شهدت أسعار النفط صحوة كبيرة مع بداية العام الجديد، في محاولة لالتقاط أنفاسها المتقطعة إثر وباء كورونا الذي أذاقها الأمرّين في عام لن يُمحى من ذاكرة ثيران النفط، والآن عادت الأسعار إلى مستويات ما قبل تفشي الجائحة، فهل استيقظ الخام من كابوس “كوفيد -19” أم لا تزال التداعيات مستمرة؟
وبعد أن انهارت أسعار خامي غرب تكساس الوسيط، وبرنت إلى أدنى مستوياتها عند سالب 37.63 دولارًا للبرميل، و19.33 دولارًا للبرميل على التوالي في أبريل الماضي، استطاعت الأسواق أن تستعيد عافيتها مرة أخرى؛ لنرى الآن تداول خام نايمكس أعلى مستوى 50 دولاراً، وبرنت حول 55 دولاراً، وهى الأسعار التي لم نشهدها منذ فبراير المنصرم.
أسباب عديدة تقف وراء انتعاش أسعار النفط مؤخراً؛ ما بين لقاحات يأمل المستثمرون أن تنهي كابوس كورونا وإجراءات الإغلاق التي دمرت الطلب على الخام، وتخفيضات الإنتاج التي تقوم بها أوبك وحلفاؤها، لكن أيضاً لا تزال أنياب الوباء حادة بسلالاته المتحورة، وكأنه يتهرب من اللقاحات، الأمر الذي قد يعرقل المسيرة الصاعدة للخام.
وبالنسبة للجانب المتفائل، فإن التعافي المتوقع للاقتصاد العالمي من شأنه أن يرفع الطلب على النفط في 2021، حيث أن الطرح الواسع النطاق للقاحات كورونا خاصة في أوروبا والولايات المتحدة سيكون له دوراً كبيراً في تخفيف قيود الإغلاق، مما سيساهم في تعافي سريع للاقتصاد العالمي، وسط توقعات بنموه بنسبة تتجاوز 5%، بحسب أحدث تقديرات صندوق النقد الدولي.
هذا بالإضافة إلى استمرار إجراءات التحفيز المالي والنقدي من قبل الحكومات والبنوك المركزية لانتشال الاقتصاد من حفرة كورونا، حيث من المتوقع أن يوافق الكونجرس الذي أصبح تحت سيطرة الديمقراطيين، على حزمة التحفيز الضخمة التي اقترحها الرئيس المنتخب جو بايدن بقيمة 1.9 تريليون دولار؛ لدعم الأفراد والشركات في مواجهة تداعيات الوباء.
وبدعم اللقاحات وآمال المزيد من التحفيز المالي، تتوقع أوبك نمو الطلب العالمي على النفط بنحو 5.9 مليون برميل يومياً خلال العام الجاري، بعد انكماش تاريخي بحوالي 9.8 مليون برميل يومياً في 2020؛ نتيجة للقيود المفروضة على الحركة.
وعلى صعيد المعروض، فكان من المقرر سابقاً أن تقوم “أوبك بلس” بتقليص وتيرة تخفيضات إنتاج النفط البالغة 7.7 مليون برميل يومياً في بداية العام الجاري، بواقع مليوني برميل يومياً، لكن استمرار مخاوف الطلب، دفع كبار منتجي الخام إلى زيادة أقل للإنتاج بحد أقصى 500 ألف برميل يومياً في يناير الجاري، يتم مراجعتها شهرياً.
وفي اجتماع الشهر الحالي، قدمت السعودية هدية كبيرة لأسواق النفط بتعهدها خفض إنتاج من الخام بنحو مليوني برميل يومياً خلال الشهرين المقبلين، على الرغم من اتفاق المنظمة وحلفائها على عدم إجراء تغيرات كبيرة للإنتاج النفطي.
وكان لقرار السعودية بشكل خاص أثراً إيجابياً كبيراً على أسعار النفط، لتصل مكاسب خامي غرب تكساس الوسيط، وبرنت إلى حوالي 8%، و6.6% على التوالي منذ بداية العام الجديد.
وتوقع بنك “جولدمان ساكس” ارتفاع سعر خام برنت إلى 65 دولاراً للبرميل بحلول صيف 2021، موضحاً أن فوز الديمقراطيين بانتخابات الإعادة في مجلس الشيوخ الأمريكي وإعلان السعودية الأخير عن التخفيضات الطوعية للإنتاج، زادت من توقعات تشديد المعروض من النفط على المدى المتوسط.
