كيف تنشئ استراتيجية
لاستثمارِ القيمة

استثمار القيمة هو استراتيجية استثمار تعتمد على الاستثمار في الأسهم التي يعتقد المستثمرون أنها تُتداول بأقل من قيمتها الحقيقية، ويعتمد هذا الأسلوب في الاستثمار على مفهوم القيمة العادلة أو القيمة الجوهرية للسهم والتي تختلف عن السعر الذي يُتداول به السهم في البورصة.

---

حرص المستثمرون منذ نشأة أسواق الأسهم على إيجاد أفضل الطرق لتحقيق أكبر عائد وبأدْنى نسبة مخاطرة ممكنة. ويُعَدُّ استثمار القيمة أحد أشهر الأساليب التي ينهجها المستثمرون في أسواق الأسهم عبر العالم.

استثمار القيمة هو أسلوب استثمار مشهور يعتمد خلال عملية الاستثمار على اختيار أسهم الشركات المتداولة في البورصة التي تكون مقيّمة بسعر أدنى من قيمتها الحقيقية، والتي تسمى القيمة العادلة. ويعتمد مستثمرو القيمة على التحليل الأساسي ومجموعة من المؤشرات المالية والنوعية لإيجاد فرص الاستثمار في أسهم القيمة.

تابع قراءة هذا المقال لمعرفة المزيد حول تعريف استثمار القيمة وما هي أسهم القيمة وكيف يمكنك الاستثمار فيها وأبرز مزايا هذا الأسلوب.

ما هو استثمار القيمة؟

استثمار القيمة هو طريقة استثمار تهدف إلى تحقيق أكبر حجم من الأرباح للمستثمر مع تقليل نسبة المخاطرة في الأسواق من خلال الاستثمار في الأسهم التي يتم تداولها في الأسواق بسعر يكون أدنى من قيمة السهم الحقيقية. ويعتمد هذا الأسلوب في الاستثمار على مفهوم القيمة العادلة أو القيمة الجوهرية للسهم والتي تختلف عن السعر الذي يُتداول به في البورصة.

يعتمد استثمار القيمة على فكرة أن العديد من الأسهم يتم تداولها في السوق بسعر أدنى من القيمة الجوهرية الخاصة بها. فقيمةُ السهم تتحدد حسب مدرسة استثمار القيمة بالمؤشرات المالية للشركة ومدى نجاح أعمالها. لذلك فَمستثمرو القيمة دائمًا ما يبحثون عن الأسهم التي تبدو متداولة بسعر أرخص من قيمتها الفعلية للاستثمار فيها وتحقيق العائد عندما يرتفع السعر ليعكس قيمة الشركة الحقيقية. فإذا عرف المستثمر قيمة الشركة الحقيقية فإنه سيستطيعُ تحقيق عائد.

أنجبت مدرسة استثمار القيمة العديد من المستثمرين العظماء الذين راكَموا ثروات كبيرة بفضل أفكار بنجامين غراهام الذي يعتبر مؤسس هذا الأسلوب. بالإضافة إلى أن غراهام هو الأب الروحي لاستثمار القيمة، كان غراهام مستثمرًا ناجحًا أيضًا، وسار على نهجه مستثمرون آخرون على غرار شيلبي كولوم ديفيس وجويل جرينبلات وإيرفينغ كان ومايكل لي تشين وديفيد ابرامز وتوم جاينر، ويبقى “عرّاف أوماها” وارن بافيت المستثمر الأشهر على الإطلاق.

تطبيق استراتيجية استثمار القيمة

عادةً ما يلجأ مستثمرو القيمة إلى تفضيل نهج الشراء والاحتفاظ، حيث قد يستغرق الأمر بعض الوقت لكي يدرك السوق القيمة الحقيقية للأسهم. 

يعتبر أسلوب استثمار القيمة أسلوبًا ذا إطار زمني بعيد، فقد يستغرق المستثمرون الكثير من السنين حتى يحققوا العائد المرجو من استثماراتهم.

كيفية تحديد استثمارات الأسهم ذات القيمة 

يحتاج تحديد أسهم القيمة إلى الكثير من البحث والتدقيق في أساسيات الشركات التي قد يتجاوز عددها الآلاف، فقبل اتخاذ القرارات المناسبة يتوجب على كل مستثمر دراسة المؤشرات المالية والنوعية للعديد من الأسهم لمعرفة القيمة الجوهرية لكل شركة ومقارنتها بالشركات التي تنشط في نفس القطاع. 

