كان الأسبوع الماضي شاهداً على طبيعة البيتكوين المتقلبة، في إشارة جديدة على أن العملة المشفرة الأكبر عالمياً لا يمكن الوثوق بها دائماً، فقطار المكاسب المستمر منذ عام تقريباً لم يكن كافياً لمحو السمعة التي عُرفت بها العملة منذ نشأتها قبل 11 عاماً.
والتقطت البيتكوين أنفاسها أخيراً من الارتفاعات المتتالية واختراق المستويات القياسية، وذاقت طعم الخسائر، وسط مخاوف من أن انفجار فقاعة العملة المشفرة بدأ يلوح في الأفق، لكن لا أحد يعرف ما سيحدث للبيتكوين؛ لا المتشككين ولا المؤيدين ولا حتى مؤسسها “ساتوشي ناكا موتو”!
عودة التقلبات
وفي الأحد قبل الماضي ( 21 فبراير)، كان الجميع يتغنى باستمرار صحوة البيتكوين واختراقها لمستوى قياسي جديد أعلى 58 ألف دولار، وتحليق قيمتها السوقية فوق تريليون دولار، لتمثل حوالي 60% من القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة، لكن بين عشية وضحاها فقدت العملة الافتراضية حوالي 6 آلاف دولار من قيمتها، واستمرت في النزيف لليوم التالي، لتتداول عند مستوى 45 ألفاً.
ولأن البيتكوين هي ملكة التقلبات، عاودت العملة المشفرة الارتفاع أعلى مستويات 50 ألف دولار يوم الأربعاء الماضي، لكنها تهاوت مجدداً أدنى 45 ألفاً بنهاية الأسبوع، مما جعلها تسجل أكبر خسائر أسبوعية منذ هبوطها الحاد في مارس المنصرم، والذي بدأت منه العملة الرقمية مسيرتها الصاعدة.
*أداء البيتكوين خلال أسبوع واحد
وتُعزى موجة الضعف الأخيرة للعملة الافتراضية في الغالب إلى ارتفاع عوائد السندات الأمريكية لأعلى مستوياتها في عام، مع مخاوف تسارع التضخم، لأنه منح المستثمرين فرصة استثمارية أكثر آمناً من الأصول الأخرى حتى الذهب، لأن المعدن لا يدر عائداً، كما أنه أثار مخاوف من تخلي الاحتياطي الفيدرالي مبكراً عن التحفيز، والذي استفادت منه البيتكوين بشكل كبير على مدى الأشهر الـ 11 الماضية، حيث ينظر إليها البعض على أنها مخزن للقيمة.
كما أن الخلاف بشأن شرعية ومصداقية العملة المشفرة لا يزال يلعب دوراً كبيراً في تحركاتها الأخيرة، خاصة أنه بين شخصيات ومسؤولين لهم بالغة التأثير في الرؤى الاستثمارية.
الخلاف مستمر
حتى الآن، لا يزال الجميع متمسك برأيه تجاه البيتكوين، فالاتجاه الصعودي المستمر لفترة ليست قصيرة، لم يُكسب العملة المشفرة أرضاً لدى المتشككين، كما أن تقلباتها الأخيرة لا يبدو أنها سوف يعدل المؤيدين عن دعمهم للعملة.
حقيقةً، لا تحتاج أن تفكر كثيراً لمعرفة أن الملياردير الأمريكي “إيلون ماسك” هو المساهم بشكل كبير في موجة الارتفاعات الأخيرة للعملة المشفرة، سواء من تغريداته العديدة عبر “تويتر” عن البيتكوين وإعجابه بها، حيث يرى أن حيازتها أفضل من النقد التقليدي “الكاش”، الذي له فائدة حقيقة سالبة، أو من خلال الخطوة الكبيرة التي اتخذتها “تسلا” التي يرأسها “ماسك” باستثمار ما قيمته 1.5 مليار دولار من البيتكوين.
ولا ننسى كذلك، “جاك دورسي” واحد من أكثر مؤيدي البيتكوين شهرة، والذي قال ذات مرة إنه يعتقد أنها ستصبح في النهاية “العملة الموحدة” عبر الإنترنت، حيث أعلنت شركة التكنولوجيا المالية “سكوير”، والتي يديرها “دروسي” الرئيس التنفيذي لشركة “تويتر”، أنها اشترت ما قيمته 170 مليون دولار من العملة المشفرة.
