هل تستعيد البيتكوين عافيتها أم تستمر في مسلسل الخسائر؟

لم تكن البيتكوين ورفاقها بمعزل عن الخسائر الفادحة التي ضربت أسواق الأسهم العالمية في الفترة الأخيرة، مع مخاوف من اقتراب شبح الركود التضخمي، بل شهدت العملة المشفرة الأكبر عالميًا موجة بيعية حادة جعلتها تفقد أكثر من نصف قيمتها في 7 أشهر فقط، لكن لا تزال هناك بعض المؤشرات الإيجابية تمنع البيتكوين من الانهيار، خاصة بعد استعادة جزء من خسائرها خلال الأيام الماضية.

فقدت خلالها البيتكوين أكثر من 57% من قيمتها منذ أن سجلت أعلى مستوى على الإطلاق في نوفمبر 2021، بالقرب من 69 ألف دولار، وجاء نصف هذه الخسائر تقريبًا في مايو الجاري فقط، مما أثار العديد من التساؤلات حول أسباب الهبوط الحاد للعملة المشفرة، وهل تستمر في مسارها الهبوطي، لا سيما بعد التراجع دون مستوى رئيسي 30 ألف دولار، أما أنها ستعاود الارتفاع مرة أخرى، كعادتها المتقلبة؟

وبالتزامن مع هبوط البيتكوين، شهد جميع العملات المشفرة تراجعًا حادًا، فقد هبطت الإيثريوم، ثاني أكبر العملات الرقمية، أدنى من ألفي دولار، بعدما كانت تتداول بالقرب من 5 آلاف دولار في نوفمبر الماضي، مما دفع القيمة السوقية لإجمالي السوق المشفرة للتراجع إلى 1.3 تريليون دولار، مقابل 3 تريليونات دولار خلال نوفمبر 2021.

كيفية شراء البيتكوين

خسائر البيتكوين

تراجعت البيتكوين بأكثر من 35% هذا العام حتى الآن، مما أثار مخاوف من انهيار الفقاعة التي تكونت خلال 2020 و2021، مع تفشي وباء كورونا، خاصة مع تسارع اتجاه الهبوط في آخر شهرين، بعد اتجه المستثمرون إلى الأصول البعيدة عن التقلبات في بيئة تُحيطها الشكوك من كل جانب.

وبدأت العملة المشفرة -التي تستحوذ على 40% من إجمالي قيمة السوق الرقمية- العام الجاري فوق مستوى 46 ألف دولار، بل تجاوزت 48 ألفًا في أوائل يناير الماضي، قبل أن تشهد انحدارًا كبيرًا أواخر الشهر نفسه وتراجعت إلى أقل من 34 ألف دولار (24 يناير)، بعدما بدأت مخاوف التضخم تتسلل إلى نفوس المستثمرين، وأحدثت تقلبات كبيرة في أسواق الأسهم العالمية.

وما إن بدأت المخاطر الجيوسياسية تدخل على خط مخاوف المستثمرين حتى عاودت البيتكوين الصعود وتجاوزت مستويات 45 ألف دولار في فبراير الماضي، رغم أنها تلقت هزة قوية فور بدء الغزو الروسي لأوكرانيا رسميًا، ومنذ ذلك الحين شهدت العملة الرقمية تقلبات حادة حيث بدأت لعبة شد الحبل بين التوترات الجيوسياسية من جهة والقلق بشأن التضخم وارتفاع أسعار الفائدة من ناحية أخرى.

ورغم تفوق مخاوف الحرب الروسية الأوكرانية في البداية ودفعت البيتكوين إلى مستوى 47 ألف دولار في أواخر مارس الماضي، باعتبارها مخزنًا للقيمة وملاذًا آمنًا، إلا أن مستثمري العملات المشفرة رضخوا في النهاية إلى خطر أسعار الفائدة المرتفعة، وبدت تحركات البيتكوين أكثر توافقًا مع الأصول الخطرة على رأسها الأسهم، التي شهدت موجة بيعية حادة في أبريل ومايو.

ومع خسائر الأسهم، عمقت البيتكوين تراجعها إلى أقل من 26 ألف دولار في 12 مايو الجاري، لأول مرة في 16 شهرًا، مع خسائر حادة ضربت الأصول المشفرة وأفقدتها أكثر من 200 مليار دولار في هذا اليوم فقط، لكنها استعادت بعض خسائرها في الأيام الماضية وارتفعت مجددًا حول 30 ألف دولار.

كيفية شراء البيتكوين

دوافع الموجة البيعية الأخيرة

بعد سرد تحركات البيتكوين منذ بداية العام، سنتناول بالتفصيل أبرز المُحركات الأساسية لهذا الأداء، وسط موجة من العوامل السلبية وأخرى كان من المفترض أن تكون إيجابية للعملات المشفرة لكن هذا لم يحدث، وهو ما يمكن أن يكون السبب الرئيسي في التقلبات شهدتها العملة الرقمية الأكثر شعبية.

