غَمر التفاؤل سوق النفط هذا العام، وتزايدت المراهنات على وصول سعر البرميل إلى 100 دولارًا، لكن فجأة حبست السوق أنفاسها خلال الأيام الماضية، مع فشل تحالف أوبك+ في التوافق على سياسة الإنتاج خلال الأشهر المقبلة، الأمر الذي أثار حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين، فهل يتمسك النفط بمسيرة الصعود؟
رغم أن التعافي القوي لأسعار النفط من صدمة الوباء يُعزى في الغالب إلى إجراءات تحالف أوبك+، إلا أن تقلبات الأسعار خلال الأسبوع الماضي أظهرت أن الانقسامات الداخلية للمنظمة قد تهدد استقرار سوق النفط.
خلافات أوبك+
فشل المحادثات الرسمية والجانبية والمفاوضات خلف الكواليس لما يقرب من أسبوع في حل الخلاف حول مستويات الإنتاج الأساسية لمنظمة أوبك والحلفاء من خارجها، وتم تأجيل المحادثات يوم الإثنين الماضي، لموعد غير مُحدد حتى الآن؛ إذ ترغب الإمارات في تغيير شهر الأساس إلى أبريل 2020 بدلاً من أكتوبر 2018، الذي قامت عليه اتفاقية خفض الإمدادات العام الماضي بعد انهيار أسعار النفط جراء فيروس كورونا.
وفي حين اتفق كبار المنتجين بقيادة السعودية، على زيادة تدريجية لإنتاج النفط قدرها 400 ألف برميل يوميًا خلال الأشهر المقبلة حتى نهاية العام الجاري، وتمديد اتفاقية خفض الإمدادات إلى نهاية 2022، لكن رهنت الإمارات الموافقة على هذا التوافق إلى تغيير شهر الأساس، والسبب في ذلك، أن إنتاج الإمارات في أكتوبر 2018 كان 3.160 مليون برميل يوميًا، في حين أن إنتاجها خلال أبريل 2020 كان أعلى عند 3.841 مليون برميل يوميًا.
وترى الإمارات أن سوق النفط تحتاج إلى زيادة الإنتاج مع تعافي الطلب، واستمرار شهر الأساس عند أكتوبر 2018، يعني خسائر كبيرة لها، في المقابل ترى السعودية أن الاتفاق على شهر الأساس لحساب الإنتاج كان بموافقة الجميع، وتغييره في الوقت الحالي للإمارات فقط يعني زيادة كبيرة في الإمدادات، مما قد يُحدت اضطرابات في السوق خاصة مع مخاوف تأثير سلالات كورونا المتحورة على الطلب، فضل
وتٌقدر وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على النفط لن يعود إلى مستويات ما قبل الوباء حتى نهاية 2022، لكنها طالبت تحالف أوبك+ بتعزيز إنتاجه النفطي، من أجل تلبية تعافي الطلب المتوقع، وتشير تقديراتها إلى نمو الطلب العالمي على الخام بنحو بنحو 5.4 مليون برميل يوميًا العام الجاري، قبل أن يرتفع بمقدار 3.1 مليون برميل يوميًا في العام المقبل، ليبلغ 99.46 مليون برميل يوميًا في المتوسط.
أداء أسعار النفط
في البداية، تألقت أسعار النفط بعد إلغاء اجتماع الإثنين الماضي، وارتفع خام برنت القياسي لأعلى مستوياتها في 3 سنوات عند 77.84 دولارًا، كما سجل خام نايمكس الأمريكي مستوى لم يشهده منذ نوفمبر عام 2014، قرابة 77 دولارًا في التعاملات المبكرة لجلسة الثلاثاء، قبل أن تشهد الأسعار تقلبات قوية.
وكانت هذه المكاسب مدفوعة من احتمالية أن عدم الاتفاق على زيادة الإنتاج للشهر المقبل يعني أوبك+ ستبقي في الوقت الحالي إنتاجها في أغسطس ثابتًا مقارنة بشهر يوليو الجاري، مع الأخذ في الاعتبار تعافي الطلب العالمي على النفط، وتسعير السوق بالفعل لزيادة شهرية قدرها 500 ألف برميل يوميًا على الأقل من المنظمة.
