اعتاد مستثمرو فيسبوك على تحقيق نمو مذهل من قبل الشركة، لكن يبدو أن تغيير الاسم إلى ميتا، لم يكن فألًا حسنًا إطلاقًا على الشركة الأمريكية، التي أصابت المستثمرين بخيبة أمل، وشهدت سلسلة من الأرقام السلبية حدثت لأول مرة في تاريخها، بعد إعلان الأداء المالي عن الربع الأخير من 2021.
وعانى السهم من موجة بيعيه حادة، وسط مخاوف بشأن مستقبل الشركة بعد أن فشلت الأرباح في الوفاء بالتوقعات، وإعلان أول انخفاض ربع سنوي على الإطلاق في أرقام المستخدمين اليومية، كما تضرر النموذج الإعلاني لشركة التواصل الاجتماعي بشدة من تغييرات الخصوصية في شركة آبل، والتي ستكلفها مليارات الدولارات.
يأتي الأداء السلبي في وقت تتطلع فيه فيسبوك لتغييرات في استراتيجيتها لتصبح شركة قائمة على الواقع الافتراضي، وقامت في أكتوبر الماضي بتغيير اسم الشركة الأم إلى ميتا، وهو إشارة إلى ميتافيرس، ويتزامن ذلك أيضًا مع التدقيق المستمر الذي تشهده الشركة من قبل الجهات التنظيمية، وسط مخاوف بشأن مكافحة الاحتكار.
خسائر قياسية
كان سهم ميتا الشركة الأم لفيسبوك متراجعًا بنحو 4% منذ بداية العام الجاري وحتى جلسة الأربعاء (2 فبراير)، قبل إعلان نتائج الأعمال الفصلية للربع الرابع، وبنهاية جلسة الجمعة الماضية، فإن خسائر السهم تقترب من 30% هذا العام، هذا كفيلًا أن يوضح التأثير السلبي للأرباح المخيبة للتوقعات في أداء سهم الشركة الأمريكية.
وفي جلسة الخميس، التي تلت إعلان نتائج الأعمال، تهاوى سهم فيسبوك بأكثر من 26%، مسجلًا أكبر انخفاض له في يوم واحد على الإطلاق، وهو ما تجاوز الهبوط القياسي السابق بنحو 19%، الذي شهده السهم في يوليو 2018.
هذا ليس الرقم السلبي الوحيد فقط، بل أدى انخفاض يوم الخميس إلى تراجع القيمة السوقية للسهم بأكثر من 237 مليار دولار، وهي أكبر خسارة ليوم واحد على الإطلاق من قبل شركة أمريكية، متجاوزة بذلك الخسائر القياسية السابقة التي سجلتها شركة آبل في سبتمبر 2020 والبالغة 182 مليار دولار.
واستمرت خسائر سهم ميتا وإن كانت بوتيرة طفيفة يوم الجمعة إذ تراجع بنحو 0.3%، ليسجل السهم أدنى مستوى له منذ يوليو 2020، عند 237.09 دولارًا، وبذلك سجل سهم الشركة الأمريكية أكبر خسارة أسبوعية منذ إدراجها عام 2012، بأكثر من 21%، لتصل القيمة السوقية إلى أقل من 650 مليار دولار، وتتراجع بذلك إلى المركز الثامن في ترتيب أكبر الشركات العالمية قيمة سوقية بعد أن تغلبت عليها شركة بيركشاير هاثاواي وتقدمها إلى المرتبة السابعة.
كل الأداء السلبي الذي طال سهم فيسبوك في يوم واحد، كان نتيجة ما أوضحته نتائج الأعمال والتوقعات المستقبلية من أرقام أقل مما يتوقعه المحللون ويأمله المستثمرون، نستعرضها بالتفصيل فيما يلي.
أرباح مخيبة للآمال
تراجعت أرباح شركة فيسبوك بنحو 8% خلال الثلاثة أشهر المنتهية في ديسمبر الماضي، لتصل إلى 10.28 مليار دولار، مقارنة مع 11.21 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2020، وبلغ نصيب السهم من الأرباح 3.67 دولار، ما جاء أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى 3.84 دولار.
وهذا يعني أن إجمالي إيرادات الشركة الأمريكية بلغ 33.67 مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي، بزيادة 20% على أساس سنوي، مقارنة مع مستوى 28.07 مليار دولار، لتتفوق على توقعات محللي وول ستريت، التي كانت تشير إلى عائدات بقيمة 33.4 مليار دولار.
ورغم ذلك فإن هذه النقطة الإيجابية، التي تتعلق بالإيرادات، لم تكن مثيرة للإعجاب، مع فشل أعداد المستخدمين النشطين في الوفاء بتوقعات المحللين، ليس هذا فحسب، بل عانت أعداد المستخدمين النشطين يوميًا من تسجيل أول هبوط فصلي على الإطلاق، رغم ارتفاعها على أساس سنوي.