العامل الأول.. في الظروف الطبيعية، قد يكون تسارع التضخم دافعًا لارتفاع العملات المشفرة؛ إذ يُنظر إليها على أنها مخزنًا للقيمة ضد تراجع قيمة العملات وأفضل من الأسهم التي تتقلص أرباحها بالتزامن مع قفزة الأسعار، لكن أن يصاحب هذا التضخم ارتفاع أسعار الفائدة ومخاوف من الركود التضخمي، فإن هذا يؤثر سلبًا في أداء البيتكوين ورفاقها.

وفرَّ المستثمرون من العملات المشفرة في وقت دخلت فيه الأسهم الأمريكية سوق هابطة، بعد أن تراجع مؤشرا ستاندرد آند بورز وناسداك أكثر من 20%، من أعلى مستوياتهما، وسط مخاوف من ارتفاع الأسعار وتدهور التوقعات الاقتصادية، حيث وصل معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى في 40 عامًا.

وتزايدت مخاوف الركود الاقتصادي، بعدما تحرك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعدوانية لمكافحة التضخم المرتفع ورفع أسعار الفائدة بنسبة 0.5% في أكبر زيادة منذ أكثر من 20 عامًا، وسط التعهد بالمزيد من عمليات الرفع هذا العام، وهو ما يزيد من جاذبية الدولار في مواجهة العملات المشفرة، حيث يركز المستثمرون في مثل هذه الأوقات على الأصول الأكثر ثابتًا.

العامل الثاني.. جاءت خسائر البيتكوين أيضًا بفعل انهيار العملة المستقرة في وقت سابق من هذا الشهر؛ حيث تحطمت عملة تيرا يو إس تي LUNA بنسبة 100% تقريبًا، ليصل سعرها إلى اعشار السينتات ، لتفقد الربط مع الدولار، مع حقيقة أنها مصممة في الأساس بحيث لا تنحرف بشكل كبير عن دولار واحد، كما انهارت عملة لونا التابعة لمنصة تيرا إلى الصفر، بعدما كانت تتداول فوق 85 دولارًا أوائل مايو الحالي، قبل أن تتمكن كلتا العملتين (تيرا ولونا) من استعادة بعض خسائرها لاحقًا.

وبدأت لونا التداول في مايو 2019 عند حوالي 3 دولارات، ووصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند حوالي 116 دولارًا في أبريل الماضي، قبل أن تصبح عديمة القيمة في الأيام القليلة الماضية.

العامل الثالث.. تراجعت أسهم الشركات القائمة على تعدين البيتكوين بشكل كبير في الفترة الأخيرة، مما أثار مخاوف بشأن مستقبل العملة المشفرة، في الوقت الذي أصبحت فيه تكلفة تعدين البيتكوين حاليًا مساوية تقريبًا إلى سعرها حول مستويات 30 ألف دولار، بحسب تقديرات مركز كامبريدج للتمويل البديل.

ومنذ بداية العام الجاري تراوحت تكلفة تعدين البيتكوين بين نطاق 20 و30 ألف دولار، لكن استمرار تداول البيتكوين بالقرب من 30 ألف دولار في الأيام الأخيرة أثار مخاوف بشأن إيرادات عمال المناجم.

هل تعاود البيتكوين الارتفاع؟

في ظل البيئة المحفوفة بالمخاطر حاليًا للأسواق العالمية، فإن توقعات مسار البيتكوين في الفترة المقبلة أمرًا ليس سهلًا، ومن المرجح أن تستمر أسباب الهبوط سالفة الذكر من مخاوف التضخم وارتفاع أسعار الفائدة في الضغط على العملات المشفرة على المدى القصير أو على الأقل تحجيم تداولها عند مستويات 30 ألف دولار الحالية.

ورغم الشكوك الكثيرة التي تحوم حول البيتكوين، لكن بعض المؤشرات الإيجابية التي ظهرت مؤخرًا تُبقي ثبات العملة المشفرة؛ حيث عاودت الصعود في عطلة نهاية الأسبوع فوق 30 ألف دولار، بعدما تهاوت دون 26 ألفًا في وقت سابق من هذا الشهر، ما يعني أن المستثمرين رأوا أن هذه المستوى فرصة للشراء.

الأمر الثاني أن الارتباط الذي ظهر جليًا في الفترة الأخيرة بين البيتكوين والأسهم، بدأ يتلاشى في الأسبوع الماضي، بعدما ارتفعت العملة المشفرة حتى في الوقت الذي عانت فيه الأسهم الأمريكية من أسوأ أيامها منذ 2020 خلال جلسة الأربعاء الماضية.

في النهاية، اكتسبت البيتكوين المزيد من الزخم مؤخرًا مع تزايد الاعتراف بها في العديد من المؤسسات المالية والشركات الكبرى ما يُبقيها بعيدًا عن الانهيار، لكن يظل الخطر الأكبر على البيتكوين في الفترة المقبلة هو دخول الاقتصاد في مرحلة ركود، الأمر الذي سيدفع المستثمرين للاحتفاظ بأصول أكثر صلابة وأمانًا، بعيدًا عن تقلبات الألتز من العملات المشفرة.

كيفية شراء البيتكوين

*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.

الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.

شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.

شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.

شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.