مع نهاية الربع الأول من 2021، كانت أسعار الذهب الأسوأ أداءً بين فئات الأصول الاستثمارية؛ إذ فقد المعدن الأصفر بريقه وأحبط التوقعات المتفائلة بشأنه في العام الجاري، مسجلاً أكبر خسائر فصلية في أكثر من 4 سنوات، مع الارتفاع القوي للدولار وعوائد السندات الأمريكية.
حيث اتخذ الذهب مساراً هبوطياً خلال الربع الأول في وقت تألقت فيه فئات الأصول الأخرى بداية من الدولار والأسهم الأمريكية مروراً بأسعار النفط وحتى العملات المشفرة، مما أثار مخاوف ثيران المعدن الأصفر بشأن أدائه في العام الجاري، رغم النظرة الإيجابية التي حظي بها الذهب قبل بداية 2021.
وفقد المعدن النفيس نحو 9.5%، ما يعادل 181 دولاراً، من قيمته في الربع الأول من 2021، وهى خسائر لم يشهدها الذهب منذ الربع الأخير من 2016 حينما تراجع تقريباً بحوالي 190 دولاراً تقريباً، واستغرقت الأسعار 5 أرباع لاستعادة الخسائر التي تكبدها خلال هذه الفترة.
ومع النزيف الأخير للأسعار، ابتعد الذهب بأكثر من 20% عن مستوياته القياسية في أغسطس الماضي أعلى 2000 دولار للأوقية، ليتداول حالياً حول مستويات 1730 دولار، مع تطورات إيجابية في محاربة الوباء عززت أصولاً أخرى، لكن في المقابل نالت من جاذبية المعدن النفيس.
*أداء الذهب منذ بداية العام الجاري
ارتفاع الدولار وعوائد السندات:
ساهمت عوامل متعددة في الانخفاض الكبير لأسعار الذهب خلال الربع الأول من هذا العام، ويبقي الدولار الأمريكي صاحب التأثير الأكبر على المعدن، حيث تجعل مكاسب العملة الأمريكية شراء الذهب أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى كونه مقوم بالدولار.
وحقق مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل 6 عملات رئيسية ارتفاعاً بنحو 3.5% في الربع الأول، مسجلاً أفضل أداء فصلي منذ يونيو 2018، حيث يتداول عند أعلى مستوياتها منذ نوفمبر الماضي، مع التوقعات المتفائلة بالنسبة لتفوق الاقتصاد الأمريكي في خروجه من الوباء، مقارنة بنظرائه من الاقتصادات المتقدمة، فلا تزال أوروبا تعاني من استمرار قيود الإغلاق واضطرابات في توزيع اللقاحات.
كما ساهم صعود عوائد السندات الأمريكية لأعلى مستوى في 14 شهراً في الضغط على الذهب، حيث سجل عائد الديون الحكومية لآجل 10 سنوات أفضل أداء فصلي منذ 2016، وجاء ارتفاع العوائد مع مخاوف تسارع التضخم جراء استمرار الإنفاق الضخم للإدارة الأمريكية بشكل خاص، فبعد إقرار حزمة تحفيزية بقيمة 1.9 تريليون دولار، لانتشال الاقتصاد من مأزق وباء كورونا، وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن خطته لتحديث البنية التحتية في الولايات المتحدة تتجاوز قيمتها تريليوني دولار.
في حين أن الذهب يعتبر تحوطًاً ضد التضخم من التحفيز المالي الضخم، فقد هددت عوائد السندات المرتفعة هذا الوضع، لأنها جعلت من امتلاك الدولار أكثر جاذبية كاستثمار من جهة، كما أدت إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر غير المُدر للعائد من ناحية أخرى.
مكاسب قوية للأسهم والبيتكوين:
بالطبع، يؤدي ارتفاع أسواق الأسهم باعتبارها أصول خطرة إلى الضغط على الذهب، حيث تتراجع جاذبية الملاذ الآمن، وحققت الأسهم الأمريكية مكاسب قوية في الربع الأول من 2021، دفعت مؤشر “ستاندرد آند بوزر 500” لتجاوز مستوى 4 آلاف للمرة الأولى في تاريخه خلال الأسبوع الماضي.
وانتعشت شهية المستثمرين نحو المخاطرة، مع تزايد آمال تعافي الاقتصاد العالمي، بقيادة الولايات المتحدة، وبدعم حزمة التحفيز الأمريكية والنهج التيسيري الذي يتخذه الاحتياطي الفيدرالي مع إبقاء معدلات الفائدة منخفضة قرب الصفر والاستمرار في شراء الأصول حتى يتعافى الاقتصاد الأمريكي بشكل كامل من تداعيات الجائحة.
في الواقع، التوقعات المتفائلة للاقتصاد تجعل البيئة غير ملاءمة للذهب –الذي يستفيد من عدم اليقين الاقتصادي أو السياسي، لا سيما مع التقدم بخطى ثابتة في حملات التطعيم بلقاحات كورونا، خاصة في الولايات المتحدة؛ إذ أعلن بايدن أن 90% من البالغين الأمريكيين مؤهلون لتلقي اللقاح بحلول 19 أبريل الجاري، في إطار الوعد الذي قطعه على نفسه بتوزيع 200 مليون جرعة من اللقاحات في أول 100 يوم له في المنصب.
فضلاً عن الأسهم، يبدو أن البيتكوين سحبت البساط مؤخراً من الذهب، مع الارتفاعات القياسية التي شهدتها وتجاوزها مستوى 60 ألف دولار، حيث بدت العملة المشفرة أكثر جاذبية من المعدن الأصفر، خاصة مع تراجع حدة تقلباتها في الفترة الأخيرة، والسماح بها من قبل مؤسسات استثمارية ومالية كبيرة.
ويقول المحللون في بنك “جيه بي مورجان” إن بعض الاهتمام بشأن البيتكوين خلال الربعين الماضيين جاء على حساب الذهب، مستشهدين بتدفقات داخلة بقيمة 7 مليارات دولار إلى صناديق العملة المشفرة الأكبر عالمياً، و20 مليار دولار من التدفقات الخارجة من الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالمعدن الثمين.
*تدفقات صناديق الذهب والبيتكوين
هل يستمر هبوط الذهب؟
لا شك أن أداء الذهب في الربع الأول حطم آمال المحللين الذين توقعوا أن الإنفاق التحفيزي من قبل البنوك المركزية والحكومات سيدفع أسعار المعدن الأصفر إلى مستويات جديدة هذا العام، واضطر بنك “جولدمان ساكس” إلى خفض توقعاته بالنسبة للذهب لمدة 12 شهراً إلى 2000 دولار للأوقية، مقارنة مع تقديراته السابقة في أغسطس الماضي عند 2300 دولار.
ويراهن البعض، وخاصة مستثمري السندات على الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى رفع الفائدة في وقت أقرب من المتوقع، لكبح جماح التضخم، مما يمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض أسعار الذهب، وفي الوقت نفسه، قد تُثبت صحة توقعات الفيدرالي بأن ارتفاع معدل التضخم هذا العام أمر مؤقت، ولا يرفع الفائدة قبل 2023.
في النهاية، تبقى كل السيناريوهات بشأن أداء الذهب واردة في العام الجاري، وما يؤكد ذلك أن هناك بعض المؤسسات لا تزال متحفظة بشأن توقعات المعدن، ومنها “بنك أوف أمريكا” الذي يرى أن الذهب سيستمر في التداول عند حوالي بين 1800 دولار، و2000 دولار للأوقية، مع التحفيز المالي والانتعاش الاقتصادي.
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.