاج النفط المستهدف لشهر مارس المقبل، إلا أنها قد تمارس ضغوطًا على الأسعار.
ليس هذا فحسب، بل قد تُجبر أوبك على زيادة كبيرة في الإنتاج في الاجتماعات المقبلة، لأن مزيد من الارتفاع لأسعار النفط قد تُشكل عائقًا أمام الدول الرئيسة المنتجة للخام، كونه يؤدي إلى تباطؤ الطلب من قبل المستهلكين.
ويشهد النفط في الوقت الحالي طلبًا قويًا على الرغم من ارتفاع حالات كورونا على مستوى العالم وسط دلائل على أن متغير أوميكرون ليس عائقًا أمام الطلب، كما كان متوقعًا في البداية، كما ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي قرب مستوياته القياسية في أوروبا، يعد بمزيد من التحول من الغاز إلى النفط.
ومن المتوقع أن يعود الطلب العالمي على النفط إلى مستويات ما قبل الوباء متجاوزًا حاجز 100 مليون برميل يوميًا، مع نمو الاستهلاك بنحو 4.15 مليونًا برميل يوميًا، وفق تقديرات منظمة أوبك، فهل يتحقق ذلك بالفعل أن يكون ارتفاع الأسعار نقمة على الطلب؟
منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.