وباء فيروس كورونا (COVID-19) العالمي هو كارثة كبيرة الحجم. فبالإضافة إلى آثاره السلبية على المُستوى الاجتماعي، تتضح آثاره جليًا على القطاع المالي. على منصة eToro، ظهرت بعض البيانات المثيرة للاهتمام فيما يتعلق بكيفية تفاعل المُتداولين والمُستثمرين مع مثل هذه الأزمة.
تسبب فيروس كورونا في العديد من الظواهر المالية التي إما لم يسبق لها مثيل أو لم نشهدها مُنذ عقود. في هذا المقال، سنُقدم لك نظرة سريعة فريدة من نوعها على بعض المعلومات الداخلية لمنصة eToro، حيث نستخلص ونناقش نقاط البيانات الفريدة التي تُظهر التغييرات في السلوك.
تزايد النشاط على منصة eToro
نظرًا لأن العديد من الحكومات قد فرضت عدة أشكال من عمليات الإغلاق في بلدانها، تأثر المليارات من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، واضطر العديد منهم إلى البقاء في المنزل. علاوة على ذلك، ساهمت الآثار المالية المتزايدة للفيروس في زيادة الاهتمام بالأسواق العالمية لدى الكثير من الأشخاص في جميع أنحاء العالم. اتضح ذلك جليًا على منصة eToro، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في النشاط منذ طفرة العُملات الرقمية في الفترة بين عامي 2017-2018.
كما تُلاحظ أعلاه، ازداد عدد الصفقات الجديدة المفتوحة على منصة eToro بمقدار خمسة أضعاف منذ أن بدأت تصدر بعض الأنباء حول فيروس كورونا.
ما الذي يتداول عليه مُستخدمو eToro؟
يتسم مُجتمع eToro بالتنوع الكبير، ويضم ملايين المستخدمين من أكثر من 140 دولة حول العالم. في حين أن بعض الأصول وفئات الأصول تحظى بشعبية أكبر بكثير من غيرها، فلا يزال هناك تنوع كبير. وفي الوقت الحالي، ساهم الوباء العالمي في تحول تركيز المُتداولين والمُستثمرين نحو الأصول التي كانت تتسم عادةً بأنها أقل شعبية.
في تحول للاتجاه لم يسبق له مثيل على منصة eToro، أصبحت المؤشرات أكثر فئات الأصول شيوعًا، حيث شكلت أكثر من ثلث جميع الصفقات المفتوحة. تليها مُباشرةً، الأسهم التي تُشكل ما يزيد عن 30% من الصفقات المفتوحة، ثُم السلع التي حافظت على حصتها المُتناسبة بنسبة 16%. كان التغيير الرئيسي الآخر في العُملات الرقمية، التي تحولت من كونها فئة رائدة إلى 7% فقط من إجمالي الصفقات.
في حين أن السلع لا تزال تحتفظ بالمراكز الأولى خلال شهر مارس، يُمكنك أن ترى بوضوح في الرسم البياني أعلاه أن المؤشرات أصبحت تجذب المُتداولين والمُستثمرين على نحو أكبر، مما يدفع العملات الرقمية إلى أسفل القائمة.
هل يعتقد المُتداولون أن الأسواق سوف ترتد من جديد؟
أحد المؤشرات المُحتملة للثقة العامة في الأسواق هو الاستخدام النسبي لصفقات البيع، التي ترتفع قيمتها عندما تنخفض قيمة أحد الأصول. في وقت كتابة هذا التقرير، يبدو أن غالبية الصفقات المفتوحة على منصة eToro لا تزال صفقات شراء.
وعلى الرغم من ذلك، كما تُشير البيانات، أصبحت صفقات البيع أكثر شيوعًا، حيث تضاعفت تقريبًا في عددها النسبي مقارنة بصفقات الشراء في الفترة بين شهر يناير ومنتصف شهر مارس. علاوة على ذلك، نظرًا لأن العديد من المستثمرين لن يفكروا حتى في اللجوء إلى أوامر البيع، نظرًا لزيادة مخاطرها على نحو أكبر أو بسبب اتباعهم لاستراتيجية شراء فقط، فإن هذا الاتجاه يُظهر أن عددًا مُتزايدًا من الأشخاص لديهم ثقة أقل في الأسواق اليوم.
ولكن، من المُمكن مُلاحظة بارقة أمل في صورة انخفاض نسبة صفقات البيع خلال الأسبوعين الماضيين من شهر مارس، وهو ما يتزامن مع حزمة التحفيزات البالغ قيمتها 2.2 تريليون دولار التي تم الإعلان عنها في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي عززت وول ستريت وأعادت الثقة لبعض المستثمرين.
عامل التقلبات
أصبحت بعض الأصول مُتقلبة للغاية خلال الأشهر القليلة الماضية. فقد تحولت أُصول مثل الذهب والنفط والمؤشرات من أُصول تُظهر أحيانًا بعض التحركات اليومية العشرية إلى أُصول تتعرض لتقلبات حادة قد تصل إلى رقمين. يُدرك مُتداولو eToro مثل هذه التحركات، وعادة ما يتفاعلون مع فتح صفقات بيع أو شراء.
