بعد مرور عام على أسوأ أزمة ضربت سوق النفط في عقود، نستطيع القول إن الأسعار تخلصت من كابوس “كوفيد-19″، واستعادت عافيتها بشكل قوي بعدما تراجعت إلى النطاق السالب في العام الماضي في انهيار قياسي لم تشهده أسعار الخام في تاريخها.
والآن، وبفضل جهود تحالف “أوبك بلس”، تجاوزت أسعار النفط مستويات ما قبل وباء كورونا؛ إذ تخطى خام “برنت” علامة الـ 70 دولاراً للبرميل في بداية الأسبوع الماضي، للمرة الأولى منذ مايو لعام 2019، خاصة بعد الهجوم على منشآت نفطية سعودية، كما كسر خام “غرب تكساس الوسيط” حاجز 67 دولاراً، قبل أن تقلص الأسعار مكاسبها القوية بشكل طفيف بنهاية الأسبوع.
ومنذ بداية العام الجاري، تعيش أسعار النفط فترة سعيدة، متمسكةً بالاتجاه الصاعد بقوة حيث حققت مكاسب بنحو 35% حتى الآن، بدعم تضافر عدة عوامل تتعلق بالعرض والطلب جعلت النظرة المستقبلية لأسعار الخام إيجابية للغاية.
*أداء أسعار النفط منذ بداية 2020
تراجع حاد للإمدادات
فيما يتعلق بالمعروض من النفط، انقلب الوضع رأساً على عقب في الفترة الأخيرة، مقارنة مع بداية صدمة كورونا قبل عام من الآن حينما تضخمت مخزونات النفط العالمية وامتلأت مساحات التخزين، ثم انكمش المعروض بعد ذلك بفضل التخفيضات القياسية التي أقبلت عليها “أوبك” وحلفاؤها وتمثل 10% من المعروض العالمي، إلى جانب خفض السعودية في يونيو 2020 إنتاجها من النفط بشكل طوعي، فضلاً عن اضطرار الشركات المنتجة إلى تقليص إنتاجها النفطي بسبب قيود الإغلاق وانهيار الأسعار.
ورغم انتعاش أسعار الخام، أبت “أوبك بلس” أن تتخلى سريعاً عن قيود الإنتاج حيث قررت في اجتماع أوائل الشهر الجاري تمديد تخفيضات الحالية للإمدادات حتى أبريل المقبل، والتي تتجاوز 7 ملايين برميل يومياً، كما سوف تستمر هدية السعودية لسوق النفط بخفض طوعي للإنتاج يبلغ مليون برميل يومياً والذي بدأته في فبراير الماضي حتى الشهر المقبل.
وفي أحدث تقاريرها الشهري، كشفت “أوبك” عن تراجع إنتاج الدول الأعضاء بنحو 647 ألف برميل يومياً خلال فبراير الماضي، ليصل في المتوسط إلى 24.84 مليون برميل يومياً، بفعل انخفاض حاد في الإمدادات السعودية بلغ 930 ألف برميل يومياً.
وبالإضافة إلى تخفيضات الإمدادات من قبل كبار المنتجين، تشير التقديرات إلى أن العاصفة الشتوية التي ضربت “تكساس” الأمريكية وأثرت لفترة وجيزة على ما يقرب من نصف إنتاج الخام الأمريكي ساهمت أيضًا في عمليات سحب مخزونات النفط العالمية في الشهر الماضي حيث تقدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أنها بلغت 3.7 مليون برميل يومياً، وهو أكبر سحب شهري منذ ديسمبر 2002، وإذا استمر السحب بنفس الوتيرة، سيؤدي ذلك إلى استنزاف المخزونات الفائضة المتبقية بسرعة، ومع استعادة الاقتصاد العالمي القوة والزخم مع انتهاء الوباء، فإن الارتفاع الحاد لأسعار مرجح بشكل كبير.
