إذا كنت تُعتقد بأن الذهب سيظل الملك المتوج في العام الجاري، فإنك قد تُعيد النظر في اعتقادك بعد الخسائر القوية للمعدن الأصفر في الأسابيع القليلة الماضية.
منذ أن تجاوز الذهب العديد من المستويات القياسية وكسر حاجز 2000 دولار في نهاية يوليو وأوائل أغسطس الماضي، اتخذ المعدن مساراً هبوطياً حتى سجل في الأسبوع الماضي أكبر خسائر أسبوعية منذ منتصف مارس المنصرم عندما تسبب ظهور جائحة فيروس كورونا العالمي في إصابة الأسواق بالذعر.
وفقد الذهب حوالي 96 دولاراً أو ما يعادل 4.9% في الأسبوع الماضي ليصل إلى مستوى 1864 دولاراً وسط خسائر على نطاق أوسع في أسواق المعادن حيث تهاوت الفضة بنسبة 15% كما تراجع البلاديوم والبلاتين بنحو 6% و10% على التوالي مع ظهور الموجة الثانية لفيروس كورونا في أوروبا بشكل خاص.
وترى “جورجيت بويلي” استراتيجية العملات الأجنبية والمعادن الثمينة في “ABN AMRO” أنه بينما تجاوز الذهب 2000 دولار للأوقية في يوليو، كان الفشل في العودة إلى تلك المرتفعات يثير قلق المستثمرين من أن ارتفاع المعدن وصل إلى ذروته.
واستطردت قولها: “يشعر بعض المستثمرين بالقلق هنا لأنهم يدركون أنه إذا كان هذا هو أعلى سعر للذهب قبل أن يفقده، فقد تمر سنوات عديدة قبل أن نعود إلى هذه المستويات”، فهل انطفأ توهج الذهب هذا العام وما الأسباب وراء ذلك؟
فضلاً عن أن المستويات القياسية للمعدن الأصفر منحت المستثمرين فرصة بيعية للاستفادة من المكاسب القوية، فإن هناك عاملين رئيسين سببا المزيد من الضغوط على الذهب وهما قوة الدولار الأمريكي وتوقعات تراجع معدل التضخم.
*أداء الذهب منذ بداية العام الجاري 2020
بالنسبة للعامل الأول، مع شراء الذهب وبيعه بالدولار، فإن الدولار القوي يؤثر أيضًا على المعدن بجعله أكثر تكلفة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى.
وكان ضعف العملة الأمريكية دافعًا قوياً لارتفاع الذهب هذا العام، لكن الدولار عكس مساره في الأسبوع الماضي مسجلا أفضل مكاسب أسبوعية في 6 أشهر تقريبا مما دفع المستثمرين إلى بيع الأسهم والذهب وشراء الدولار.
وكانت مخاوف الموجة الثانية لفيروس كورونا وعمليات الإغلاق المتعلقة بها جنباً إلى جنب مع عدم اليقين بشأن حزمة تحفيزية إضافية يقرها الكونجرس الأمريكي لمواجهة تداعيات الوباء الدافع وراء قوة الدولار وتأثير ذلك سلبا على الذهب.
ورغم تقارير بأن الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي يعملون على حزمة تحفيز ضد فيروس كورونا بقيمة 2.4 تريليون دولار يمكن التصويت عليها الأسبوع المقبل إلا أن “إدوارد مويا” كبير محللي السوق في “أوندا” يقول: “الجمهوريون والديمقراطيون في نفس الصفحة حول وضع بعض التحفيز لكنهم غير قادرين على تحديد المبلغ وأن عدم اليقين يدفع المستثمرين نحو الاحتماء بالدولار”.
أما العامل الثاني لهبوط الذهب وهو توقعات تباطؤ التضخم، ففي حين أنه تم الإشارة إلى المكاسب القوية في الذهب هذا العام على أنه غالبًا ما يستخدم كوسيلة للتحوط من التضخم المتوقع بشكل كبير مع مليارات الدولارات التي أنفقتها الحكومات والبنوك المركزية، فإن النظرة الخافتة للتعافي الاقتصادي العالمي تقوض توقعات ارتفاع أسعار المستهلكين مع استمرار الطلب دون المستوى المطلوب.
وانخفض معدل التعادل للتضخم في الولايات المتحدة لمدة 10 سنوات، وهو مقياس لمقدار التضخم الذي يتوقعه المستثمرون على مدى العقد المقبل إلى 1.6% في الأسبوع الماضي وهو أدنى مستوى منذ أوائل أغسطس.
ويرى مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن البنك المركزي وحده لا يستطيع رفع الأسعار وأن الاقتصاد سيتعثر بدون مزيد من المساعدات المالية رغم أن الفيدرالي أقر استراتيجية جديدة مؤخراً تسمح للتضخم بالتسارع أعلى مستهدف البنك البالغ 2% لفترة من الوقت كما أكد على أن معدلات الفائدة ستظل كما هى عند صفر حتى عام 2023 على الأقل.
ويوضح “كارستن فريتش” المحلل في “كوميرزبنك”، أن الذهب انخفض بشكل حاد في الآونة الأخيرة أكثر مما كان يمكن أن تدفعه تطورات أسعار صرف العملات، مشيراً إلى أن تخفيف المخاوف بشأن تسارع التضخم على خلفية ارتفاع أعداد إصابات كورونا قد يكون له علاقة بهذا التراجع القوي للمعدن الأصفر.
كما أكدت “جورجيت بويلي” ذلك قائلةً إن التوقعات المتدهورة للاقتصاد الأمريكي دفعت المستثمرين إلى الرجوع عن تسارع التضخم الذي يتوقعونه في الأشهر المقبلة بالإضافة إلى حث المستثمرين على شراء الدولار، وكلاهما يؤثر على الذهب.
وتابعت: “مع حالات الجديدة والدعوات القوية من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي لمزيد من التحفيز، فأنت تعلم أن هذا يرجع إلى أن الاقتصاد سيكون ضعيفًا وبالتالي سيصبح التضخم ضعيفًا”.
لكن، هل هذا التراجع قصير المدى أم سوف يستمر لفترة طويلة؟ يرى “كريستوفر لوني” الخبير الاستراتيجي في “آر بي سي كابيتال ماركت” أن تراجع الذهب قد يكون مؤقتًا مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مشيراً إلى أن أي صراع إضافي في الفترة التي تسبق التصويت من شأنه أن يساعد في رفع أسعار المعدن النفيس.
في حين توقعت وكالة “فيتش” أن يصل يتراجع متوسط سعر الذهب إلى 1850 دولارًا في 2020 و 2021 ثم ينخفض إلى 1700 دولار في عام 2022، مع ارتفاع المعروض من المناجم عقب انتهاء الإغلاق الكامل بسبب فيروس كورونا.
كما حذر “جيمس ستيل” كبير محللي المعادن الثمينة لدى “اتش اس بي سي” من أن أسعار الذهب يمكن أن تتأثر بأي أخبار جيدة من شأنها أن تعزز سلوك المستثمرين نحو المخاطرة، مشيرا إلى أن البيانات الاقتصادية الواعدة والآمال في لقاح لفيروس كورونا قد تكبح الأسعار مرة أخرى خلال الأشهر المقبلة.
في النهاية، على الرغم من أن استمرار هبوط الذهب في العام الجاري لا يزال غير مؤكد، فإنه قد يكون من الصعب أن يعاود المعدن الأصفر إلى تجاوز مستويات 2000 دولار قبل فترة قد تكون طويلة.
منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.