لا عجب أن تحقق أسواق الأسهم مكاسب قوية في الفترة الأخيرة حيث عوضت جزءاً كبيراً من خسائرها بسبب صدمة جائحة كورونا مع مليارات الدولارات التي تضخها البنوك المركزية لدعم الأسواق وإعادة فتح الاقتصاد.
بالتأكيد ساهمت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في عودة السوق بشكل عام، لكن المثير للدهشة أن أسهم الشركات التي تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس مع ضربة الوباء جاءت في مقدمة صفوف الرابحين في المكاسب الأخيرة لسوق الأسهم.
لا يخفى على أحد الزيادة القوية في عدد الشركات المفلسة جراء أزمة كورونا غير المسبوقة حيث تشير بيانات معهد الإفلاس الأمريكي إلى أن إجمالي طلبات الحماية من الإفلاس التجارية بموجب الفصل 11 من القانون الأمريكي شهدت قفزة خلال شهر أبريل الماضي بنحو 26% على أساس سنوي لتصل إلى 560 طلباً مقارنة مع الشهر نفسه من 2019.
ورغم زيادة الشركات المفلسة واتجاه الكثير إلى إشهار الإفلاس، ارتفعت أسهم شركات “هيرتز” و”بير1″ و”وايتنج بتروليوم” و”جي.سي بيني” وغيرها ممن أشهرت إفلاسها مؤخراً، في الأسابيع القليلة الماضية، وإن كانت فقد جزءاً من مكاسبها في الأيام الأخيرة.
قفزات هائلة
بحسب بيانات من “إنفستورز بيزنس ديلي، وستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتلجنس”، فإن مجموعة من أكثر من اثنتي عشرة شركة مفلسة ارتفعت أسهمها بنسبة 50% في المتوسط خلال الأسبوعين الماضيين.
وتوضح عدة أمثلة للشركات المفلسة كيف حققت ارتفاعاً حاداً منذ أن تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس.
وقفز سهم شركة تأجير السيارات “هيرتز” بأكثر من 387% منذ الجلسة التالية لإشهار إفلاسها في 22 مايو الماضي وحتى نهاية جلسة الأربعاء.
وكانت الفائدة كبيرة لشركة “هيرتز” الأمريكية لدرجة أنها طلبت من محكمة الإفلاس السماح لها بالاستفادة من الارتفاع المفاجئ في أسهمها من خلال بيع ما يصل قيمته إلى مليار دولار من الأسهم الجديدة التي لا قيمة لها في الأساس.
ويقول كبير الاقتصاديين في “أليانز” محمد العريان في تصريحات لشبكة “سي.إن.بي.سي” الأمريكية:” ما تحصل عليه الآن هو هذا الانفصال الكبير بين الأساسيات والتمويل، فشركة هيرتز شهدت ارتفاع سعر سهمها، الآن يتحدثون عن إصدار الأسهم، محذرين المستثمرين من أنها عديمة القيمة”.
كما صعد سهم شركة التجزئة “جي.بي.بيني” بأكثر من 218% منذ إعلانها الإفلاس في 15 مايو، فيما حققت “وايتنج بتروليوم” ارتفاعاً حاداً بنسبة 335% منذ تقدمها بطلب للحماية من الإفلاس في أول أبريل الماضي.
والغريب أيضاً أن هذه المكاسب وسط صدمة الوباء المجهول نهايتها حتى الآن، وتوقعات بأن تتجه العديد من الشركات إلى الإغلاق حيث من المتوقع أن يغلق ما يصل إلى 25 ألف متجر للبيع بالتجزئة في الولايات المتحدة بشكل دائم هذا العام مع توقف طلب المستهلكين وتحول المزيد من الأشخاص إلى التسوق عبر الإنترنت، بحسب شركة “كورسيت”.
لكن، لماذا يشتري المستثمرون أسهم شركات مفلسة قد تكون عديمة القيمة؟
بموجب قانون الإفلاس الأمريكي، حاملي الأسهم المفلسة هم في المرتبة الأخيرة خلف حملة السندات والدائنين الآخرين عندما يتعلق الأمر باسترداد الأموال كجزء من أي إعادة تنظيم للفصل 11.
ما هو أكثر من ذلك، غالبًا ما يتم مسح أسهم شركة مفلسة بالكامل ويتم إصدار أسهم جديدة، كما أنه ليس هناك ما يضمن عدم تعرض الشركة المفلسة لمزيد من المشاكل في المستقبل بمجرد التخلص من ديونها، فعلى سبيل المثال أعلنت شركات مثل “فير وي” وأمريكان أباريل” مرة أخرى.