وأشارت فيسبوك إلى أن عدد المستخدمين النشطين يوميًا بلغ 1.93 مليار مستخدم في الربع الرابع من 2021، بزيادة 5% على أساس سنوي، كما صعد عدد المستخدمين النشطين شهريًا إلى 2.91 مليار مستخدم بارتفاع 4%، لكن عدد المستخدمين النشطين يوميًا وشهريًا أقل من التوقعات البالغة 1.95 و2.95 مليار مستخدم على التوالي.
وفي إجمالي 2021، ارتفعت أرباح فيسبوك بنحو 35% على أساس سنوي لتصل إلى 39.37 مليار دولار، كما صعدت الإيرادات السنوية للشركة الأمريكية بنسبة 37%، لتسجل 117.92 مليار دولار.
تكاليف أعمال الميتافيرس
مع تغيير الاسم إلى ميتا، كشفت الشركة النقاب لأول مرة عن البيانات المالية لقسم الميتافيرس، والتي أوضحت أن بناء هذا القيم ضمن أعمال الشركة ليس بالتكلفة الهينة على الإطلاق، وأنها تحتاج إلى عدة سنوات قبل أن تصبح مربحة، فهل يصبر المستثمرون على ذلك؟
وسجل قسم ريالتي لابس (Reality Labs) المرتبط ببرامج الواقع الافتراضي وسماعة الرأس كويست في آر(Quest VR) وغيرها، خسائر تشغيلية قدرها 3.3 مليار دولار إيرادات بقيمة 877 مليون دولار، فيما حقق القسم الخاص بأعمالها الأساسية المتعلقة بالتطبيقات (فيسبوك وماسنجر وواتساب وإنستغرام) أرباحًا تشغيلية بلغت 15.89 مليار دولار، مع إيرادات بقيمة 32.79 مليار دولار.
ومع هذه الخسائر الفصلية، سجل قسم (Reality Labs) خسائر سنوية بلغت 10.19 مليار دولار في العام الماضي، مع إيرادات إجمالية نحو 2.27 مليار دولار، مع تكلفة البحث والتطوير وتكاليف الموظفين وغيرها من الأمور الضرورية لتعزيز بناء الميتافيرس.
في الحقيقة هذه الخسائر متزايدة، إذ بلغت 4.5 مليار دولار في عام 2019، ثم ارتفعت إلى 6.6 مليار دولار في عام 2020، ورغم تجاوز 10 مليارات دولار العام الماضي، تتوقع الشركة استمرار تسجيل خسائر سنوية متعلقة بأعمال الميتافيرس في 2022، ما يعني أن ستظل تضغط على الأرباح الإجمالية لشركة ميتا.
المنافسة المتزايدة
فضلًا عن التكاليف المتعلقة بقسم الميتافيرس، أرجعت فيسبوك أسباب الأرباح المخيبة للآمال في الربع الرابع من 2021، إلى زيادة المنافسة مع الشركات الأخرى، إذ حذرت من أن المستخدمين يقضون وقتًا أطول على منصات منافسة مثل تيك توك المملوكة للصينية بايت دانس.
المنافسة لم تكن فقط على وقت الأشخاص، فإن فيسبوك كانت أكبر الخاسرين في منافسة الإعلانات بين شركات التكنولوجيا الأخرى، بفعل تغييرات الخصوصية من قبل شركة آبل، والتي تحد من قدرة ميتا على بيع الإعلانات، إذ تتوقع الشركة المالكة لوسائل التواصل الاجتماعي أن هذه القيود ستؤدي إلى خسارة 10 مليارات دولار من إيراداتها في عام 2022.
هذا بالإضافة إلى تزايد معدلات التضخم واضطرابات سلاسل التوريد، جراء تداعيات فيروس كورونا، وهو ما تؤثر في ميزانيات المعلنين، في الوقت نفسه، ورغم كل هذه العقبات، حققت شركة أمازون عائدات قياسية من الإعلانات في العام الماضي، بلغت 31 مليار دولار، فيما حققت شركة جوجل 28.8 مليار دولار من عائدات الإعلانات التي نشرها موقع يوتيوب لهذا العام.
ومع تزايد المنافسة وتسارع التضخم، تتوقع شركة فيسبوك أن تحقق إيرادات تتراوح بين 27 و29 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الجاري، بزيادة تتراوح بين 3% و11% على التوالي على أساس سنوي، لكنها ستكون أقل من توقعات محللي وول ستريت، التي تشير إلى عائدات ربع سنوية بقيمة 30.1 مليار دولار.
في النهاية، تواجه ميتا تحديًا حقيقيًا لهيمنتها على وسائل التواصل الاجتماعي، مع تزايد المنافسة من شركات أخرى تستقطب المستخدمين، فلم يعد وضع فيسبوك وتصدره لاهتمامات الأشخاص كما كان في السنوات الأخيرة، في وقت تواجه فيه الشركة انتقادات شديدة تتعلق بانتهاكها للخصوصية، فهل يحقق الميتافيرس مجالًا آخرًا يدعم نمو الشركة؟
منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.