تسبب الوباء العالمي في عاصفة كاملة جعلت الذهب تحوط المستثمرين في 2020، ودفعته للتحليق عند أعلى قمة في تاريخه، لكن يبدو أن نهاية العام لن تكون سعيدة بما يكفي لثيران المعدن الأصفر، بعدما تحولت الدفة نحو الأصول الخطرة تاركةً المعدن الأصفر يعاني في الفترة الأخيرة، مع التفاؤل بشأن اللقاح وهدوء المشهد السياسي الأمريكي.
وارتفع الذهب بحوالي 18% منذ بداية العام الجاري، مع تهافت المستثمرين على الملاذ الآمن في أوقات عدم اليقين جراء تفشي كورونا وتداعياته الصحية والاقتصادية، وأيضاً باعتباره وسيلة للتحوط ضد التضخم بعد أن عكفت الحكومات والبنوك المركزية على ضخ تريليونات الدولارات في الأسواق، وخفض معدلات الفائدة لمستويات قياسية لصد ضربة الوباء.
لكن في غضون أسابيع، تغير كل شيء، وكسر الذهب مستوى الدعم الرئيسي 1800 دولار فاقداً أكثر من 14% من قيمته منذ أوائل أغسطس الماضي، حينما عانق مستويات قياسية أعلى 2000 دولار، مما أثار شكوكاً بشأن استمرار السوق الصاعد للمعدن الأصفر في العام المقبل، فلماذا تحول الزخم الذي ناله الملاذ الآمن إلى معاناة مؤخراً؟
شهدت أسعار الذهب تأرجحاً بين الصعود والهبوط في نطاق يتراوح بين 1850 دولار و1950 دولار للأوقية منذ تراجعها من أعلى مستوى على الإطلاق، ورغم ذلك كانت قريبة في بعض الأوقات من اختبار مستوى 2000 دولار مرة أخرى.
*أداء الذهب منذ بداية 2020
لكن وابل من إعلانات لقاحات محتملة للقضاء على أسوأ أزمة صحية غيّر المشهد بشكل كامل، وسيطر الاتجاه الهابط على المعدن الأصفر في الأسابيع الثلاثة الماضية، ليتجه نحو خسائر شهرية تقارب 5% في نوفمبر الجاري.
بينما احتفلت أسواق الأسهم العالمية وسجلت مستويات قياسية، مع إعلان شركتي “فايزر” و”بيونتيك” أول بادرة نحو لقاح لـ”كوفيد-19″ تجاوزت فاعليته 90%، تلقى الذهب في اليوم ذاته (9 نوفمبر) ضربة قوية خسر على إثرها أكثر من 97 دولاراً في أسوأ أداء يومي منذ يونيو 2013.
واستمر الذهب في الخسائر وسط انتعاش الأصول الخطرة وتزايد آمال تعافي الاقتصاد العالمي مع توالي الأخبار الإيجابية بشأن لقاحات أخرى ذات فاعلية عالية للغاية، كشفت عنها شركة “موديرنا”، ثم جامعة “أكسفورد” بالتعاون مع شركة “أسترازينكا”.
ويقول “تاي وونغ” رئيس مشتقات المعادن المتداولة في “بي إم أو كابيتال ماركتس”: “لقد أثر التفاؤل الذي أثارته أخبار اللقاحات الإيجابية بشكل خاص على الذهب، الذي يواصل التراجع على الرغم من ضعف الدولار، كما أنه أقل من المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم الآن، مما قد يؤدي إلى المزيد من عمليات البيع الفنية”.
فضلاً عن أن أنباء اللقاح المنتظر هي السبب الرئيسي وراء هبوط الذهب، فإن هناك عوامل إضافية سببت ضغوطاً على المعدن النفيس حيث بدا الوضع السياسي في الولايات المتحدة أكثر وضوحاً بعد أن أعطى الرئيس دونالد ترامب الضوء الأخضر لإدارة الخدمات العامة لبدء انتقال السلطة إلى الرئيس المنتخب جو بايدن.
