يشهد الذهب فترة غير مسبوقة في تاريخه، بل اكتسب ارتفاعه الحاد مزيدًا من القوة، مع تحطيم العديد من المستويات القياسية ليقفز أعلى من 2000 دولار للأوقية حيث ينظر المستثمرون إلى احتمالات المزيد من التحفيز لمكافحة تداعيات جائحة كورونا، وهبوط قوي في عوائد السندات الأمريكية والدولار.
ومع ازدياد بريق المعدن الأصفر لمعاناً، تتزايد التساؤلات حول إلى أي مدى سوف تستمر مكاسب الذهب، هل سيلتقط أنفاسه ويعود لمستوياته الطبيعية أم أن المجال يتسع أمام المزيد من الارتفاع نحو مستويات 3000 دولار للأوقية؟
مبدئياً، يعتبر المعدن الأصفر أبرز الملاذات الآمنة ويستفيد من حالات عدم اليقين والاضطرابات وهى ما أوجدها الوباء بشكل كبير، بناء على ذلك أصبح الذهب ضمن أكبر الرابحين هذا العام بمكاسب تتجاوز 35% حتى الآن مع وصول سعر العقود الآجلة تسليم شهر ديسمبر إلى مستوى 2049.30 دولار للأوقية عند تسوية جلسة الأربعاء.
*أداء الذهب منذ بداية العام الحالي
في الواقع، تتكاتف كل العوامل لدعم المعدن النفيس، ابتداءً في الأساس من المخاوف حيال الضربة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، مع حقيقة أن استمرارها يعني تعطيل التعافي الاقتصادي.
ونتيجة لذلك، يمكن أن تمتد مكاسب الملاذ الآمن مع استجابة الحكومات والبنوك المركزية لانكماش الاقتصاد بكميات هائلة من التحفيز المالي والنقدي، حيث أقر دول الاتحاد الأوروبي الـ27 مؤخراً صفقة تاريخية تعرف بـ”صندوق التعافي” بقيمة 750 مليار يورو، في حين أن الولايات المتحدة تبحث تمرير حزمة تحفيزية جديدة يناقشها المشروعون في الوقت الحالي بقيمة تريليون دولار.
هذا يأتي مع يقين المسؤولين أن الاقتصاد يحتاج للمساندة حيث ترى “ماري دالي” رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو أن الاقتصاد الأمريكي يحتاج إلى دعم أكثر مما كان يعتقد في الأصل، وهو ما أكده أيضا “روبرت كابلان” عضو الاحتياطي الفيدرالي أن عودة ظهور عدوى كورونا أضعفت التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى أنه يجب دعم الاقتصاد من قبل الكونجرس من خلال الاستمرار في تقديم إعانات البطالة ومساعدة مالية للولايات والحكومات المحلية.
تأتي هذه الدعوات بعد بيانات محبطة لأداء الاقتصادات الكبرى في الربع الثاني من العام الجاري حيث انكمش اقتصاد الولايات المتحدة بأكبر وتيرة على الإطلاق بلغت 32.9%، كما تراجع اقتصاد منطقة اليورو بوتيرة قياسية بنحو 12.1% على أساس سنوي.
بالطبع، البيانات تظهر الحاجة إلى المزيد من التحفيز النقدي والمالي والذي من شأنه أن يمهد الطريق أمام مكاسب إضافية للمعدن الأصفر الذي ينُظر إلى على أنه تحوط ضد التضخم وانخفاض قيمة العملة في ظل كثرة الإنفاق المالي.
ويقول “بول وونج” المحلل لدى شركة “سبروت” في تقرير نقلته وكالة “بلومبرج”: “لقد مهدت الساحة لاستمرار الذهب في الارتفاع، نرى زيادة في الإنفاق المالي في المستقبل، وسياسة نقدية متكيفة للغاية قائمة لسنوات وتعافي اقتصادي صعب، كما ذكر من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي”.
وساهمت الاستجابة العالمية للوباء من جانب البنوك المركزية والحكومات، في شكل خفض معدلات الفائدة وعمليات ضخ السيولة الهائلة في تعزيز التدفقات الداخلة لصناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب خلال النصف الأول من العام الجاري مستوى قياسي عند 734 طنًا كما يوضح الشكل التالي.