ورغم ذلك، سرعان ما تسللت حالة من عدم اليقين إلى المستثمرين بشأن الموقف المقبل لأوبك+، وأن انهيار المحادثات يعني التخلي عن اتفاقية خفض الإمدادات الحالية، مع حقيقة أن خلافات أوبك+ أعادت إلى الأذهان حرب الأسعار في مارس 2020، عندما اختلف قادة التحالف السعودية وروسيا حول إدارة إمدادات النفط مع انهيار الطلب العالمي بسبب الوباء.
ومع هذه المخاوف -المستبعد تحقُقها- رأينا خام برنت يتخلى عن مستوياته المرتفعة ويتداول حول 72 دولارًا، والخام الأمريكي تراجع أدنى مستوى 71 دولارًا للبرميل، مع حقيقة أن وجود حالة عدم اليقين دائمًا ما تقلق المستثمرين.
وفي ظل تطور الأمور بسرعة، وأنه ليس من مصلحة أي دولة من أوبك+ انهيار المحادثات، خاصة مع ارتفاع الأسعار، بدأت إشارات التطمينات تعود إلى السوق من جديد، حيث جاءت تقارير صحفية بأن روسيا تسعى للوساطة بين السعودية والإمارات من أجل المساعدة في إبرام اتفاق بشأن زيادة إنتاج النفط، فضلًا عن دعوة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الدول الأعضاء في أوبك+ للتوصل لحل وسط بشأن الإنتاج.
ومن هذا المنطلق، استعادت أسعار النفط معظم خسائرها، كما استفادت أيضًا من السحب القوي المستمر من مخزونات النفط الأمريكية للأسبوع السابع على التوالي، مما يدعم توقعات تعافي الطلب، وأغلق خاما برنت ونايمكس تعاملات الأسبوع الماضي فوق مستويات 75.50 و74.50 دولارًا للبرميل على التوالي، لكن أسعار الخام أنهت هذا الأسبوع المتقلب بخسائر حوالي 0.8%.
*أداء سعر خام نايمكس الأمريكي منذ بداية 2021
ماذا عن القادم؟
في الواقع، لم تهتز النظرة الإيجابية للمستثمرين بشكل كبير بشأن أسعار النفط، التي حققت مكاسب تقارب 50% هذا العام، والدليل على ذلك عودتها للصعود في نهاية الأسبوع الماضي؛ إذ يرى المستثمرون أن تعافي الطلب على الخام وسط حملات التطعيم ضد فيروس كورونا وإعادة فتح الاقتصادات سيكون المحرك الرئيسي للسوق.
كما يأمل المستثمرون أن يكون خلاف أوبك+ في طريقه للحل قريبًا، خاصة مع تصريحات وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، بأن الاجتماع المقبل للتحالف من المرجح عقده في موعد لا يتجاوز شهر أغسطس المقبل.
وبغض النظر عن ذلك، فإن جمود موقف أوبك+ قد يجعل السوق يعاني من نقص في الإمدادات على الأقل خلال أغسطس، مع تعافي الاقتصاد العالمي من جائحة كوفيد -19؛ إذ ترى شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي أن سوق النفط قد تشهد عجزًا في المعروض قدره 1.6 مليون برميل يوميًا في الشهر المقبل، مما يدعم أسعار الخام بالطبع.
ويرى بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس، أن انهيار المحادثات بين كبار منتجي الخام أوجد حالة من عدم اليقين، لكنه لا يزال يتمسك بتوقعاته بوصول سعر خام برنت إلى 80 دولارًا للبرميل في الأشهر المقبلة.
وفي حين أن التوقعات المتفائلة لأسعار النفط لا تزال المسيطرة على السوق، يخشى المستثمرون أن تكون المناقشات بين دول أوبك+ صعبة وطويلة الأمد، ورغم أن ذلك قد يقدم بعض الدعم لأسعار الخام لفترة وجيزة، لكنه قد يكون مؤشرًا على نهاية الاتفاقية الأوسع نطاقًا لخفض الإمدادات.
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.