بعد فترة من الهدوء النسبي، عادت أسعار النفط للمستويات التي عانقتها في الأيام الأولى للحرب الروسية الأوكرانية؛ حيث تجاوز سعر البرميل حاجز 120 دولارًا، بدعم عدة عوامل في مقدمتها حظر الاتحاد الأوروبي للنفط الروسي وزيادة الطلب العالمي، خاصة من الولايات المتحدة والصين، وسط توقعات بأن الأسعار في طريقها للمزيد من الارتفاعات خلال الأشهر المقبلة.
وارتفعت أسعار خام برنت القياسي إلى أعلى مستوى في 3 أشهر، بعد أن رأي المستثمرون أن زيادة إنتاج النفط من قبل تحالف أوبك+ في الاجتماع الأخير غير كافية لتعويض تراجع الإمدادات الروسية، بل يراهن الكثير في الوقت الحالي على أن أسعار الخام ربما تختبر مستويات قياسية جديدة قبل نهاية العام الحالي، خاصة وأن الصيف يجلب معه زيادة في الطلب على الوقود.
وتسارعت التطورات في سوق النفط مع بداية يونيو الجاري، فماذا حدث وما الأسباب التي تقود أسعار الخام للارتفاع القوي وهل تستمر في هذا المسار الصعودي خلال الأشهر المقبلة؟
النفط الروسي ومخاوف المعروض
في نهاية مايو الماضي، توصل الاتحاد الأوروبي لاتفاق بشأن حظر 90% من واردات النفط الروسي بنهاية العام الجاري، في ظل سياسته لمعاقبة موسكو ردًا على غزو أوكرانيا، واكتفت الكتلة باستمرار تدفق 10% من الإمدادات الروسية؛ استجابة للمجر وبعض الدول الأخرى، التي كانت معارضة لقرار الحظر، مشيرة إلى صعوبة تعويض الخام الروسي.
ولوضع الأمور في نصابها، تُعد روسيا أكبر مصدر للخام عالميًا بنحو 5 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام، و2.85 مليون برميل يوميًا من المنتجات النفطية المكررة، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية لعام 2021، أيّ قبل ظهور تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
ومن هذا الإجمالي يستورد الاتحاد الأوروبي 2.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام الروسي، كما تستحوذ الكتلة على 1.2 مليون برميل يوميًا، من المشتقات النفطية، ما يعني أن الاتحاد الأوروبي يستورد نحو 45% من الخام والمنتجات النفطية الروسية.
وبناءً على ذلك، فإن قرار الحظر يعني تراجع صادرات روسيا بنحو 3 ملايين برميل يوميًا خلال الستة أشهر المقبلة، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم أزمة الإمدادات في سوق النفط، بعد قرارات حظر أخرى للنفط الروسي جاءت من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا في بداية غزو أوكرانيا.
وفي محاولة لتعويض انخفاض الإنتاج الروسي بسبب العقوبات الغربية، قرر تحالف أوبك+ زيادة إنتاج النفط بمقدار 648 ألف برميل يوميًا في شهري يوليو وأغسطس المقبلين، بعد أن كان ملتزمًا بالزيادة الشهرية البالغة 432 ألف برميل يوميًا، لعدة أشهر.
*توقعات أوبك لإنتاج روسيا من النفط
وفي الحقيقة، لم يكن لهذا القرار تأثير كبير في سوق النفط، لأنه يعني فقط تسريع خطة إلغاء خفض الإنتاج التدريجي، الذي اتفق عليها التحالف بعد الوباء، لتنتهي في أغسطس، بدلًا من سبتمبر المقبل، فضلًا عن أن أوبك نفسها على يقين بأنها غير قادرة حاليًا على تعويض نقص الإمدادات الروسية، لأنها تخفق حتى في تحقيق أهدافها الإنتاجية مع تراجع الإنتاج من دول مثل نيجيريا وأنجولا والكونغو الديمقراطية.