كما أكد ترامب على أنه سوف يغادر البيت الأبيض إذا صوت المجمع الانتخابي رسمياً على فوز بايدن، مما قضى على مخاوف كبيرة من صراع طويل بشأن الانتخابات التي رفع الرئيس الجمهوري دعوى قضائية ضد نتائجها.
وتراجع المعدن الأصفر أيضاً مع الرهان على تجارة عالمية وسياسة خارجية أكثر هدوءً في ظل إدارة جو بايدن، وبوادر الانفراجة في أزمة صفقة البريكست مع اقتراب انتهاء الفترة الانتقالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن وسط هذه العوامل السلبية للذهب هل يمكن أن يبقى السوق الصاعد على قيد الحياة؟
انقسمت البنوك الاستثمارية في توقعاتها بالنسبة لأسعار الذهب بين ما يرى أن الدورة الصاعدة للمعدن قد انتهت، وأخرى تقول إن لقاح كورونا قد يبطئ ارتفاع الذهب، لكنه لن يقضي على السوق الصاعد.
ويرى بنك “مورجان ستانلي” أن المعدن الأصفر قد يتراجع إلى 1745 دولاراً في العام الجاري قبل أن يرتفع إلى 1825 دولاراً في 2021، لكنه لن يصل إلى مستوياته القياسية مجدداً، مع التعافي الاقتصادي المتوقع إثر أخبار اللقاح الإيجابية.
فيما كانت “ماكواي جروب” أكثر تشاؤماً حيث أعلنت نهاية الدورة الصاعدة لأسعار الذهب، متوقعةً تراجع إلى 1550 دولار للأوقية في العام المقبل، مع زيادة احتمالية إقرار لقاح كورونا في الأشهر المقبلة، فضلاً عن توقعات ارتفاع عوائد سندات الخزانة لآجل 10 سنوات.
ومع ذلك، فإن الأساسيات طويلة المدى التي كانت داعمة للذهب هذا العام لم تتغير بشكل ملحوظ، حيث تظل أسعار الفائدة الحقيقية أقل من الصفر بينما يظل الدولار الأمريكي ضعيفًا، كما لا يزال خطر تسارع التضخم ممكناً عندما ينتهي الوباء ويرتفع إنفاق المستهلكين خاصة في ظل احتمالية المزيد من التحفيز المالي، مع حقيقة أن محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الصادر مؤخراً أظهر إمكانية تعديل وتيرة شراء الأصول في سبيل تقديم تسهيلات إضافية لتحفيز وتيرة تعافي الاقتصاد.
كل هذه العوامل يعتمد عليها ثيران الذهب في رهانهم على المعدن الأصفر، حيث يرى “آكاش دوشي” رئيس أبحاث السلع في “سيتي جروب” أن أسعار الذهب ستشهد عودة إلى ما فوق مستويات 2000 دولار في عام 2021، طالما لم تتخذ السياسة النقدية الأمريكية منعطفًا متشددًا بشكل غير متوقع.
وعلى الرغم من أن ضعف الدولار لم يقدم دعماً لأسعار الذهب في الفترة الحالية، فإن بعض المحللين يرون أنه في النهاية سوف يسود الدولار باعتباره المحرك المهيمن للذهب وستعتمد المرحلة التالية من هذه الدورة الصاعدة للمعدن على انخفاض العملة الأمريكية.
في النهاية، نحن أمام وجهتين، أحدهما أن تؤدي لقاحات كورونا إلى تضييق الخناق على الذهب، ويضع المستثمرون الأموال في فئات الأصول الأخرى التي ستستفيد من تعافي الاقتصاد، والسيناريو الثاني أن يتكاتف ضعف الدولار الأمريكي وبيئة معدلات الفائدة المنخفضة جنباً إلى جنب مع التسارع المحتمل للتضخم، لدعم استمرار السوق الصاعد للمعدن النفيس، فلننتظر إلى أن وجهة سوف يحرك الذهب بوصلته؟
منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.