وبعيداً عن تخفيضات أعضاء أوبك، فإن إنتاج النفط في الولايات المتحدة له تأثير على الأسعار، فعلى الرغم من أننا شهدنا انتعاشًا في نشاط الحفارات في الأسابيع الأخيرة، فإنه لا يزال أقل بكثير من مستويات ما قبل “كوفيد-19″، حيث بلغ عدد منصات التنقيب في الولايات المتحدة 287 منصة، بانخفاض أكثر من 50% منذ منتصف مارس الماضي، لذلك من المتوقع أن يستمر تراجع الإنتاج الأمريكي بمقدار 300 مليون برميل يومياً على أساس سنوي، ليصل لمتوسط 11.1 مليون برميل يومياً، رغم أنه أقل من التراجع المُقدر بنحو 850 مليون برميل يومياً في عام 2020.
*اسعار النفط منذ بداية عام 2020
أما بالنسبة للتحديات التي قد تواجهها أسعار النفط في 2021، تظل توقعات الطلب تمثل أكبر حالة من عدم اليقين والمخاطر بالنسبة للسوق، رغم أن التطورات الأخيرة للقاحات إيجابية لتوقعات الطلب، لكن من المحتمل أن يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يصبح اللقاح متاحًا على نطاق واسع، لذا قد ننتظر على الأقل حتى منتصف العام الجاري، لكي نرى تعافياً ملموساً للطلب العالمي على النفط، لكنه قد يستغرق فترة أطول منذ ذلك للعودة لمستويات ما قبل الوباء.
كما أن احتمالية تشديد إجراءات الإغلاق، وسط مخاوف حدوث موجات أخرى من كورونا لا تزال تؤثر على معنويات المستثمرين، خاصة مع عودة الإصابات مجدداً في الصين- ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.
هذه المخاطر السلبية لسوق النفط، قد تجعلنا نرى سعر خام “برنت” أدنى 50 دولاراً مجدداً في العام الجاري، وهذا ما توقعته وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني على لسان المحلل “ديمتري مارينشينكو” بأن التقدم في التطعيم الشامل بلقاحات كورونا ربما لن يكون سريعًا للغاية، لذلك فإن مع ضعف الطلب ومحاولة أوبك إدارة الإمدادات، لتجنب فائض أو عجز كبير في السوق، من المتوقع أن يتراجع “برنت” إلى 45 دولاراً في 2021.
في النهاية، تبقى توقعات ارتفاع أسعار النفط في العام الحالي غير مؤكدة، وإن كانت هي الأقرب للحدوث، لكن الأمر المؤكد أن مسار أسعار الخام سيعتمد لحد كبير على مسار الفيروس وتطوراته المتعلقة بتوزيع واسع للقاح من ناحية، أو العودة لتشديد إجراءات الإغلاق من الناحية الأخرى التي يخشاها مستثمرو النفط.
*منصة eToro هي منصة متعددة الأصول تُتيح إمكانية الاستثمار في الأسهم والأصول الرقمية، بالإضافة إلى التداول على أصول عقود الفروقات. يرجى ملاحظة أن عقود الفروقات هي أدوات مُعقدة وتتضمن مخاطر عالية بخسارة سريعة للأموال بسبب الرافعة. ينبغي عليك مراعاة ما إذا كنت تتفهم كيفية عمل عقود الفروقات وما إذا كنت تستطيع تحمل مخاطر عالية بخسارة أموالك.
الأصول الرقمية هي أدوات غير مستقرة ويمكن أن تتعرض لتقلبات سعرية هائلة في فترات زمنية قصيرة للغاية، وبالتالي فإنها ليست مُناسبة لجميع المُستثمرين. بخلاف العقود مقابل الفروقات، فإن تداول العملات الرقمية لا يخضع للتنظيم، وبالتالي لا تخضع لإشراف أي إطار تنظيمي بالاتحاد الأوروبي. رأس مالك في خطر. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية.
شركة eToro (Europe) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والبورصات القبرصية (CySEC) بمقتضى الترخيص رقم 109/10.
شركة eToro (UK) Ltd، هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات المالية مرخصة وخاضعة لتنظيم هيئة مراقبة السلوكيات المالية (FCA) بمقتضى الترخيص رقم FRN 583263.
شركة eToro AUS Capital Pty Ltd هي شركة خاضعة لتنظيم هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC)، مُتخصصة في تقديم الخدمات المالية بموجب ترخيص الخدمات المالية الأسترالية 491139.