في عام عصيب، تحتفل صناعة النفط الصخري الأمريكي بعيد ميلادها الخامس عشر ستكون ذكرى سيئة للغاية، مع خسائر فادحة للصناعة وإفلاس العديد من الشركات وسط تراجع أسعار النفط.
بعد أن غيَر النفط الصخري مشهد الطاقة، مما جعل الولايات المتحدة أكبر منتج للخام في العالم، قلب الوباء الوضع رأسا على عقب، مما جعل بعض المحللين يتوقعون انهيار هذه الصناعة، خاصة وأن النفط الأمريكي أحد أكبر الخاسرين في حرب الأسعار بين السعودية وروسيا التي اعتبرها الكثيرون حربًا على صناعة النفط الأمريكية.
لكن مع تعويض أسعار النفط جزءاً كبيراً من الخسائر التي تكبدها بسبب الوباء، بدأ الحديث عن إمكانية لحاق النفط الصخري الأمريكي بمركب النجاة.
وفي الأسبوع الماضي، قفز إنتاج الولايات المتحدة من النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياً، في أول صعود منذ 3 أشهر تقريباً، ليصل إلى 11 مليون برميل يومياً بعد أن وصل إلى مستوى 13 مليون برميل يومياً قبل أن يتعرض لموجة من الهبوط المتواصل منذ تفشي وباء كورونا وانهيار أسعار الخام، لكن الأسعار بدأت في التعافي الملحوظ مؤخراً.
وعلى الرغم من أن الشركات الأمريكية واصلت إغلاق منصات التنقيب عن النفط للأسبوع الخامس عشر على التوالي إلا أنها تخلت عن منصة واحدة في الأسبوع الماضي في تغير كبير مقارنة بعمليات الإغلاق الواسعة للمنصات منذ تفشي كورونا مما يعني أنه من الممكن عودة المنصات للعمل مجدداً والتي تعطي إشارات مستقبلية عن زيادة الإنتاج.
*الاتجاه الهبوطي للإنتاج الأمريكي ومنصات التنقيب في 2020، بحسب وكالة بلومبرج
لكن، يبقى السؤال هل تعود صناعة النفط الصخري الأمريكي لأيام الازدهار أم زيادة الإنتاج مؤخراً مجرد طفرة فقط؟
هذا التحسن في الإنتاج النفطي الأمريكي، وفقًا للتنبؤات، قد يكون مؤقتًا، حيث ترى مؤسسة “ماركت للأبحاث” أن زيادة الإنتاج سوف تستمر لبضعة أشهر، وبعد ذلك سيتبعها انخفاض آخر، وذلك لأن النمو الهائل في الإنتاج على مدى السنوات العشر الماضية جاء اعتماداً على نفقات هائلة ومعدلات فائدة منخفضة تسمح للشركات بالاقتراض وزيادة الإنفاق.
مع وصول أسعار النفط حول مستوى 40 دولارًا للبرميل، تغطي العديد من منصات التنقيب الأمريكية تكاليف التشغيل الفورية، كما تقدر شركة “ريستاد إنيرجي” أن ما يزيد قليلاً عن 300 ألف برميل يوميًا من إنتاج النفط الأمريكي المتوقف قد عاد للسوق مجدداً.
كما كتبت “جي.بي.سي إنيرجي” تقول إن الإغلاق أثر على إجمالي إنتاج 1.15 مليون برميل يوميًا في الشهرين الماضيين، لكن من المتوقع أن يعود هذا الإنتاج تدريجيا خلال الشهرين المقبلين.
لذا هناك شعور بأن صناعة النفط الصخري تعود إلى الحياة وعلى الرغم من ذلك يعتبر من الصعب عودة إنتاج النفط إلى الانتعاش سريعا على شكل حرف (v)، حيث يرسم كبار متنبئي الصناعة صورة أكثر قتامة بكثير، ويقولون إن إعادة فتح الاقتصاد وعودة المنصات للعمل لن تفعل الكثير لإحداث نمو جديد في صناعة تعاني من حرمان السيولة، حتى قبل حدوث الوباء.
بمساعدة أسعار الفائدة المنخفضة تاريخياً، تمتعت شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بسهولة الوصول إلى رأس المال من المستثمرين الذين تأسرهم إمكانات نموها، مكنت هذه الاستثمارات الابتكارات التكنولوجية التي أدت إلى ارتفاع الإنتاج بشكل كبير، ومع ذلك، ثبت أن الأرباح والتدفق النقدي الحر بعيد المنال، حيث استهلكت صناعة النفط الصخري الأمريكية 300 مليار دولار منذ عام 2010، وفقًا لشركة “ديلويت”.
ويجبر الركود المستمر وأسعار الخام الضعيفة الآن شركات النفط الكبيرة والصغيرة على تخفيض قيمة محافظها التي كانت مربحة ذات مرة، وفي الأسبوع الماضي، حذرت “بي.بي” من أنها ستخفض قيمة أصولها، بما في ذلك احتياطيات النفط والغاز غير المستغلة، بما يصل إلى 17.5 مليار دولار، أي حوالي 6% من أصول الشركة، كما شركة إكسون موبيل رسومًا بقيمة 2.9 مليار دولار مرتبطة بعمليات الشطب خلال الربع الأول، مما تسبب في أول خسارة ربع سنوية للشركة منذ عام 1999 على الأقل.
