أسعار النفط تفقد الزخم.. لماذا انقلب الوضع سريعاً؟

في أوائل مارس، كانت أسعار النفط منتعشة للغاية، وتخطى خام “برنت” حاجز الـ70 دولاراً، وسط توقعات متفائلة باستمرار المكاسب لمستويات جديدة، لكن حالة التفاؤل خفتت مؤخراً، مع تعرض الأسعار لخسائر وتقلبات قوية أثارت الكثير من الشكوك حول إمكانية مواصلة الاتجاه الصاعد الذي تعزز بشكل كبير منذ بداية العام الجاري.

كانت الرواية السائدة أن تخفيضات الإنتاج التي تقوم بها “أوبك بلس” جنبًا إلى جنب مع التعافي المتسارع من الوباء، واندفاع التضخم الناجم عن التحفيز من شأنه أن يستمر في دفع أسعار النفط للأعلى، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن حيث أدى تباطؤ الطلب إلى فقدان أسعار الخام حوالي 12% منذ أعلى مستوياتها في أكثر من عام والمسجلة في أوائل مارس الحالي، حينما تم تداول خام “برنت” أعلى 71 دولاراً للبرميل.

تداول النفط الان

ودفعت هذه الخسائر الخام الأمريكي “نايمكس” للهبوط أدنى 60 دولاراً، قبل أن يأتي حادث سفينة “إيفر جيفن” الجانحة في قناة السويس ويقدم بعض الدعم لأسعار الخام، وسط مخاوف تعطل الإمدادات لعدة أسابيع في إحدى أكثر قنوات الشحن ازدحامًا في العالم للنفط والوقود المكرر وغيرها من التجارة بين آسيا وأوروبا.

*أداء نايمكس منذ بداية العام الحالي

وبرغم ذلك، فإن ما حدث في قناة السويس هو أمر عرضي لن يدعم الأسعار كثيراً، في ظل عوامل مثل مخاوف تباطؤ الطلب وزيادة المخزونات وقوة الدولار الأمريكي التي تضغط على أسعار الخام، وظهر هذا بشكل واضح في رد فعل سوق النفط، فعندما ظهرت المشكلة جلياً يوم الأربعاء الماضي، استعاد الخام بعضاً من خسائره في اليوم السابق حينما تراجعت الأسعار بأكثر من 6%، لكنه عاود الهبوط مرة أخرى يوم الخميس، رغم استمرار أزمة السفينة التي قد يكون تأثيرها محدوداً لأن وجهة معظم ناقلات النفط هي أوروبا، والطلب الأوروبي ضعيف حاليًا بسبب جولة جديدة من الإغلاق.

وتبقى المخاوف المستمرة من موجة ثالثة للوباء في أوروبا وأماكن أخرى السبب الرئيسي في التأثير على أسعار النفط مؤخراً، وسط القلق من تباطؤ انتعاش الطلب العالمي على الوقود، جراء زيادة أعداد إصابات الفيروس، والاضطرابات في توزيع لقاحات الوباء خاصة الأزمة التي شهدناها مؤخراً فيما يتعلق بلقاح “أسترازينيكا” ومزاعم تسبب في جلطات دموية.

وأدت عمليات الإغلاق المتجددة في فرنسا وإيطاليا وألمانيا إلى إضعاف التوقعات الفورية بشأن استهلاك النفط الأوروبي، خاصة، وأن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، شهدت الأسبوع الماضي أكبر زيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا منذ يناير 2021، ليس هذا فحسب، بل ذكرت منظمة الصحة العالمية أن زيادة أعداد الإصابات والوفيات بالفيروس مجدداً وهو اتجاه مقلق للغاية.