هذا، وأعلنت مايكروستراتيجي MicroStrategy””، وهى دائم رئيسي للعملة الرقمية، في الأسبوع الماضي شرائها بيتكوين بقيمة مليار دولار أخرى، ليصبح في حيازتها الآن حوالي 90531 بيتكوين، حيث أن شركة البرمجة الأمريكية التي لم تكن معروفة جيدًا قبل أن تبدأ الاستثمار في العملة المشفرة، شرعت في شراء العملة المشفرة في أغسطس الماضي، وارتفعت أسهمها بأكثر من 400% منذ ذلك الحين.
في المقابل، تجاهلت وزيرة الخزانة الأمريكية “جانيت يلين” هذا القبول المتزايد للبيتكوين لدى مؤسسات كبيرة، وأطلقت تحذيرات بشأن العملة المشفرة، حيث وصفتها بأنها أصل شديد المضاربة، ووسيلة دفع غير فعالة للغاية، محذرةً من استخدامها في نشاط غير مشروع، كما تبنت “كريستين لاجارد” رئيسة البنك المركزي الأوروبي نفس الرأي تقريباً، مؤكدةً أنها لا تعتبر البيتكوين عملة حقيقية.
كما حذر الملياردير الأمريكي “بيل جيتس” من الاستثمار في البيتكوين، قائلاً: “يجب على أي مستثمر لا يمتلك أموالاً بقدر التي يمتلكها ماسك، تجنب الاستثمار في البيتكوين”، مضيفاً: “تقلبات أسعار البيتكوين العشوائية لا تمثل مصدر قلق بالنسبة لأمثال ماسك الذي يمتلك الكثير من الأموال، بينما ستكون المخاطر مقلقة بالنسبة للآخرين”.
هل تنفجر الفقاعة؟
رغم الخسائر الأخيرة لا تزال البيتكوين مرتفعة بحوالي 60% منذ بداية العام الجاري، ونحو 800% منذ القاع المسجل في مارس الماضي، لكن الهبوط بأكثر من 20% في أسبوع واحد يثير القلق بشأن مستقبل العملة المشفرة، خاصة وسط مخاوف ارتفاع التقييمات.
*أداء البيتكوين منذ بداية العام الجاري
فيما يتعلق بالبيتكوين، دائمًا ما تكون التوقعات صعبة، لكن الوضع الحالي يختلف عن انفجار الفقاعة عام 2017، حينما حملت طفرة العملة المشفرة آنذاك كل السمات المميزة للهوس- تقنية جديدة غير مفهومة، ووعود غير واقعية بمكاسب لا نهاية لها، وحرق عشرات المستثمرين الصغار مدخراتهم – وفي 2021، فإن مع الفقاعة الأكبر قد يكون الانهيار كبيراً أيضاً، ورغم ذلك يرى الكثيرون أن الارتفاع الأخير لديه ميزة أنه يقف على أرض صلبة بعض الشيء، كونه مدعوماً باهتمام المستثمرين المؤسسين.
لكن لدى “جيه بي مورجان” وجهة نظر مختلفة، حيث يرى أن صعود البيتكوين جاء وسط زيادة متواضعة في شراء الشركات للعملة، موضحاً: “ما كان ملحوظًا خلال الأشهر الخمسة الماضية هو أن الزيادة البالغة 700 مليار دولار في القيمة السوقية للعملة المشفرة قد حدثت بتدفقات مؤسسية قليلة نسبيًا”، ويقدر البنك أن إجمالي الاستثمار في البيتكوين من شركات مثل “تسلا”، هو حوالي 11 مليار دولار فقط منذ نهاية سبتمبر الماضي، وهو ما يمثل 1.5% فقط من الزيادة في القيمة السوقية للعملة المشفرة.
ومن جانبه، يتوقع “أنتوني سكاراموتشي” مؤسس “سكاي بريدج كابيتال” أن يصل سعر البيتكوين إلى 100 ألف دولار بحلول نهاية العام، لكن في الوقت نفسه، حذر من أن العملة الرقمية قد تنخفض فجأة بنسبة تتراوح بين 20% إلى 50%.
أخيراً، تبقى كل التوقعات واردة بالنظر إلى الطبيعة المتقلبة للبيتكوين، فهل تكون الخسائر الأخيرة مجرد استراحة مؤقتة وتعود العملة المشفرة لتحقق أحلام مؤيديها، أم يستيقظون على كابوس في النهاية؟
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.