هذا ويرى محللون في بنك “مورجان ستانلي” أن الطلب العالمي على النفط حاليًا يتجاوز الإنتاج بحوالي 2.8 مليون برميل يوميًا، وهو ما يؤكد التعافي القوي للطلب على الخام من أزمة الوباء.
انتعاش الطلب
مثلما كانت كل الإشارات تؤدي على انهيار الطلب على الخام في بداية أزمة كورونا، فإن الفترة الأخيرة شهدت تزايد العلامات على تعافي الطلب، مع إعادة فتح الاقتصادات، وتزايد حملات التطعيم بلقاحات كورونا، جنباً إلى جنب مع استمرار الحكومات في تقديم المزيد من التحفيز المالي والنقدي، وهو ما ينعكس إيجابياً على الطلب على النفط، وبالتالي ترتفع الأسعار في ظل تراجع المعروض.
ومع تخفيف قيود الإغلاق، تجلت علامات الانتعاش في الطلب في الهند والصين، حيث بلغت واردات الصين من النفط الخام 89.57 مليون طن في أول شهرين من 2021، بارتفاع 4.1% عن الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك بفضل الطلب القوي على الوقود.
ويتفاءل المستثمرون بشكل كبير بشأن وتيرة توزيع اللقاحات المضادة للفيروس حول العالم، ففي الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط، تم تطعيم حوالي 35 مليون شخص حتى الآن، مع تعهد الإدارة الأمريكية بتوفير لقاح لكل مواطن بحلول نهاية مايو المقبل، بالإضافة إلى إقرار حزمة تحفيز مالي ضخمة بقيمة 1.9 تريليون دولار لمساعدة الاقتصاد على التعافي من تداعيات الجائحة.
وأشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أحدث توقعاتها الاقتصادية أن الاقتصاد العالمي من المتوقع أن ينتعش بنسبة 5.6% هذا العام، بدعم حزمة التحفيز الأمريكية، وبالطبع تعافي الاقتصاد العالمي يؤدي إلى تسريع وتيرة انتعاش الطلب على النفط.
واستكمالاً لنغمة التفاؤل، رفعت “أوبك” توقعاتها للطلب العالمي على النفط خلال العام الجاري في تقريرها الأخير، حيث تتوقع أن ينمو بنحو 5.9 مليون برميل يومياً ليصل إلى 96.27 مليون برميل يومياً، مشيرةً إلى أن التعافي سيبدأ بشكل أساسي في النصف الثاني من العام.
نظرة متفائلة
رغم تحسن الطلب على النفط في الوقت الحالي إلا أنه لم يصل إلى مستويات ما قبل الوباء، لذا فإن المكاسب القوية التي تحققها أسعار النفط تؤكد أنها تفوقت على نفسها، خاصة وأن البنوك الاستثمارية ترى مزيداً من الارتفاعات خلال العامين الجاري والمقبل.
ورفع “بنك أوف أمريكا” تقديراته بشأن خام “برنت” إلى 70 دولارًا للبرميل في الربع الثاني من عام 2021، كما يرى “جولدمان ساكس” أن “برنت” سيرتفع إلى 75 دولارا في الربع الثالث.
ليس هذا فحسب، بل ذهب بعض المحللين مثل جيفري كوري من “جولدمان ساكس” وكريستيان مالك من “جيه بي مورجان” إلى أنهما على ثقة بأن النفط جاهز لدورة صعودية مطولة حيث بتحدثان عن 80 دولاراً إلى 100 دولار للبرميل.
في النهاية، قد لا يشهد سوق النفط دعماً من جميع الجهات مثل الوقت الحالي من تراجع للمعروض وتحسن للطلب، وأيضاً سياسة نقدية تيسيرية للغاية، فهل تنتهز أسعار الخام الفرصة وتشق طريقها نحو مستوى 100 دولاراً؟ ام تتعرض لتصحيحات سعرية قبل مواصلة رحلتها؟؟
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.