يحرص المستثمرون عادة على إيلاء الأهمية لحالة الشركة المالية من خلال تحليل مؤشرات الربحية كنسبة التدفقات النقدية والأرباح المحققة وتوزيعات الأرباح  على المساهمين، ونسبة مديونية الشركة، وحجم الإيرادات، بالإضافة إلى المؤشرات النوعية كقدرة الشركة على الابتكار وكفاءة الإدارة. هذا البحث والتدقيق قد يستغرق المستثمرون فترات طويلة قبل إيجاد الأسهم المناسبة والتي تتوافق مع معاييرهم ونسبة المخاطرة التي يتحملونها.

استثمار القيمة مقابل الاستثمار في النمو

استثمار النمو – أو استثمار أسهم النمو – هو أسلوب استثمار يعتمد على شراء أسهم الشركات التي تحقق نموًا كبيرًا في مؤشراتها المالية بهدف تحقيق عائد على المدى المتوسط والطويل عندما يرتفع سعر هذه الأسهم. وعادةً ما تشمل أسهم النمو أسهم الشركات الناشئة التي تحقق نسب نمو في الإيرادات يفوق معدل النمو في القطاع الذي تنشط فيه، أو الشركات التي تطور منتجات جديدة مبتكرة.

يمكن اعتبار أسلوب استثمار النمو نقيضًا لاستثمار القيمة، حيث أن هذا الأخير يعتمد على الاستثمار في أسهم الشركات ذات الجودة العالية، على عكس أسهم النمو التي قد لا تحقق أي أرباح من خلال أنشطتها؛ حيث يهدف المستثمرون إلى تحقيق الربح من خلال بيع هذه الأسهم بسعر أعلى مستقبلًا.

 وعلى عكس أسهم القيمة التي تكون مقيّمة في السوق بسعر أدنى من قيمتها الحقيقية، تكون أسهم النمو مقيّمة بسعر يفوق كثيرًا قيمتها الدفترية، حيث يعتقد المستثمرون أنَّ نسب النمو العالية في أعمال الشركة سيدفع السعر لارتفاع أكبر.

لمساعدة المستثمرين على مقارنة الأسهم والقطاعات، يتم تحويل الكثير من البيانات المالية هذه إلى مضاعفات ونسب. على الرغم من أنها قد تبدو معقدة في البداية، إلا أن هذه النسب يمكن أن تساعد في تبسيط عملية التقييم من خلال مقارنة العناصر المختلفة لأداء الشركة وجمعها في رقم واحد، مثل نسبة السعر إلى الربح، والتي تقيس سعر سهم الشركة مقابل أرباحها. كلما انخفضت نسبة السعر إلى الربح، زادت احتمالية أن تكون الشركة مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.

ما هي استراتيجية استثمار القيمة العميقة؟

تتضمن استراتيجية استثمار القيمة العميقة تحديد الأصول المقومة دون قيمتها بشكل مبالغ فيه والاستثمار فيها. هذا النهج منتشر في سوق الأسهم، حيث يبحث المستثمرون عن أسهم الشركات التي يتم تداولها بأسعار أقل بكثير من قيمتها الجوهرية أو الحقيقية. 

يتطلب هذا النهج تحليلًا دقيقًا لتحديد الأصول المتعثرة أو المقومة بأقل من قيمتها مع إمكانية تحقيق نمو كبير على المدى الطويل. غالبًا ما يستهدف مستثمرو القيمة العميقة الشركات التي تواجه تحديات مؤقتة أو فرصًا يتم تجاهلها، معتقدين أن السوق سيدرك في النهاية قيمتها الحقيقية، مما يؤدي إلى تحقيق عوائد كبيرة. تتطلب هذه الاستراتيجية الصبر والتحليل العميق والاستعداد لتحمل تقلبات السوق على المدى القصير لتحقيق مكاسب على المدى الطويل.

مخاطر استثمار القيمة

على غرار جميع أنواع الاستثمار، يتضمن استثمار القيمة نفس المخاطر المتعلقة بالاستثمار في الأسواق المالية، بالرغم من أنَّ هذا النهج يتميز نوعًا ما بانخفاض مستوى المخاطرة وحدة التقلب مقارنة بأساليب أخرى إلا أنَّ احتمال الخسارة يبقى واردًا دائمًا لذلك يتوجب القيام بأبحاث ودراسة معمقة قبل اتخاذ أي قرار استثماري.

بسبب الدورات الطبيعية لسوق الأسهم، تعرف أسعار الأسهم ارتفاعات وانخفاضات مستمرة. بغض النظر عن مدى دقة تحليلك، إذا اشتريت سهمًا ما، فأنت تعرض نفسك لمخاطر السوق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض المخاطر خاصة بالأسهم والشركات نفسها. من السهل تفويت المؤشرات التي تشير إلى أن السهم الذي تهتم به ليس مقومًا بأقل من قيمته الحقيقية. حتى لو كان تحليلك دقيقًا، فإن أي ارتفاع محتمل في الأسعار قد يتطلب محفزًا، كخبرٍ أو إعلان؛ وهذا يستغرق بعض الوقت حتى يتحقق، ويمكن أن تظل الأسهم المقومة بأقل من قيمتها الحقيقية لفترات طويلة من الزمن.