*المصرد: www.gold.org
ونظرًا لأن أسعار الذهب القياسية تتصدر عناوين الأخبار، فلن نفاجأ بمشاهدة المزيد من عمليات الشراء الكبيرة من مستثمري التجزئة، مما يوفر بعض الارتفاع الإضافي في السوق.
كما عززت التحولات في سوق السندات الأمريكية الصعود الصاروخي للمعدن الأصفر، وسط دعم إضافي من ضعف الدولار، وتقف عوائد الديون الأمريكية بالقرب من أدنى مستوياتها على الإطلاق كما تراجعت عوائد السندات الحقيقية التي تأخذ في الاعتبار أثر التضخم أدنى الصفر لأول مرة، مما يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لامتلاك الذهب بدون فائدة.
في حين يحوم مؤشر الدولار الرئيسي والذي يتبع أداء الورقة الأمريكية مقابل 6 عملات رئيسية عند أدنى مستوياته منذ عام 2018 مما يقدم المزيد من الدعم لأسعار الذهب المقومة بالدولار مع حقيقة العلاقة العكسية بينهما.
ويتوقع بنك “جولدمان ساكس” أن يضعف الدولار الأمريكي بنسبة 5% أخرى خلال الـ 12 شهرًا القادمة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عودة اقتصادية أقوى من صدمة كورونا خارج الولايات المتحدة، مما يدعم شهية الاستثمار في الملاذ الآمن مع دخولنا المرحلة التالية من التعافي، والتي قد تكون صعبة.
كما يرى “كايل روددا” المحلل في “أي جيماركت”: انخفاض الدولار والعوائد الاسمية، حيث لا تزال المضاربة منتشرة حول النمو العالمي والحزمة المالية أمريكية، هو ما دفع أسعار الذهب إلى الارتفاع بشكل أساسي” مضيفاً: “التوقعات لا تزال قوية للغاية بالنسبة للذهب”.
لكن وسط كل هذا الزخم والتوقعات القوية للمعدن الأصفر تظل هناك مخاطر هبوطية على الملاذ الآمن.
مع وصول الذهب إلى مستويات قياسية، سيغري المستثمرون بشكل متزايد لبيع المعدن من أجل جني الأرباح، ومن الواضح أن السوق في الوقت الحالي في منطقة ذروة الشراء، نظرًا للاتجاه الصعودي القوي التي شهدناها مؤخرًا.
ويقول المحلل “فريتش” من “كومرتس بنك”: “بما أن الذهب في منطقة ذروة الشراء بشكل كبير، فمن الواضح أن هناك بعض عمليات جني الأرباح في مرحلة ما”.
كما أنه من شأن طرح لقاح ضد وباء “كوفيد-19” بشكل سريع، والذي سيؤدي أن إعادة فتح الاقتصادات في جميع أنحاء العالم بوتيرة أسرع، والعودة إلى شكل من الأمور الطبيعية، من المرجح أن يوفر دفعة للأصول الخطرة، ونتيجة لذلك تتراجع الملاذات الآمنة مثل الذهب.
على العكس من ذلك، يرى المحللون في بنك “أي.إن.جي” الاستثماري أنه في حين أن عمليات بيع متجددة في الأصول الخطرة يجب أن توفر ارتفاعًا في الذهب، هناك احتمال أن نرى تكرارًا لشهر مارس الماضي نتيجة لموجة ثانية للوباء أكثر فتكاً، حيث شهدت عمليات البيع في فئات الأصول الأخرى، قيام المستثمرين بتصفية مراكز الذهب من أجل الاحتفاظ بالسيولة.
في حين تتوقع “مارجريت يانج” عبر شركة “ديلي إف إكس” أن التراجع المحتمل للمعدن الأصفر سيكون فقط على المدى القصير، لأن التوقعات بشأن الذهب والمعادن النفيسة الأخرى على المدى المتوسط والطويل لا تزال صعودية على خلفية بيئة أسعار الفائدة المنخفضة والتحفيز المالي والنقدي”.
في النهاية، لن يجد المعدن الأصفر بيئة مناسبة للغاية للارتفاع وتخطي الحواجز القياسية أكثر من البيئة الحالية حيث تقف جميع العوامل كدوافع لدعمه، لكن تظل احتمالات الحركة التصحيحية للمعدن قائمة خاصة وأن مسار تعافي الاقتصاد يعتمد على مسار الفيروس.
منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.