وبينما لا تؤثر انخفاضات الأصول هذه بشكل مباشر على مستويات السيولة النقدية للشركة، إلا أنها تؤدي إلى تفاقم مستويات الرافعة المالية غير المستقرة بالفعل، ذلك لأن عمليات الشطب لا تمحو الديون المتراكمة لتطوير مشاريع الحفر.
مع هذه الصعوبات ومعاناة الصناعة، وبالنظر إلى الـ18 شهرًا المقبلة، سيظل الإنتاج الأمريكي من النفط أقل بنحو 16% عن ذروته في فبراير الماضي، وفقًا لمتوسط خمسة متنبئين رئيسيين استطلعتهم وكالة “بلومبرج”، لذا من المحتمل أن يكون عام 2023 على الأقل قبل أن تصل الولايات المتحدة مرة أخرى إلى مستوى قياسي يقارب 13 مليون برميل يوميًا.
وحديث المحلل “سكوت شيفيلد” من شركة “بايونير ناتشورال ريسورسز” يوضح ذلك حيث ذكر: ” مستوى 40 دولاراً قد يكون رب ضارة نافعة، لا أحد سيضيف منصات، ولا أحد سيضيف أساطيل التنقيب عند هذا السعر للنفط”، مضيفاً: “تختلف عودة الإنتاج المتوقف عن العودة إلى حفر آبار جديدة، لا أرى أي تغيير عند 40 دولارًا، نحن بحاجة إلى الحصول على ما يصل إلى 45 دولارًا أو 50 دولارًا قبل أن ترى الشركات تبدأ في إضافة المنصات”.
وتابع “شيفيلد” أن معظم الشركات لديها الكثير من ديون الرافعة المالية، وسوف تستخدم التدفق النقدي لإصلاح الميزانيات العمومية لأن أسواق الأسهم مغلقة، لذلك لن يكون هناك اندفاع إلى إضافة نشاط على الإطلاق.
كما يرى “نيك كانينجهام” عبر موقع “أويل برايس”، أنه نظرًا لأن الآبار الصخرية تنخفض بشكل سريع، سيستمر إجمالي الإنتاج الأمريكي في الانخفاض، على الرغم من الهزة المؤقتة من عودة الآبار المغلقة.
وتشهد صناعة النفط حاليًا ضغطًا كبيرًا حيث يتم تقييد مساحة الشركات في المناورة بسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية وتراجع الطلب وقيود رأس المال وأعباء الديون وتأثيرات الوباء.
وأرجع تقرير لشركة “ديلويت” أن “الضغط الكبير” على صناعة النفط الصخري يرجع إلى أربعة عوامل،
أولاً: العمل عن بعد وتأثيره على تراجع الطلب على الوقود المرتبط بالنقل.
ثانياً: طلب الوقود الجديد حيث يوفر تقارب أسعار النفط إلى الغاز والقوة النسبية في أسعار الغاز الطبيعي زيادة في الاستثمار في الغاز الطبيعي.
ثالثاً: تسريع تحول الطاقة، حيث أن العوائد من مشاريع الطاقة الجديدة الآن على قدم المساواة مع إيرادات شركات النفط الحالية.
رابعاً: تطور سلاسل التجارة والقيمة حيث أن موجة محتملة جديدة من الحمائية وتقليل سلاسل التوريد تشكل تهديدًا للطلب العالمي على الشحن والوقود البحري.
جميع ما سبق يشير إلى إمكانية عودة صناعة النفط الأمريكي لكن سيستغرق هذا عدة سنوات، لكن ما سيحدث إذا استمرت أسعار الخام عند مستوياتها الحالية لفترة طويلة أو تراجعت مرة أخرى؟
يرى معهد الاقتصاد والسلام في أستراليا أن تأثير الفيروس قد يؤدي إلى انهيار صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة، إلا إذا عادت أسعار النفط إلى مستوياتها السابقة.
كما تشير دراسة حديثة أن حوالي 30% من شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة غير قادرة على سداد الديون مما يهدد بإفلاسها عند أسعار النفط التي تبلغ 35 دولاراً للبرميل.
وبنفس المقياس، فإن حوالي نصف صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة قد تتجه للإفلاس عند 20 دولاراً للبرميل.
كما يتوقع المحللون أن 250 شركة قد تنهار قبل نهاية العام المقبل ما لم ترتفع أسعار النفط بسرعة كافية لبدء توفير السيولة للمنتجين الذين يعانون في ظل تراكم الديون.
ويقدر المحللون في “ريستاد إنيرجي” أن عدد الشركات التي تتقدم بطلب للحماية من الإفلاس قد يرتفع إلى 73 شركة قبل نهاية العام. ستتبع 170 أخرى العام المقبل إذا ظلت الأسعار حول المستويات الحالية.
في النهاية، استخراج النفط الصخري هو عمل يحتاج لرأس المال الضخم، حتى بأقل أسعار التعادل، تحتاج الحفارات الصخرية إلى مواصلة حفر آبار جديدة للحفاظ على الإنتاج وتعزيزه، لهذا يحتاجون إلى سيولة التي قد لا تكون متوفره لديهم الآن، والبنوك أقل استعدادًا من أي وقت مضى لإقراضهم، لهذا السبب، يتوقف انتعاش النفط الصخري في الولايات المتحدة على ارتفاع أسعار النفط وهذا تتحكم فيه “أوبك+” بشكل كبير والتي لا تريد أيضا تعافي الخام الأمريكي.
منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.