وإذا كانت طفرة أسعار النفط في العام الجاري استندت إلى إعادة فتح الاقتصاد العالمي بشكل كبير، فإن الواقع قد لا يكون كذلك، فرغم الجهود المستمرة لتوزيع لقاحات كورونا في جميع أنحاء العالم، لا يزال الوباء في حالة كرّ وفرّ، وتحاول الدول أن تتهيأ لمواجهة التطورات الجديدة المتعلقة بالوباء، وهذا يعطى جرس إنذار أن الفيروس ما زال يعكر صفو سوق النفط، فحتى في ظل التقدم الكبير لعدة دول في حملات التطعيم، تظل أخرى غير قادرة على القيام بذلك، مما يؤكد التفاوت في وتيرة التعافي الاقتصادي العالمي من الجائحة ويدعم الرأي القائل أن الطلب على الخام يحتاج الكثير من الوقت حتى يعود إلى سابق عهد قبل بداية الأزمة.

تداول النفط الان

وفي أحدث تقاريرها، قالت وكالة الطاقة الدولية إن الطلب العالمي على النفط لن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2023، مشيرةً إلى أن نمو الطلب العالمي بمقدار 5.5 مليون برميل يومياً، ليصل إلى 96.5 مليون برميل يومياً في العام الجاري، مما يعني أن الطلب على الخام سوف يسترد حوالي 60% من الحجم المفقود في عام 2020.

كما أضعفت وكالة الطاقة آمال حدوث دورة فائقة لأسعار النفط نتيجة لوفرة المخزونات من الخام، قائلةَ: ” الصعود الكبير لأسعار النفط لتقترب من 70 دولاراً للبرميل أثار حديثاً عن دورة فائقة جديدة ونقص للمعروض يلوح في الأفق، لكن بياناتنا وتحليلنا يشير إلى غير ذلك، حيث ما زالت مخزونات النفط تبدو وفيرة مقارنة مع مستويات تاريخية”، فعلى سبيل المثال، ارتفعت مخزونات النفط الأمريكية في أكبر مستهلك للخام في العالم في الأسبوع الماضي للمرة الخامسة على التوالي بزيادة بلغت 41 مليون برميل منذ الأسبوع المنتهي في 12 فبراير المنصرم، ويشير عدم السحب من المخزون النفطي إلى ضعف الطلب.

كما تشير تقارير عن مصادر بالصناعة أن تعرض سوق النفط العالمية لضغوط يرجع أيضاً إلى أن المنتجين يجدون صعوبات في بيع الخام إلى آسيا، وخاصة الصين، لأن المشترين الآسيويين أخذوا بدلا من ذلك نفطاً أرخص من المخزونات في وقت يضعف فيه الاستهلاك.

وفضلاً عما يتعلق بقوى العرض والطلب، فكان لقوة الدولار الأمريكي وميول العزوف عن المخاطرة تأثيراً كبيراً على أسعار النفط، لكون الخام مقوم بالعملة الأمريكية مما يجعل تكلفة الشراء أعلى بالنسبة لحائزي العملات الأخرى؛ إذ ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة أمام سلة من 6 عملات رئيسية بأكثر من 2% خلال الشهر الجاري.

ورغم تقلبات أسعار النفط في الأسبوعين الماضيين، لا يزال بنك “جولد مان ساكس” متمسكاً بتوقعاته الصعودية حيث يرى أن خام “برنت” سيصل إلى 80 دولاراً للبرميل بحلول الصيف، رغم الرياح المعاكسة التي ذكرتها والمتعلقة بضعف الطلب من الاتحاد الأوروبي، لكن يظل اجتماع “أوبك بلس” في أوائل أبريل الماضي الحدث الأهم الذي يترقبه السوق، فمن الممكن أن يؤدي قرار كبار المنتجين المتوقع بتمديد خفض الإنتاج إلى إعادة الهدوء لسوق النفط، في حين أن أي خطوة غير متوقعة قد تمحو أي أمل في عودة الأسعار للارتفاع.

في النهاية، لا تزال أسعار النفط مرتفعة بحوالي 25% منذ بداية العام الجاري، وقد يكون الهبوط الأخير لها فترة لالتقاط الأنفاس بعد موجة الارتفاعات المتتالية، لكن إذا لم تستمر أسعار الخام في خسائرها، فإنها على الأقل أطلقت تحذيراً بأن الوباء مستمر في عرقلة أي دورة صعودية.

تداول النفط الان

*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.

الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.

شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.

شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.

شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.