إنها نتيجة لا يريدها أحد، لكن يمكن أن تصبح حقيقة قاسية، ففي الوقت الذي يُمني الجميع نفسه بانقشاع غيوم الكورونا والتخلص من عمليات الإغلاق، وعودة الحياة لطبيعتها، تظهر مخاوف من حدوث موجة ثانية من الوباء.
بالطبع توجد حالة من عدم اليقين تسيطر على الموقف، فليس هناك حقيقة ملموسة أننا بدأنا الموجة الثانية للوباء أم لا، وهل من الممكن حدوث ذلك من الأساس؟
لكن في الواقع، فإن عودة تفشي الوباء داخل الصين وهي مركز اندلاع الفيروس، وإيران وبعض الدول في أوروبا، بالإضافة إلى القفزة القياسية في انتقال العدوى بين الأمريكيين نتيجة إعادة فتح أجزاء من الولايات المتحدة، تسبب في إثارة الذعر إزاء وقوع موجة ثانية من كورونا.
وسجلت بكين عشرات الحالات من “كوفيد-19” في الأيام الأخيرة، مما أدى إلى إغلاق الأحياء وإغلاق المدارس وإلغاء الرحلات الجوية بعد أن تجاوزت العاصمة 50 يوماً دون تسجيل إصابات، كما سجلت الولايات المتحدة 30 ألف إصابة يوم الجمعة الماضية في أعلى معدل يومي منذ 1 مايو المنصرم.
وانعكس الوضع على الأسواق العالمية التي شهدت في الأيام الأخيرة خسائر ملحوظة وسط مخاوف أن تذهب آمال تعافي الاقتصاد سريعاً مع إعادة فتح الاقتصاد تدريجياً سُدى.
وأغلقت شركة “آبل” 11 متجراً في الولايات المتحدة بداية من السبت الماضي مع عودة زيادة الإصابات مرة أخرة في عدة ولايات مما أثار الذعر من الموجة الثانية لجائحة كورونا.
ويقول “وليام شافنر” من كلية الطب في جامعة “فاندربيلت” في تصريحات مع شبكة “سي.إن.بي.سي” الأمريكية إن الموجة الثانية قد بدأت، مشيراً إلى أن الوباء لم يرحل نهائياً، لذا فإن الأمر لا يبدو كما لو كانت هناك موجة أولى وثانية منفصلة.
في حين يرى المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية لمنظمة الصحة العالمية “مايك ريان” أن وصف عودة ظهور حالات كهذه بـ”الموجة الثانية” ليس دقيقاً تماماً، موضحاً: “أولاً وقبل كل شيء، لا يزال معظم العالم الآن في الموجة الأولى من هذا الوباء”.
رغم ذلك، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن موجة ثانية من الفيروس يمكن أن تصيب العالم هذا الخريف، مع حث الدول على تطوير اختبار ناجح وبرنامج تتبع وعزل للمصابين بالإضافة إلى السعي لإيجاد لقاح.
وبسبب إجهاد الحجر الصحي، وبسبب الآثار الاقتصادية له، قد يكون لجولة أخرى من عمليات الإغلاق آثار أكبر على الشركات التي قد تكون على حافة عدم القدرة على الحفاظ على الملاءة المالية، بحسب رؤية “كريستوفر موراي” مدير معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن.
وبالتركيز على الجانب الاقتصادي، نرى الخسائر الاقتصادية لعمليات الإغلاق كانت مذهلة وغير مسبوقة مع وقوع الاقتصاد العالمي تحث براثن الركود وسط توقع شبه تام للنشاط الاقتصادي.
وتاريخياً، تشير الإنفلونزا الإسبانية في عام 1918 إلى أن الموجة الثانية كانت أكثر فتكاً من الأولى في الوباء الذي أودى بحياة 50 مليون شخص.
وبدون موجة ثانية للوباء التي قد تجبر الدول على إعادة فرض القيود على الحركة، يتوقع صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي يتجه لأسوأ ركود منذ الكساد العظيم.
وفي أحدث تقرير لها، ترى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أنه بوجود موجة ثانية من الوباء، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من 7.5%، وسيفقد حوالي 40 مليون شخص وظائفهم.
ويوضح كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “لورانس بون” إن موجة ثانية لكورونا ستؤثر بشكل ملحوظ على الاقتصاد العالمي في عام 2021، وأن عدم اليقين الهائل فيما يتعلق بالفيروس يشير إلى ضرر اقتصادي طويل الأمد.
*توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للاقتصاد العالمي
وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، قدم أكثر من 44 مليون طلبات للحصول على إعانات البطالة منذ منتصف مارس/آذار ولا يزال هناك المزيد قادم مع عدم العودة الكلية للحياة الطبيعية.
*طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة
ويقول وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين إن عواقب إغلاق آخر ستكون واسعة النطاق، موضحاً: “لا يمكننا إغلاق الاقتصاد مرة أخرى، أعتقد أننا تعلمنا أنه إذا أغلقت الاقتصاد، فسوف تتسبب في المزيد من الضرر، وليس الضرر الاقتصادي فقط، ولكن المشاكل الطبية وكل شيء آخر يتم تعليقه”.
ويرسم الاحتياطي الفيدرالي صورة قاتمة للاقتصاد الأمريكي مشيراً إلى أن سوف ينكمش بنحو 6.5% خلال العام الجاري.
أظهر مسح توقعات الجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال لشهر يونيو الجاري الصادر أن 87% من الاقتصاديين قالوا إن الموجة الثانية من عدوى “كوفيد-19” هي الخطر الأكبر على الاقتصاد الأمريكي هذا العام، بالإضافة إلى ذلك، قال 80 بالمائة إن المخاطر على التوقعات تميل إلى الاتجاه الهبوطي.
في الوقت نفسه، يرى “داي تان” خبير اقتصادي في بنك “مورجان ستانلي” أن موجة أخرى من تفشي الوباء في آسيا لن تكون ضارة اقتصادياً مثل الموجة الأولى، حيث شهدت العديد من الدول مثل الصين وكوريا الجنوبية مؤخراً ارتفاعاً في عدد الحالات.
ورغم أن المخاوف من أن الموجة الثانية من الإصابات قد تعطل الاقتصاد العالمي مرة أخرى في الأشهر الأخيرة حيث يخفف عدد متزايد من البلدان من القيود المفروضة على احتواء تفشي الفيروس، يقول “تان”، فمن المحتمل أن تكون الموجة الثانية أكثر قابلية للإدارة حيث تعلم صناع السياسة التعامل مع مثل هذه المواقف.
لكن حديث اقتصادي “مورجان ستانلي” قد لا يحمل الحقيقة كاملةً لأن الاستجابة القوية للسياسة النقدية وضخ مليارات الدولارات مع اندلاع وباء كورونا ووجود معدلات الفائدة قرب الصفر أو أدنى، تهدد بنفاذ ذخيرة البنوك المركزية مما قد يجعل مواجهة موجة ثانية من الوباء معضلة كبيرة.
وما بين الرأي القائل إن الموجة الثانية للوباء التي ستؤدي بالتالي إلى إغلاق آخر سيدمر الاقتصاد أكثر، والآخر الذي يرى أن الحكومات وصناع السياسة تعلموا الدرس من الموجة الأولى للفيروس، يقول “نوح سميث” عبر موقع “بلومبرج أوبنيون” إن هناك سبب قوي للاعتقاد بأن معظم الأضرار الاقتصادية الناجمة عن عمليات الإغلاق لم تكن بسبب أوامر البقاء في المنزل، ولكن بسبب الخوف العام من الفيروس، على سبيل المثال، بدأ الناس في تجنب المطاعم قبل بدء عمليات الإغلاق في أواخر مارس الماضي.
وفي ورقة بحثية من الاقتصاديين ( ليزا كان، فابيان لانج و ديفيد وايزر) تستخدم بيانات من موقع إلكتروني للوظائف الشاغرة، جنبًا إلى جنب مع طلبات البطالة، لقياس التوقيت الدقيق للخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفيروس، ووجدت الورقة أن عمليات الإغلاق لا علاقة لها بها.
كما أن عمليات الإغلاق لم تؤثر كثيرًا على إنفاق بطاقات الائتمان، حتى في الدول الاسكندنافية، يقدر الاقتصاديون أنها لم تمثل سوى جزءا متواضعا من ضعف الأداء الاقتصادي في الدنمارك مقارنة بالسويد.
خلاصة القول، أن عدم اليقين لا يزال يسيطر على الجميع، ففي الوقت الذي بدأ العالم فتح الاقتصاد، ظهرت مخاوف الموجة الثانية، فهل يعود العالم للإغلاق مجدداً أم يتعايش مع الوضع الجديد حتى يتم التوصل إلى لقاح.
منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.