مثل كل شيء على هذا الكوكب، كان لفيروس كورونا تأثيرا كبيرا على عمليات الاندماج والاستحواذ في العالم، وفي فترة زمنية قصيرة، قامت مئات الآلاف من الشركات بإغلاق أو تقليص عملياتها بشكل كبير، وتم تسريح ملايين العمال، وتراجع إنفاق المستهلكين على نطاق واسع، وتعطلت سلاسل التوريد، وانخفض الطلب على النفط ومصادر الطاقة الأخرى.
هذا جعل للجائحة والانكماش الاقتصادي الناجم عنها تأثيراً مزدوجاً حيث أدى إلى وقف عمليات الاستحواذ والاندماج من قبل شركات من ناحية لكن شجعت العديد من الشركات على متابعة هذه الخطط من جهة أخرى وإن كان أقل نسبيا.
وهناك أمثلة بارزة لكل منها، حيث تخلت عملاق صناعة الطائرات “بوينج” عن صفقة بقيمة 4 مليارات دولار للاستحواذ على 80% من أعمال الطائرات التجارية من شركة “إمبراير” وحصة بنسبة 49% في مشروع مشترك ينتج طائرة شحن عسكرية جديدة وهذا جاء مع تعطيل حركة الطيران العالمية وتأثرت الشركة الأمريكية جراء إجراءات منع تفشي الوباء.
في الوقت نفسه، أعلنت شركات مثل “جوجل” و”بلاك روك” و”نستله” غيرها علنًا أنها منفتحة على عمليات الاستحواذ على الرغم من عدم اليقين الناشئ عن الوباء.
انخفاض كبير في صفقات الاندماج والاستحواذ
لكن في الواقع، كان تراجع عمليات الاستحواذ والاندماج هو سيد الموقف حيث كشفت بيانات “ريفينيتيف” عن انخفاض حجم الاندماج والاستحواذ على الصعيد العالمي بنحو 52% إلى 516.6 مليار دولار عبر 9129 صفقة في الربع الثاني من العام الجاري.
وفي الولايات المتحدة، تم الإعلان عن 2064 عملية اندماج واستحواذ في الولايات المتحدة للربع المنتهي في 30 يونيو الماضي، بإجمالي 106.4 مليار دولار، بانخفاض يبلغ 83% عن نفس الفترة من العام الماضي حينما أتمت الشركات 2895 صفقة بقيمة 622.9 مليار دولار.
وقالت “ريفينيتيف” إن النصف الأول من عام 2020 شهد 20664 عملية اندماج معلنة في العالم، بلغ إجماليها 1.2 تريليون دولار حتى 30 يونيو الماضي. هذا بالمقارنة مع 24.484 صفقة معلن عنها لنفس الفترة في عام 2019، تقدر قيمتها بنحو 2.1 تريليون دولار، حسبما أعلن مزود البيانات.
ويوضح “مات تول” مدير معلومات الصفقات في “ريفينيتيف”: “بعد دورة غير مسبوقة لعمليات الاندماج والاستحواذ مدتها ست سنوات وشهدت اندماجات تلامس كل قطاع ومنطقة، كان الربع الثاني من عام 2020 بمثابة النهاية الرسمية لحقبة ما بعد الأزمة المالية في إبرام الصفقات”.
وكان من المتوقع أن يسجل نشاط عمليات الاندماج والاستحواذ في2020 عامًا قويًا آخر، لكن عانى عالم عمليات الاندماج والشراء من الأزمات الاقتصادية الماضية، بما في ذلك انفجار فقاعة الإنترنت والأزمة المالية العالمية، كما هو الحال في الأزمات المالية والاقتصادية السابقة، ساهم عدم اليقين في أسواق الأعمال ورأس المال بالفعل في تأخير المشترين أو تقليص خطط الاستحواذ الخاصة بهم.
تأثير مختلف لوباء كورونا؟
لكن الأمور هذه المرة مختلفة كون تأثير الوباء ليس فقط على النظام المالي بشكل عام، وتقييم البائعين، وشهية المشترين لإنجاز الصفقات على المدى القصير، ولكن على العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر على صفقات الاندماج والاستحواذ.
ويشمل ذلك شروط الصفقة نفسها، وقضايا العناية الواجبة (هي أمر يقوم به المشتري لتأكيد دقة مطالبات البائع) الجديدة، والتوافر، والتسعير وغيرها من شروط تمويل الصفقة، والوقت الذي سيستغرقه للحصول على الموافقات التنظيمية الضرورية والأطراف الأخرى للمعاملات.