لكن يبدو أن المستثمرين يراهنون على تعافي الاقتصاد وأن الحكومات ستمنع إفلاس الشركات على غرار عمليات إنقاذ قطاع السيارات خلال الأزمة المالية العالمية، حيث أعلنت الحكومة الألمانية أنها تعتزم حماية الشركات من الإفلاس، في ظل الصدمة الاقتصادية بسبب وباء “كورونا” من خلال تعليق الالتزامات القانونية للشركات التي تواجه مشاكل حادة في السيولة حتى نهاية سبتمبر المقبل ضمن إجراءات أخرى.
كما يراهن المستثمرون على أن الاحتياطي الفيدرالي سينقذ الشركات المفلسة، خاصة أن البنك المركزي يستثمر الآن في السندات ذات العائد المرتفع والسندات ذات الدرجة غير الاستثمارية، كما أعلن مؤخراً شراء سندات الشركات في السوق الثانوية.
وأشار “حسين سيد كبير” محللي السوق لدى “إف. أكس.تي.إم” في تقرير “خطر الإفلاس انخفض بشكل كبير ولا يبدو أن المستثمرين قلقون بشأن المستقبل القريب، والمثير للدهشة أن هذا هو الحال أيضا مع الشركات المفلسة”.
وأضاف المحلل: “الفيدرالي ملتزم الآن بالحفاظ على الفائدة بالقرب من الصفر حتى نهاية عام 2022 على الأقل واستخدام جميع أدواته لدعم الاقتصاد، ويمكن أن يترجم هذا إلى المزيد من رهانات المضاربة”.
كما يتكهن المحللون بأن الأسهم المفلسة أصبحت أسهل بالنسبة إلى الأسهم الخطرة في التداول بعد موجة شركات الوساطة عبر الإنترنت – مثل كارلوس شواب- التي ألغت رسوم التداول في العام الماضي، بحسب شبكة “سي.إن.إن.بيزنس”.
وقال محللون في مجموعة “بيسبوك إنفستمنت جروب” في تقرير” منذ أن ذهبت شواب إلى عمولات صفر دولار، كانت الأسهم الأقل سعراً متفوقة بشكل كبير.
وأشار المحللون إلى أن الأسهم ذات أسعار الأسهم الأقل – ما يسمى الأسهم الصغيرة التي تشمل العديد من الشركات التي قدمت طلباتها للفصل 11 – تفوقت بشكل كبير على السوق في الأشهر القليلة الماضية.
وأضافوا: “يبدو أن هذا دليل معقول على أن التجار الصغار يلعبون على الأقل بعض الدور في أداء السوق”.
هذا، قد يعزى بعض الارتفاع في أسهم الشركات المفلسة إلى رغبة المستثمرين في تغطية مركز قصير (تغطية عملية البيع على المكشوف)، عندما يغلق التجار الذين راهنوا ضد شركة مراكزهم عن طريق إعادة شراء الأسهم، ورفع الأسعار.
ويوضح “ديباك بوري ” كبير مسؤولي الاستثمار في الأمريكتين في “دويتشه بنك”: “بالنسبة لمستثمري الأصول المتعثرة، هذا بمثابة عقد إيجار جديد للحياة، ولكن هل هذه الشركات هي فجأة نشاط تجاري قابل للحياة؟ لا. ومع ذلك، يمكن لمتبعي استراتيجية التداول قصيرة المدى الأجل كسب المال”.
ولكن يمكن أن يرتفع سهم الشركة المفلسة أيضًا من قبل التجار الهواة، الذين يشعرون بالملل في التأمين ويبحثون عن ربح سريع، باستخدام منصات مثل “روبينهود”.
وقال “كيرك رودي” متداول سابق في دعاوى الإفلاس: “أعتقد دائمًا أن لدى الناس رغبة نفسية في شراء الأسهم بسعر منخفض”، مشيراً إلى أن مستثمري التجزئة ربما يشترون أسماء كبيرة يتعرفون عليها دون أن يدركوا مدى ندرة حصول المساهمين على أي شيء من الإفلاس”.
ويقول قاضي الإفلاس الأمريكي “ديفيد جونز” تعليقاً على قضية “جي سي بيني” في الشهر الماضي: “لا أحد يفقد حقوق الملكية في قضية إفلاس، تضيع الأسهم قبل وقت طويل من رفع القضية”.
في النهاية، لا بد من معرفة الفرق الكبير بين التداول قصير المدى وهو محاولة المستثمرين الحصول على ربح سريع، والاستثمار على المدى الطويل، وحتى الآن رغم المكاسب القوية لأسهم الشركات المفلسة فإنه ليس هناك أي دليل على أن هذا الارتفاع سوف يستمر وتخرج الشركات من براثن الإفلاس.
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.