التحوط على استثمار القيمة 

استثمار القيمة هو أسلوب استثماري طويل الأجل. ومع ذلك، فإن الاعتماد فقط على الأسهم ذات القيمة يمكن أن يكون له عيوبه. يمكن أن يساعد بناء محفظة متنوعة من حيث الاستراتيجيات وفئات الأصول على تقليل المخاطر في محفظتك. كما يمكنك أيضا استعمال أحد أساليب التحوط التالية:

• الخيارات: الخيارات يمكن أن تكون بمثابة وسيلة تأمين ضد تراجع الأسعار؛ حيث أنها تمنح حاملها الحق، ولكن ليس الالتزام، بشراء أو بيع أداة أساسية في تاريخ مستقبلي. من الممكن شراء الخيارات في الأسهم الفردية أو مؤشرات الأسهم، حيث توفر هذه الأخيرة حماية إضافية ضد هبوط السوق.
• مؤشر VIX: مؤشر VIX هو أداة قابلة للتداول تقيس تقلبات الأسعار في الأسواق المالية. تميل التقلبات إلى الزيادة خلال لحظات عدم اليقين في السوق أو الأزمات الاقتصادية، لذا فإن الاستثمار في VIX يمكن أن يوفر الحماية ضد تراجع أسعار الأسهم، بما في ذلك أسهم القيمة.
• الأسهم الدفاعية: توضح البيانات التاريخية أن بعض الأسهم تميل إلى الاحتفاظ بقيمتها بشكل أفضل من غيرها خلال فترات الركود في السوق. تشمل أمثلة الأسهم الدفاعية شركات تصنيع الأغذية وشركات الرعاية الصحية والمرافق، نظرًا لأنه مهما كانت الظروف الاقتصادية السائدة، سيظل الطلب على المواد الغذائية والأدوية مستقرًا.

خاتمة

استثمار القيمة هو أسلوب استثمار يهدف إلى تحقيق أكبر عائد مع تقليل نسبة المخاطرة في الأسواق من خلال الاستثمار في الأسهم التي يتم تداولها في الأسواق بسعر يكون أدنى من قيمة السهم.

المبادئ الأساسية لاستثمار القيمة واضحة جدًا، على الرغم من أن إتقان الاستراتيجية سيتطلب بعض الوقت والجهد. لحسن الحظ، يقدم معظم الوسطاء المرموقين العديد من الأدوات التي تدمج النسب والمضاعفات الأساسية وتقدم البيانات المالية الأساسية.

زر  أكاديمية eToro لتعرف المزيد عن استثمار القيمة.

اختبار

أسئلة شائعة

ما هي أبرز سلبيات استثمار القيمة؟

حتى إذا قمت بإيجاد الأسهم المقومة بأقل من قيمتها بشكل صحيح، فلا توجد ضمانات فيما يتعلق بتوقيت أو حدوث ارتفاع في سعرها. كما أن اتباع هذا النهج لا يضمن تحقيق عائد، كما هو الشأن في جميع استراتيجيات الاستثمار الأخرى.

ما هي أفضل المقاييس التي يجب استخدامها عند إجراء تحليل القيمة؟

تشمل المقاييس الشائعة نسبة السعر إلى الأرباح ” P/E” ونسبةَ السعر إلى القيمة الدفترية ” P/B”. يكمن أحد الجوانب الرئيسية لاستثمارِ القيمة الناجح في معرفة أداة التحليل التي يجب تطبيقها على سهم أو قطاع معين.

ماذا لو كان تحليلي يشير إلى أن السهم مبالغ في قيمته؟

من الممكن تحقيق عوائد عند انخفاض أسعار الأسهم من خلال عملية البيع على المكشوف. يعتبر البيع على المكشوف عمومًا أكثر خطورة من الاستثمار التقليدي، حيث أن الخسائر المحتملة غير محدودة. على الرغم من المخاطر المتضمنة في هذه العملية، فإن بيع الأسهم المبالغ في قيمتها يوفر طريقة إضافية للتحوط ضد مخاطر السوق. تشتهر صناديق التحوط باستخدام استراتيجيات بيع على المكشوف قصيرة الأجل، مما يمكنها من تحقيق عوائد مع الحفاظ على مركز إجمالي محايد في السوق.