الطلب على النفط
وسط أزمة المعروض التي تدفع أسعار النفط للارتفاع، فإن الطلب على الوقود آخذ في الازدياد، مع بدء موسم القيادة الصيفي الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع أسعار البنزين الأمريكية لتتجاوز مستوى 5 دولارات للغالون في الأسبوع الماضي لأول مرة على الإطلاق.
وتراجعت مخزونات البنزين في الولايات المتحدة بنحو 0.8 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 3 يونيو الجاري، لتصل إلى 218.2 مليون برميل، وهو مستوى أقل المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي عند 241 مليون برميل، وفق أحدث التقارير الأسبوعية الصادرة على إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وكانت هناك مؤشرات على زيادة الطلب على النفط في الصين خلال الأسابيع الماضية، بعد تخفيف قيود الإغلاق المرتبطة بوباء كورونا في البلاد، وإن كان فرض الإغلاق مرة أخرى في أجزاء من بكين وشنغهاي خلال الأيام القليلة الماضية يثير الشكوك بشأن ارتفاع ملحوظ لاستهلاك الخام في ثاني أكبر اقتصاد حول العالم.
ورفعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقريرها الشهري، توقعاتها لنمو الطلب على النفط هذا العام إلى 2.28 مليون برميل يوميًا، ليكون المتوقع أن يسجل إجمالي الطلب العالمي مستوى 99.63 مليون برميل يوميًا في 2022.
*توقعات الطلب العالمي على النفط
تحركات أسعار النفط
مع التفاؤل حيال قوة الطلب والمخاوف من ضعف المعروض النفطي، وفق التطورات سالفة الذكر، قفزت أسعار خام برنت القياسي فوق مستوى 124 دولارًا للبرميل خلال الأسبوع الماضي (الأربعاء 8 يونيو)، وهو أعلى مستوى منذ 8 مارس المنصرم، حينما أثار الغزو الروسي لأوكرانيا مخاوف جمة في سوق النفط.
وبشكل مفصل، فإن أسعار النفط تراجعت منذ أن بلغت مستوى 139 دولارًا للبرميل في 8 مارس الماضي، بل وهبطت أقل من 100 دولار للبرميل خلال جلسات أبريل، لكن مع بدء الحديث عن إمكانية حظر أوروبا للنفط الروسي، عاودت أسعار الخام الارتفاع خلال مايو، وتداولت حول مستويات 110 دولارات في فترة هدوء نسبي، لكن إغلاقات كورونا في الصين كبح جماح المكاسب إلى حد ما.
*سعر الخام الأمريكي
ومع تغلب الاتحاد الأوروبي على معارضة المجر لقرار الحظر، وتم الاتفاق عليه رسميًا نهاية مايو الماضي، تسارعت وتيرة ارتفاع أسعار الخام منذ بداية الشهر الجاري، حتى كسرت حاجز 120 دولارًا للبرميل، وتزامن ذلك مع زيادة الطلب على الوقود في الولايات المتحدة.
وبنهاية الأسبوع الماضي، حقق خام برنت رابع مكاسبه الأسبوعية، في حين ارتفع خام غرب تكساس الأمريكي للأسبوع السابع على التوالي، لتصل مكاسب كلا الخامين منذ بداية العام الجاري إلى 60% تقريبًا.
ولا تزال التوقعات متفائلة بالنسبة لأسعار النفط، رغم تقليص بعض مكاسبها آخر جلسات الأسبوع الماضي، بسبب ارتفاع الدولار الأمريكي، بعد بيانات أظهرت استمرار تسارع التضخم في الولايات المتحدة، حيث يرى بنك جولدمان ساكس ارتفاع خام برنت إلى 140 دولارًا للبرميل خلال الربع الثالث هذا العام، لنرى هل تحقق أسعار النفط مستوى قياسيًا في الأشهر المقبلة، أم تكفي بالمكاسب التي حققت مؤخرًا؟
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.