رُبما تكون المؤشرات هي الأدوات المالية التي قدمت التغيير الأكثر عمقًا. فمُنذ أن تم اعتبارها بمثابة خيار استثماري طويل الأجل، أصبحت المؤشرات هي الأدوات الاستثمارية المُفضلة لدى المُتداولين الذين يقومون بإجراء صفقات بيع على المكشوف. أصبحت صفقات البيع على المؤشرات الأمريكية والأوروبية هي السائدة. وعلى الرغم من ذلك، فقد تم تعويض ذلك الأمر في وقت لاحق من قبل بعض البورصات التي عطلت تنفيذ أوامر البيع تمامًا، وتعافت بعض المؤشرات بفضل حزمة التحفيزات التي فرضتها الحكومة.
كما تُظهر البيانات بوضوح، أصبحت صفقات البيع شائعة للغاية بين المتداولين خلال شهر مارس، لدرجة أنها تجاوزت بالفعل صفقات الشراء في أوقات معينة.
فقد تأثر الذهب تأثرًا بالغًا بالوباء العالمي. في بداية الأمر، تراجعت أسعار الذهب تمامًا مثلما كان هو الحال بالنسبة للأصول الأخرى، على الرغم من أنه يُعد أحد أصول الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه المُتداولون والمُستثمرون في مثل هذه الأوقات. وعلى الرغم من ذلك، فقد تعافى الذهب منذ ذلك الحين، وانخفض أيضًا عدد صفقات البيع.
عانت أسعار النفط على نحو كبير خلال الأزمة. فقد أدى الإغلاق القسري في العديد من البلدان إلى توقف العالم تمامًا، وهو ما أدى إلى تقليص الحاجة إلى النفط خلال هذه الأوقات على نحو كبير، وهو أيضًا أحد الأسباب الذي ساهم في انزلاق الذهب الأسود إلى أدنى مُستوى له منذ 18 عامًا في أواخر شهر مارس.
الصناعات الأكثر تأثرًا
في الوقت الذي تأثرت فيه الأسواق في جميع أنحاء العالم بهذا الوباء، تأثرت بعض القطاعات بشكل أكبر من غيرها.
قطاع السفر
بلا شك، جاء قطاع السفر على قائمة القطاعات الخاسرة، وهو يمتد إلى مُختلف الصناعات. بعض هذه الصناعات يتمثل في صناعة الفضاء وصناعة الإسكان وصناعة الطيران، التي تضررت بشدة جراء انتشار الوباء.
يُوضح الرسم البياني أعلاه كيف تراجعت الشركات في كل صناعة، وخاصة شركة Boeing وAmerican Airlines وBooking.com خلال تصاعد أزمة فيروس كورونا. على الرغم من تعافيها الطفيف الذي شهدته خلال الأسبوعين الماضيين، لا يزال أمام هذه الصناعات طريق طويل للتعافي.
في فئة البيع على المكشوف، ازداد العدد النسبي لصفقات البيع أيضًا.
قطاع “البقاء في المنزل”
أدت عمليات الإغلاق التام للعديد من الدول، والابتعاد الاجتماعي والعزل الذاتي إلى زيادة الحاجة إلى بعض الصناعات مقارنة بغيرها. فقد ازداد الطلب على خدمات التوصيل للمنازل وغيرها من أشكال الترفيه في المنازل.
على الرغم من أنها ليست مُحصنة تمامًا من الاتجاه الهبوطي العالمي، فإن البيانات تُشير إلى أن هذه الشركات كانت أكثر مرونة، نظرًا لقدرتها على توفير الاحتياجات الأساسية للأفراد الذين يمكثون في منازلهم، مثل خدمة (Netflix) للبث التليفزيوني، وخدمة (Amazon) لتوصيل السلع، وخدمة الوجبات الساخنة التي تُقدمها (Domino’s).
شركات الأدوية العملاقة
من المؤكد أن أنظار العالم بأسره تتجه نحو شركات الأدوية، على أمل أن تتمكن من تطوير علاج أو لقاح مُضاد لفيروس كورونا. علاوة على ذلك، فإن هناك حاجة ماسة للحصول على الدواء، بل وتزداد تلك الحاجة أيضًا خلال هذه الأوقات.
وعلى الرغم من ذلك، كما تُظهر البيانات، لم يتم إنقاذ هذه الشركات، بل وتأثرت تأثرًا بالغًا بالاتجاه الهابط. على الرغم من ارتداد شركة Gilead في البداية على أمل تطويرها لقاح مُضاد لفيروس كورونا، حققت شركة Johnson & Johnson مكاسب مُذهلة لاحقًا إثر إعلانها عن بدء التجارب البشرية للقاح توصلت إليه لمكافحة فيروس كورونا خلال شهر سبتمبر.
على الرغم من تأثرها بالاتجاهات الهابطة، بقيت معنويات المستثمرين إيجابية، حيث اختار جميع الذين قاموا بفتح صفقات في شركات الأدوية الكبرى إجراء صفقات شراء بدلاً من صفقات البيع.
إلى أين تتجه الأسواق؟
الإجابة المُختصرة: لا أحد يعلم. يعتقد بعض المحللين أن السوق قد بلغت بالفعل أدنى مُستوياتها وسوف ترتد من جديد من هذه النقطة، بينما يرى آخرون أن النهاية لا تزال بعيدة. يرى بعض المستثمرين أن هذه فرصة جيدة لشراء الأسهم بسعر أقل، بينما يعتقد البعض الآخر أنه يجب عليهم “الحفاظ” على أموالهم حتى تهدأ التقلبات وتنتهي الأزمة.
على أي حال، نحن هنا لدى eToro سنستمر في جمع البيانات وتقديم التحديثات من وقت لآخر.