استمر جنون مستثمري التجزئة في اجتياح الأسواق العالمية خلال الأسبوع الماضي، فبعد هوس “جيم ستوب” تحولت بوصلة المتداولين عبر منتدى “ريديت” إلى دعم الفضة، لتقفز لأعلى مستوياتها في ثماني سنوات، لكن الأساسيات القوية للمعدن جعلت طفرة التداول أقل حدة مقارنة بما حدث مع سهم شركة بيع ألعاب الفيديو.
حيث شهدت تعاملات الفضة على مدار أكثر من أسبوع حالة من الزخم مع إقبال مفاجئ لحشود المتداولين عبر صفحة “وول ستريت بيتس” دفع المعدن الأبيض للارتفاع بأكثر من 10% في جلسة الإثنين (أول فبراير) حتى تجاوز مستوى 30 دولاراً للأوقية لأول مرة منذ عام 2013.
وأدت حمى الشراء على عقود الفضة إلى تدفقات غير مسبوقة على صندوق “أي شيرز سيلفر ترست” “iShares Silver Trust” أكبر الصناديق المتداولة المدعومة بالفضة والمملوك لمؤسسة بلاك روك، كما أن المنصات الإلكترونية المتخصصة في بيع السبائك العملات الفضية أصبحت غير قادرة على تلبية كافة طلبات الشراء.
لكن سرعان ما خفتت هذه الطفرة فجأة في اليوم التالي بعد أن فرضت مجموعة بورصة شيكاغو التجارية “سي إم أي” اشتراطات هامش أكثر صرامة على العقود الآجلة للمعدن الأبيض، والتي تجعل تداولها أعلى تكلفة في بورصة “كوميكس” للسلع التابعة للمجموعة، مما أدى إلى تراجع سعر العقود الآجلة للفضة بأكثر من 10%، ثم تأرجح خلال بقية الأسبوع الماضي بين الصعود والهبوط، ليُنهي المعدن تعاملات الأسبوع على ارتفاع طفيف بنحو 0.4% عند مستوى 26.90 بعد ان حقق صعودا الى مستوى 30 دولار!!
*أداء الفضة خلال الأسبوع الماضي
لا شك أن هناك سؤالين على وجه التحديد فيما يتعلق بالزخم الذي شهدته الفضة؛ الأول، لماذا اختار مستثمرو التجزئة هذا المعدن بالأخص من بين المعادن النفيسة الأخرى، والثاني لماذا تختلف قصة الفضة عن طفرة “جيم ستوب”؟
بالنسبة للسؤال الأول، بعدما تحدى متداولو “ريديت” صناديق التحوط التي كانت تراهن على هبوط سهم “جيم ستوب” وألحقوا بها خسائر بمليارات الدولارات، حاول هؤلاء المستثمرون الأفراد استهداف البنوك الكبرى التي يعتقدون أنها تخفض أسعار الفضة بشكل مصطنع وأن المعدن الأبيض مُقيم بأقل من قيمته العادلة.
وبعيداً على أهواء وهوس المستثمرين الأفراد، فإن الفضة رهان جيد بالفعل، خاصة مع تزايد الإنفاق على مصادر الطاقة الصديقة للبيئة حيث تُستخدم الفضة في الألواح الشمسية كونها موصل فعال ومنخفض التكلفة للحرارة والكهرباء، وهذا ما يراه “جيفري كوري” كبير خبراء أبحاث السلع في “جولدمان ساكس” سبباً في أن الفضة استثمار أفضل من الذهب في الوقت الحالي، بالإضافة إلى أنها تعتبر وسيلة للتحوط حيال هبوط العملة ومعدلات الفائدة المنخفضة مثل المعدن الأصفر.
أما فيما يتعلق بالسؤال الآخر، فإنه على الرغم من تشابه الضغط من صغار المتداولين في حالتي الفضة و”جيم ستوب” إلا أن الأمر كان مختلفاً في عواقب ذلك لأسباب عديدة، أولها أن سوق الفضة عالمي، وأكبر بكثير من أسواق الأسهم الصغيرة، مما يجعل من الصعب تحريك الأسعار بحدة لأعلى ولأسفل، مثلما حدث مع “جيم ستوب” الذي قفز بأكثر من 1600% في شهر يناير فقط- قبل أن يقلص مكاسبه في الشهر الجاري.
لذلك فإن المضاربة من قبل مستثمري التجزئة على الفضة لم تكن سهلة مقارنة بسهم “جيم ستوب”، وما يوضح هذه النقطة أن القيمة السوقية للمعدن تبلغ حوالي 1.4 تريليون دولار، في مقابل مليار دولار لشركة “جيم ستوب” قبل حدوث طفرة التداولات!! وهنا يكمن الفارق
كما أن مراكز عمليات البيع على المكشوف التي تتخذها البنوك الاستثمارية للفضة نوع من التحوط ضد المخاطر وليس رهاناً على تراجع السهم، فصناديق التحوط لا تراهن بشكل كبير على هبوط الفضة مثلما حدث لسهم “جيم ستوب”.
وفي الواقع ذاته، تتخذ الفضة اتجاهاً صعودياً قوياً بعد تراجع أسعارها إلى أدنى من 12 دولاراً للأوقية في منتصف مارس 2020 حينما أُصيبت الأسواق بعدوى فيروس كورونا، ومنذ ذلك الحين حقق المعدن النفيس مكاسب تقارب 120% مستفيداً من أهميته كمخزن للقيمة وتحوط ضد التضخم في ظل صنابير الإنفاق المفتوحة من قبل الحكومات والبنوك المركزية لمواجهة تداعيات الوباء.
*أداء الفضة خلال عام واحد
وأخيراً، أعطت تقلبات الفضة جرس إنذار آخر في الأسبوع الماضي بشأن تمكين صغار المتداولين وما يمكن أن يفعلوه بالأسواق العالمية، فبداية من البيتكوين ثم “جيم ستوب” وها نحن مع الفضة، الأصل الأخير في دائرة الضوء، يتضح أن المستثمرين الأفراد قوة لا يستهان بها اذا تحدوا، ومن المحتمل أن تؤثر بشكل دائم على نماذج أعمال المستثمرين المؤسسيين.
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.