علاوة على ذلك، على عكس الأزمات السابقة التي أثرت على صفقات وأنشطة عمليات الاندماج والاستحواذ، هذه المرة حدث تغيير كبير في الطريقة التي يتم بها تطوير معاملات الاندماج والشراء والتفاوض بشأنه، ف مع عمل جميع اللاعبين الرئيسيين عن بُعد، أصبح الاستخدام الفعال للأدوات والتقنيات التعاونية الجديدة والمبتكرة أكثر أهمية حيث يتكيف المشترون والبائعون ومقدمو تمويل عمليات الاندماج والاستحواذ، جميع المستشارين القانونيين والماليين مع البيئة المتغيرة
بالفعل، تراجعت عمليات الاندماج والاستحواذ العالمية نتيجة لأزمة كورونا، وبحلول نهاية مارس 2020 وصلت إلى طريق مسدود حيث انخفضت في الولايات المتحدة بأكثر من 50 بالمائة في الربع الأول إلى 253 مليار دولار مقارنة بعام 2019.
من بين أمور أخرى، اضطر المسؤولون التنفيذيون في الشركات التي كانت عادةً من المشترين الاستراتيجيين إلى إعادة توجيه تركيزها نحو الصحة المباشرة لشركاتهم وبعيدًا عن الأهداف طويلة المدى التي تشمل متابعة النمو من خلال استراتيجيات الاستحواذ.
كما تتخلى الأطراف في معاملات الاندماج والشراء المعلقة عن صفقات مهمة معلقة، مثل “زيروكس” التي أسقطت مؤخرًا عرضها البالغ 34 مليار دولار لشركة “إتش.بي”، بعد تأجيل الاجتماعات مع مساهمي “إتش.بي” للتركيز على التعامل مع جائحة كورونا، كما أنهى “سوفت بنك” عرض مناقصة بقيمة 3 مليارات دولار لأسهم “وي ورك”، مشيرًا إلى تأثير الفيروس جنبًا إلى جنب مع فشل عدد من شروط إتمام الصفقة.
هل كان الوباء فرصة لبعض عمليات الاندماج والاستحواذ؟
بالطبع، على العكس من ذلك قد تشهد بعض الصناعات التي تأثرت بشكل غير متناسب بالوباء، مثل السفر والترفيه، والنقل، والنفط والغاز، ارتفاعًا في نشاط الاندماج والاستحواذ في عام 2020 حيث يرى المشترون فرصًا للمساومة في هذه القطاعات.
وهذا بالفعل ما دفع الملياردير الأمريكي الشهير وارن بافيت رئيس شركة “بيركاشير هاثواي” الذي نأى عن الاستثمار في أزمة كورونا، لشراء أصول الغاز في شركة “دومينيون إنيرجي” للطاقة، في أكبر عملية استحواذ فيما يزيد عن أربعة أعوام، وتبلغ قيمة الصفقة نحو 9.7 مليار دولار بما في ذلك فرضية وجود 5.7 مليار دولار من المديونية الحالية.
لكن لا تعتبر هذه الصفقة كبيرة بالنسبة للمستثمر المخضرم بافيت على الرغم من تراجع ثروته بحوالي 20 مليار دولار تأثرا بالوباء، بحسب الرسم البياني التالي.
وهذا يلفت النظر إلى أن انخفاض حاد في الصفقات الضخمة، حيث تسبب الوباء في انخفاض قيمة الصفقات الكبيرة – تلك المعاملات التي تقدر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار – حيث توضح “ريفينيتيف” أن هناك 13 صفقة كبيرة بلغ مجموعها 318.2 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، بانخفاض 62% عن العام الماضي.
ويتضح هذا في الصفقات المعلنة من كبرى الشركات العالمية حيث كشفت أمازون عن الاستحواذ على شركة ناشئة “زوكس” بقيمة 1.2 مليار دولار، في خطوة من شأنها توسيع نطاق عملاق التجارة الإلكترونية في تكنولوجيا المركبات ذاتية القيادة.
كما أعلنت فيسبوك على استحواذها على شركة “مابيلاري” السويدية لرسم الخرائط، في محاولة للمنافسة آبل وجوجل في هذا المجال، وفي إطار الصفقات الصغيرة أيضاً كشفت “أوبر” عن استحواذها على شركة “بوستميتس” بقيمة 2.65 مليار دولار في صفقة بالأسهم.
خلاصة القول، أن الشركات لجأت إلى تعليق الصفقات الكبيرة إلى حد كبير مع انتظار المشترين لقياس الأثر الحقيقي للوباء والضغوطات والذي قد يعني اندماجات واستحواذات بتكلفة اقل خلال الشهور القادمة مما قلل من حجم عمليات الاندماج والاستحواذ في الربع الثاني ، كما يسعى صانعو الصفقات إلى أعمال أخرى ذات صلة على الشركات التي تحتاج إلى عمليات الإنقاذ وإعادة الهيكلة والتأميم المحتمل حيث تحاول الحكومات والبنوك المركزية دعم اقتصاداتها.
منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.